هل تتقاطع مصالح السعودية مع شروط عباس للتطبيع مع إسرائيل

مطالب الرياض شديدة الأهمية لمستقبلها في المنطقة وطموحها لتثبيت نفسها كقوة إقليمية رئيسية، تمتلك ترسانة عسكرية تحمي بها مشروعها السياسي والاقتصادي.

الرياض –  تكتسب المحادثات بشأن توقيع اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية زخما مع التحرك الأميركي للدفع بهذا الملف قدما، لكن الحرص السعودي على إيلاء المطالب الفلسطينية أهمية كبيرة قد يخلط الأوراق.

وقدمت السلطة الفلسطينية إلى السعودية والولايات المتحدة قائمة مفصلة بمطالبها بتقديم تنازلات إسرائيلية لصالح الفلسطينيين لدعم اتفاق التطبيع مع المملكة. وهذه الطلبات تشمل "منح السلطة الفلسطينية المزيد من السيطرة على مناطق معينة في الضفة الغربية، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وفتح الرياض قنصلية لها بالمدينة ذاتها".

وذكرت مصادر مطلعة على الملف أن السلطة تريد دعما أميركيا للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بدلا من صفة "مراقب"، من بين أمور أخرى.
وذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن مسؤولين أميركيين صرحوا إن إدارة الرئيس جو بايدن، قالت لإسرائيل إن "عليها تقديم تنازلات للفلسطينيين، من أجل ضمان نجاح مشروع تطبيع مع السعودية".
ويرى مراقبون أن هذه المطالب تشكل إعاقة لملف التطبيع بالنظر إلى أن الائتلاف اليمني الحاكم في إسرائيل أعرب مرارا أنه لن يقدم أي تنازلات تقوض أمن اسرائيل، ولا يرى أنه مضطر إلى تقديم تنازلات بهذا الحجم مقارنة بما سيحصل عليه من مكاسب.
وصرح مسؤول إسرائيلي مساء الاثنين، أن "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ملتزم بأمن إسرائيل ولن يضحي بأمنها"، وذلك على خلفية اتفاق تطبيع متوقع مع السعودية.

في المقابل تبدو مطالب الرياض شديدة الأهمية لمستقبلها في المنطقة وطموحها لتثبيت نفسها كقوة إقليمية رئيسية، تمتلك ترسانة عسكرية تحمي بها مشروعها السياسي والاقتصادي.

وتتركز مطالب السعودية من التطبيع بثلاثة مطالب أساسية، وهي برنامج نووي سلمي سعودي، واتفاق دفاع مشترك سعودي أميركي كمثل دول الناتو أو شبيهٍ به، والحصول على أسلحة أميركية متطورة.

وقال مسؤولون سعوديون إن المملكة ستحتاج أيضا إلى خطوة إيجابية كبيرة من إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

ويرى مراقبون أنه من الطبيعي أن يغتنم الفلسطينيون فرصة الاهتمام السعودي بقضيتهم لمطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات وهي فرصة ربما لن تتكرر مرة أخرى، لكنها بالتأكيد ستؤثر على مجرى التفاوض. وهنا سيكون على السعودية المفاضلة بين جميع هذه المطالب الفلسطينية والسعودية.
 وكشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية بأن مسؤولين أميركيين وفلسطينيين رفيعي المستوى توجهوا إلى الرياض لإجراء محادثات بشأن قضية إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل.
وقالت إن الفلسطينيين جاءوا إلى الرياض لمناقشة موقفهم من الملف مع المملكة قبل التوصل إلى أي اتفاق.
ويترأس الوفد الأميركي مسؤول الأمن القومي الأميركي الذي يتمتع بسنوات من الخبرة في الشرق الأوسط والسياسة بريت ماكغورك، ومساعدة وزيرة الخارجية، باربرا ليف.
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، للصحفيين الثلاثاء، إن الوفد الأميركي سيجري محادثات مع الفلسطينيين، وسيناقش قضايا إقليمية أخرى مع السعوديين، مثل الهدنة في اليمن قبل أي اتفاق مع إسرائيل.
وتجري مشاورات واسعة داخل إسرائيل في الفترة الماضية، حيث اجتمع كل من رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي مع رئيس الموساد ددي برنياع ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي الشهر الماضي، خلال نقاش سري في مكتب وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بخصوص التداعيات الأمنية للتطبيع مع السعودية.
وذكرت هيئة البث الرسمية "كان"، أنه جرى نقاش موسع على خلفية استمرار الاتصالات بين الإدارة الأميركية والسعودية حول موضوع التطبيع، والذي استمر أيضا خلال الأسابيع الأخيرة -بما يشمل الزيارة المتوقعة لمسؤول ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض بيرت ماكغورك إلى السعودية.

ووفقا لمصادر مطلعة على المباحثات الأمنية السرية، يجري نتنياهو نقاشا حول الموضوع، وذلك في أعقاب الأسئلة التي تأتي حول طلب النووي السعودي لدائرة وقود مستقل.

وتطرق مسؤول سياسي إسرائيلي الاثنين، إلى عدد من المواضيع بين اتفاق التطبيع مع السعودية وطلب المملكة طاقة نووية مدنية في إطاره.

وأضاف بشأن القضية الفلسطينية التي يشملها الاتفاق "لن نقوم بأي شيء يمكن أن يمس بمصالح إسرائيل، سنعرف كيف نحل القضية الفلسطينية، السعودية دولة عربية هامة مع بنية تحتية هامة جدا لإسرائيل، وهي ترتبط مع كل المنطقة، سيكون لذلك تأثيرات أمنية كبيرة".

وتقليديا ظلت السعودية تتحرك ببطء وبحذر شديد عندما يتعلق الأمر بتغيير في سياستها، مختبرة كل خطوة قبيل أن تلزم نفسها بأي شيء، لكن الوضع الإقليمي الراهن والركود في الملف اليمني يجعل من مصلحة السعودية التقدم باتجاه التطبيع.
ويريد الجانب السعودي مساعدة أميركية لوضع حد للقتال في اليمن والخروج من هذا المستنقع مع حفظ مصالح الرياض، وتعزيز وقف إطلاق النار المؤقت الذي بدأ العام الماضي مع ضبط نظام قُوى إقليمي تكون السعودية أحد أطرافه.

كما تسعى السعودية إلى مظلة أمنية أميركية، بالتوازي مع إعادة ترتيب علاقتها مع إيران التي لا يمكن التعويل عليها كثيرا بالنظر إلى سجلها في المنطقة ودعمها الحوثيين المتعنتين في السلام.