هل ترتد حرب غزة أزمة في رام الله والأردن؟

رئيس السلطة الفلسطينية يواجه احتجاجات ومطالب برحيله في رام الله، بينما يسود الأردن مخاوف من ضغوط شعبية لاستقبال موجة تهجير جديدة في ظل معاناته من أزمة لاجئين.

رام الله - تجتاح المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين مختلف أنحاء الدول العربية والعالم الإسلامي، لكنها تكتسب أهمية خاصة في الأردن والضفة الغربية لما تتركه من تأثير يتجاوز التجمع في الساحات إلى التداعيات السياسية.

ويواجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس غضبا في الضفة الغربية، إذ تحولت المظاهرات المؤيدة لأهل غزة إلى احتجاجات ضده ومطالبة لرحيله وتدخلت قوات الأمن الفلسطينية في رام الله للتصدي لها، بينما تستمر محاولات المتظاهرين في الأردن اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية ويسود هاجس تهجير من الضفة الغربية البلد الذي يعاني من أزمة لاجئين ويخشى أن تتفاقم بموجة جديدة من اللاجئين.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع خلال التظاهرة التي خرجت في رام الله بعيد غارة اسرائيلية قتلت المئات على الأقل في ساحة مستشفى في قطاع غزة.

وخرجت مسيرات حاشدة في رام الله ونابلس بالضفة الغربية لأربعاء، لإعلان التضامن مع غزة والوقوف معها في محنتها. وتطالب بضرورة التحرك لنجدة أهالي قطاع غزة.

ويتزايد حجم الغضب في الضفة الغربية ويعتزم متظاهرون الخروج في مسيرات تجاه نقاط التماس الحدودية، رغم الاعتقالات اليومية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي.

وأكدت وسائل إعلام أن الفصائل الفلسطينية في الضفة تدعو للقيام بتحرك جماهيري ضخم يشكل جبهة ضغط على الجيش الإسرائيلي لإرباكه وتخفيف عدوانه على المدنيين في غزة. والمطالبة بفتح معبر آمن لإدخال المساعدات إلى أهالي غزة.

ويقول متابعون أن المتظاهرين الفلسطينيين من الممكن أن يذهبوا إلى التصعيد والدخول في مواجهات لأنهم يرون أن بنك أهداف إسرائيل يطال مدن الضفة الغربية بحملة اعتقالات، وحملات تهجير تلوح في الأفق ضد الفلسطينيين، ويعتبرون أن الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة.

كما تجدد الإضراب الشامل في الضفة الغربية، على خلفية الضربة التي تعرض لها المستشفى الأهلي المعمداني بقطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين.

وأسفرت ضربة المستشفى التي تتبادل إسرائيل والفلسطينيون الاتهامات بشنها، عن سقوط مئات القتلى وأثارت سلسلة من الإدانات الدولية والتظاهرات في دول عربية وإسلامية، قبل ساعات من وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى المنطقة.

وترسل الحشود الغاضبة رسائل للدول العربية لممارسة ضغط أكبر على إسرائيل بهدف إدخال المساعدات العالقة على معبر رفح، وتتضمن أصوات تطالب برحيل عباس، وأصوات أخرى تطالب بتعزيز وترابط كل الفصائل الفلسطينية.

وتخشى السلطات في الأردن المجاورة من خروج المظاهرات الغاضبة المنددة بالضربات الإسرائيلية عن السيطرة.

والأربعاء دعت "لجنة الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن" للإضراب العام والزحف باتجاه السفارتين الإسرائيلية والأميركية في عمّان "للتعبير عن الموقف الأردني المساند للشعب الفلسطيني ".

ومنذ ساعات الظهيرة تجمعت أعداد غفيرة قرب السفارة الإسرائيلية. وأظهرت لقطات فيديو تدافعا بين المتظاهرين وقوات الأمن الكثيفة، التي حالت دون وصول المحتجين إلى مبنى السفارة الكائن في ضاحية الرابية غرب العاصمة عمان.

ويرفض أردنيون مغادرة المنطقة بالرغم من إغلاق الطرق المؤدية إليها ويتجولون في الطرق الفرعية؛ لينتظروا الفرصة للانضمام إلى صفوف الذين حالفهم الحظ بالوصول إلى محيط السفارة.

وأعلنت وزارة الداخلية الأردنية أنها لن تسمح بإقامة تظاهرات على الحدود مع فلسطين. وحذر وزير الداخلية مازن الفراية المواطنين من الاقتراب من منطقة الحدود والأغوار، مشيرا إلى أن ذلك "يعرض حياتهم للخطر نظرا لخصوصية المنطقة من الناحية الأمنية".

وأكد الفراية في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن "الحكومة تحرص على تجنيب مواطنينا التعرض لأي مخاطر في حال وصولهم إلى منطقة الحدود أو الأغوار"، مؤكدا "حق المواطنين في التعبير والتضامن مع الأهل في فلسطين المحتلة".

وتقوم الأجهزة الأمنية باتخاذ كافة التدابير لمنع ذلك، حيث إن منطقة الأغوار والمناطق الحدودية المحيطة بها على طول الحدود مع فلسطين، مناطق محظورة للتجمهر وتتولى القوات المسلحة الأردنية حمايتها وضبط الأمن فيها.

وفي نفس الوقت، يقود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني جهودا دبلوماسيا لحشد دعم دولي يسهم في وقف الحرب على غزة، ومنع امتدادها إلى الضفة الغربية، وتلافي تأثيرها على استقرار المنطقة بأكملها، مع ضرورة فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية العاجلة إلى القطاع.

ويخشى الأردن من ضغط شعبي لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين في حال استمرار موجة العنف الحالية على نفس الوتيرة وحدوث موجات تهجير إلى الأردن وانهيار مسار العملية السياسية بالكامل. وحذر من أن أي تهجير للفلسطينيين يعتبر خطٌّ أحمر سيدفع المنطقة برمَّتها إلى صراع أعمق وأوسع.

وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أن الأردن يرفض بشكل قاطع أي إجراءات أو خطوات تقود إلى التهجير القسري للفلسطينيين في غزة وفي الضفَّة الغربيَّة أو أي من المدن والقُرى الفلسطينية.