هزيمة مذّلة لأردوغان في إعادة انتخابات اسطنبول

هزيمة حزب العدالة والتنمية في إعادة الانتخابات البلدية باسطنبول تعزز الانقسامات في حزب الرئيس التركي وتعمق شروخه وسط تململ قيادات بارزة.

فوز إمام أغلو 'فوز للديمقراطية' ونكسة لإسلاميي تركيا
يلدريم يقرّ بهزيمته مهنئا مرشح المعارضة  
نكسة انتخابية كبيرة للرئيس التركي الساعي لترميم التصدعات في حزبه
العدالة والتنمية يخسر اسطنبول بثقلها الانتخابي والاقتصادي
تصويت عقابي يسلط الضوء على رفض اسطنبول لسياسات اردوغان الاستبدادية

اسطنبول - تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية صفعة جديدة اليوم بعد أن أظهرت النتائج الأولية لإعادة انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول تقدم مرشح المعارضة أكرم امام أوغلو بفارق كبير على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم.

وأقرّ يلدريم بهزيمته التي تنهي ربع قرن من هيمنة العدالة والتنمية الحاكم فيما تعتبر اسطنبول مركز نفوذ حيوي اقتصاديا وسياسيا ثقلا انتخابيا مهما للأحزاب التركية المتنافسة.

ويعتبر فوز أكرم إمام أغلو مرة ثانية في جولة الإعادة التي دفع إليها اردوغان بشدّة ومارس ضغوطا شديدة لإعادتها، نكسة انتخابية من العيار الثقيل للرئيس التركي الطامح لترسيخ حكم استبدادي.

وذكرت قناة 'سي.إن.إن ترك' التلفزيونية اليوم الأحد أن مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو متقدم في إعادة انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول بواقع 53.6 بالمئة مقابل 45.4 بالمئة لمرشح الحزب الحاكم يلدريم بعد فرز نحو 95 بالمئة من الأصوات.

أكرم امام أوغلو الرجل الذي هزّ عرش أردوغان
أكرم امام أوغلو يهز عرش أردوغان ويربك طموحاته السلطوية

وهنأ يلدريم منافسه مرشح حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) إمام أوغلو وعبر عن أمله في أن يخدم المدينة جيدا، مؤكدا أن تلك الانتخابات تظهر أن الديمقراطية التركية تعمل بشكل مثالي. وقال "طبقا للنتائج حتى الآن، فإن منافسي يتصدر السباق. أهنئه وأتمنى له التوفيق".

وقبل ايام من اعادة الانتخابات شنّ اردوغان هجوما عنيفا على امام أغلو واتهمه بـ"الإرهاب" وأنه على صلة بشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016.

ولم تهدأ حملات أردوغان الدعائية منذ الانتخابات السابقة التي دفع بشدة لإعادتها على أمل إزاحة مرشح المعارضة، لكن نتائج الإعادة حسمت الأمر ولم تبق للرئيس التركي هامشا واسعا من المناورة على خلاف الظرف السابق الذي توفر له للانقلاب على نتائج الانتخابات بدعوى وجود مخالفات انتخابية وموظفين في مكاتب الاقتراع موالون لغولن.

وصوت الناخبون في اسطنبول مرة جديدة الأحد لانتخاب رئيس بلديتهم بعد إلغاء نتائج انتخابات سابقة فاز بها المرشح المعارض لاردوغان، في اقتراع جديد قد يؤدي إلى إضعاف الرئيس مهما كانت نتائجه.

وجرت هذه الانتخابات بعد نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات البلدية التي نظمت في 31 مارس/اذار وفاز بها أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري والمعارض البارز، إذ تمكن من التقدم بفارق بسيط على رئيس الوزراء السابق بن علي يلديريم أقرب المقربين من أردوغان.

وألغيت النتائج بعد تقديم حزب العدالة والتنمية (إسلامي) الحاكم طعونا لوجود "مخالفات كثيفة". ورفضت المعارضة هذه الاتهامات منددة بـ"انقلاب على صناديق الاقتراع" ورأت في الانتخابات الجديدة "معركة من أجل الديمقراطية".

أكرم امام أوغلو
أكرم امام أوغلو ينهي هيمنة الاسلاميين على بلدية اسطنبول

وصرّح إمام أوغلو البالغ من العمر 49 عاما بعد إدلائه بصوته في معقله في بيليك دوزو أن "شعبنا سيتخذ خيارا لمصلحة الديمقراطية واسطنبول والشرعية في انتخابات من أجل المستقبل"، مضيفا "في نهاية المطاف كل شيء سيجري على ما يرام"، مكررا شعار حملته بعد إلغاء الانتخابات الأولى.

ولا يشكل اقتراع اسطنبول الأحد مجرد انتخابات بلدية بل أيضا امتحانا لشعبية أردوغان وحزبه في وقت تواجه فيه تركيا صعوبات اقتصادية كبيرة. ولم يتردد أردوغان بالقول "من يفز في اسطنبول يفز بتركيا".

والرهان بالنسبة إليه هو الاحتفاظ بالعاصمة الاقتصادية لتركيا البالغ عدد سكانها 15 مليون نسمة ويسيطر عليها حزبه منذ 25 عاما. أما المعارضة، فترى في هذه الانتخابات فرصة لتكبيد أردوغان أول هزيمة كبيرة له منذ 2003.

وقال الرئيس التركي بعد الإدلاء بصوته في الجانب الآسيوي من اسطنبول "أنا متأكد من أن سكان اسطنبول سيتخذون القرار الأنسب"، لكن النتائج جاءت على عكس توقعاته.

واعتبر يلديريم من جهته بعد الإدلاء بصوته أنه حان الوقت لطي صفحة الحملة الانتخابية التي كانت بغالبيتها شرسة و"التركيز على المستقبل".

ومهما كانت نتيجة انتخابات الأحد، يعتبر بعض المحللين أنها ستضعف أردوغان، فإما أن يتلقى هزيمة جديدة مذلة قد تعزز الانشقاقات في حزبه وإما أن يحقق فوزا يبقى مشوبا بإلغاء انتخابات مارس/اذار.

وطالما أن نتائج الانتخابات رجحت كفة امام أوغلو فإن الهزيمة المذلة لاردوغان ستعزز بالفعل الانقسامات في حزبه وستفتح الباب أمام شروخ كبيرة على ضوء تململ قيادات من الصف الأول رفضا لسياسات الرئيس الذي يتهم بأنه ينفرد بالقرار.