هزيمة إيران في العراق هي مطلب شعبي

الشيطان الأكبر هو القوة التي تقف أمام الطموح الإيراني في المنطقة. هذا التعريف أفضل.

ليس هناك من تفسير مقنع لما قام به أفراد من الحشد الشعبي حين تظاهروا أمام السفارة الأميركية ببغداد، منددين بما أسموه عدوانا أميركيا على العراق وهم يقصدون الضربات التي وجهتها طائرات أميركية لمعسكرات تابعة لكتائب حزب الله العراقي.

ما فعلته الولايات المتحدة لا علاقة له بانتهاك السيادة العراقية. فالضربات لم توجه إلى أماكن تخضع لنفوذ الدولة العراقية ولا هي جزء من الأراضي العراقية إلا اسميا.

كتائب حزب الله هي الذراع الأكثر صلة بالحرس الثوري الإيراني من الأذرع الأخرى وهي لا تأتمر إلا بما يأمر به قاسم سليماني. لذلك فإنها تفعل ما يريده النظام الإيراني من غير حاجة إلى العودة إلى الحكومة العراقية.

وإذا ما تم اعتبار الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية وطنية وهو ليس كذلك فإن انتساب كتائب حزب الله هو نوع من التمويه. فقيادة الحشد لا يمكن ان تعرف شيئا مما يدور في سراديب تلك الكتائب.

وإذا ما عدنا إلى الموقف الأميركي فإن الضربات كانت اضطرارية وليس بناء على موقف مبدئي. لو لم توجه القوات الأميركية تلك الضربات لكان وضع الرئيس ترامب قد تعرض للاهتزاز في ظل المطالبات بعزله.

كان هناك مواطن أميركي قد قتل بنيران تلك الميليشيا الإيرانية. وهو ما لا يمكن السكوت عليه. بل أن السكوت عليه يعد جريمة. أبعد كل ما بذلته الإدارة الأميركية من جهود من أجل اضعاف إيران تنجح إيران في قتل مواطن داخل قاعدة أميركية؟

موضوعيا يمكنني القول إن الميليشيا العراقية التابعة للحرس الثوري أعلنت الحرب على الولايات المتحدة وكانت هي البادئة. كان الرد الأميركي جزءا من تلك الحرب التي لم يكن العراق قد أُنذر بوقوعها بالرغم من أن وزير الدفاع الأميركي شخصيا قد حرص على ابلاغ رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي بأن الولايات المتحدة عازمة على الرد.

هل كان على الولايات المتحدة من وجهة نظر متظاهري الحشد الشعبي الغاضبين أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى مواطنيها يتعرضون للقتل بل ويقتلون؟

صحيح أنهم من خلال شعاراتهم عادوا إلى نظرية الشيطان الأكبر غير أن ذلك الشيطان كان هذه المرة موقع اعتداء. دولة أقل أهمية من الولايات المتحدة ما كان في إمكانها أن تترك مواطنيها للقتل.  

الشيطان الأكبر هو مفهوم رمزي يُقصد به القوة الدنيوية الكبرى. أي أن إيران تعترف أن أميركا التي يخرج عقائديو الولي الفقيه في مسيرات من أجل الدعاء عليها بالموت هي القوة الأكبر في عصرنا.

فهل يُعقل أن تسمح تلك القوة الكونية لأحد ذيول إيران بأن يقوم بالاعتداء على قواعدها والاضرار بمصالحها وقتل مواطنيها؟

يمكنني القول إن المساكين المضللين الذين استعرضوا بطريقة بلهاء ولاءهم لإيران أمام السفارة الأميركية ببغداد يقودهم زعماء الحشد الشعبي لا يدركون حقيقة أنهم يدخلون في سباق خاسر. فهم لا يتذكرون أصلا أن إيران لا تزال عبر أربعين سنة تدفع ثمن مغامرة احتلال السفارة الأميركية في طهران من قبل مراهقي الحرس الثوري.

أعتقد أن الولايات المتحدة في الحالة الراهنة لن تلجأ إلى معاقبة العراق. فهي تعرف أن عدوها يقيم على الأراضي العراقية من غير ان يوافق العراقيون على تلك الاقامة. ودليلها في ذلك التظاهرات المستمرة منذ ثلاثة أشهر والتي تنادي بالمطالبة بإنهاء الهيمنة الإيرانية والتخلص من ذيولها.

معادلات الحرب واضحة.

لن يستطيع أتباع إيران تمرير كذبة السيادة العراقية التي تم الاعتداء عليها. فالسيادة العراقية مخترقة أصلا من خلال وجودهم وهم الذين رفعوا أمام السفارة الأميركية صور خامنئي وسليماني وكتبوا على الجدران شعارات تؤكد عبوديتهم بطريقة ذليلة للإثنين.

هناك حقيقتان يجب الاعتراف بهما.

الاولى هي أن الولايات المتحدة تقاتل إيرانيين في العراق. أما الثانية فإنها تؤكد هزيمة إيران في العراق واندحارها هما مطلب شعبي عراقي، يتمنى الكثير من العراقيين لو أن الولايات المتحدة استجابت له.