
هل باتت أيام السجائر الإلكترونية معدودة؟
واشنطن - يبدو ان تسويق السجائر الالكترونية بات مهددا مع انقسام حاد حول مضارها وإصابة المئات من الأشخاص بمرض رئوي غامض دفع البيت الابيض واطرافا اخرى لاعلان الحرب على ما يقدم الى حد الان على انه بديل صحي للتبغ التقليدي.
والخميس أعلنت حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمها حظر بيع السجائر الإلكترونية المنكّهة في الأشهر المقبلة، في ظل الرواج المتزايد لهذه المنتجات في المدارس والجامعات الأميركية.
وقال الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض "يعتقد كثر أن تدخين السجائر الإلكترونية أمر رائع. لكنه ليس رائعا البتة بل يؤدي إلى الكثير من المشكلات".
وأعلنت السلطات الصحية في الوقت عينه حظر بيع السوائل المنكّهة، بالنعناع أو المانغو أو الفراولة على سبيل المثال، ليس لأن النكهات مصنفة على أنها مؤذية بحد ذاتها بل لأنها تستقطب جيلا جديدا من الشباب يدمنون النيكوتين في نهاية المطاف، ما ينسف سنوات طويلة من التقدم في مكافحة التبغ.
وأظهر تحقيق سنوي عام أن تلميذا ثانويا من كل أربعة يدخن السجائر الإلكترونية في 2019 في الولايات المتحدة، على ما أعلنت وزارة الصحة في نتائج أولية كشفتها، بعدما كانت النسبة واحدا من كل خمسة في 2017 – 2018.
وأوضح وزير الصحة أليكس عازار أن كل النكهات الأخرى غير نكهة التبغ ستُسحب قريبا من الأسواق. وسيصدر النص القانوني في خلال "أسابيع" على أن يدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثين يوما.
ويمكن الاستمرار ببيع المنتجات المنكّهة بالتبغ لكن يجب الاستحصال على ترخيص لطرحها في الأسواق بحلول أيار/مايو 2020.
وقال أليكس عازار "نعتزم سحب السجائر الإلكترونية المنكّهة من الأسواق للقضاء على الوباء المقلق المرتبط باستخدام هذه السجائر لدى الشباب".
وفي هذه المرحلة، ثمة تساهل كبير في بيع هذه المنتجات. وتسعى وكالة الأغذية والأدوية الأميركية (اف دي ايه) إلى مراقبة السوق بصورة مشددة.
واتهم وزير الصحة مباشرة إدارة باراك أوباما بأنها تركت المصنّعين يعملون بحرية أملا في دفع المدخنين نحو استبدال التبغ بالسجائر الإلكترونية باعتبارها أقل ضررا.
فواكه وخيار
وقد حققت هذه المنتجات نجاحا سريعا لدى الشباب الذين كانوا هدفا رئيسيا للمصنّعين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وحتى في المدارس.
وكما أن الترويج لسجائر التبغ كان يرتكز في مرحلة معينة على إظهارها كمنتجات مغرية، جرى تقديم السجائر الإلكترونية على أنها بديل محبب وصحي للتبغ.
وبعيدا من مشكلة الاعتياد على النيكوتين الذي تحذر السلطات الصحية من خطره على أدمغة الأشخاص في طور النمو، ظهرت خلال أشهر الصيف الحالي مشكلة لافتة تمثلت في إصابة 450 شخصا بأمراض خطيرة بعد تدخينهم السجائر الإلكترونية، وقضى ستة منهم جراء أمراض رئوية حادة.
ويظهر المرضى أعراضا عدة تشمل السعال وضيق التنفس والاختناق. وجرى إدخال كثيرين إلى قسم العناية المركزة في المستشفى مع وضع أجهزة تنفس اصطناعي لهم. كما أن شبابا بصحة جيدة دخلوا في غيبوبة اصطناعية.
ولا يُعرف المكوّن الذي تسبب تحديدا بالأمراض الرئوية.
وفي حالات كثيرة، كانت السوائل تحوي مادة رباعي هيدرو كانابينول (تي إتش سي) وهي المكوّن الفاعل في الحشيشة، لكن من المحتمل أن يكون سبب الأذى اللاحق بالرئتين هو تبخر وتنشق إحدى المواد المضافة الكثيرة على السوائل. وتحدثت ولاية نيويورك عن احتمال أن يكون زيت من الفيتامين “إي” مسؤولا عن هذه الحالات، من دون أن تؤكد وكالة الأغذية والأدوية هذه الفرضية.

وتتسارع المحاولات التشريعية لضبط السجائر الإلكترونية. وقد فرضت وكالة "أف دي إيه" غرامات على متاجر تبيع هذه السجائر للقصّر كما أرغمت مصنّعين على سحب بعض السوائل المنكّهة من الأسواق.
كذلك توعّدت شركة "جول" المتصدرة للسوق، بعقوبات بسبب ممارساتها التسويقية الموجهة للشباب. وقد سحبت العام الماضي منتجات منكّهة بالفواكه والكريما والخيار من الأسواق وحصرت مبيعاتها بالموقع الإلكتروني لمراقبة أفضل لسن المستهلكين.
ويحظر بيع السجائر الإلكترونية للقصّر في الولايات المتحدة، أي أن السن القانونية هي 18 عاما أو 21 تبعا للولايات. أما سان فرانسيسكو فهي المدينة الوحيدة التي حظرت بيع هذه السجائر بالكامل.
كما أعلن الملياردير مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويورك سابقا، حملة تبلغ ميزانيتها 160 مليون دولار لحظر السجائر الإلكترونية المنكّهة في الولايات المتحدة، بعد وفاة خمسة مستهلكين لهذه المنتجات على الأقل.
وقال بلومبرغ المعروف بمكافحته التدخين وقد حظّره في المطاعم والحانات في نيويورك إبان توليه رئاسة البلدية في مطلع الألفية "إنها أزمة صحية طارئة سببها شركات صناعة السجائر".
وأضاف في مقال نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" يحمل أيضا توقيع مات مايرز المسؤول عن حملة للتصدّي لانتشار التدخين، "لا تخفى علينا الأساليب التي تلجأ إليها كبرى مجموعات صناعة التبغ. وهذه ليست المرة الأولى التي نواجهها. وهي تستهدف الأطفال وتعرضّهم لخطر شديد".
وندّد بلومبرغ بتقاعس الوكالة الأميركية للأغذية والأدوية (اف دي ايه) المعنية بهذا الشأن، مشيرا إلى أن الحملة التي تبلغ ميزانيتها 160 مليون دولار على ثلاث سنوات تهدف إلى حظر السجائر الإلكترونية المنكّهة الواسعة الانتشار خصوصا في أوساط المراهقين، "في 20 مدينة وولاية أميركية على الأقل".
ودعا رئيس لجنة الصحة في مجلس نيويورك البلدي مارك ليفين الثلاثاء، كبرى مدن الولايات المتحدة إلى حظر السجائر الإلكترونية المنكّهة متحدثا عن "وباء "ينتشر في صفوف تلاميذ المدارس الثانوية و"تهديد رئيسي" لتلاميذ المرحلة التكميلية.
وأوصت مراكز "سي دي سي" احترازا عدم استخدام السجائر الإلكترونية بانتظار نتائج التحقيقات حول أسباب هذه المشكلات.