هل تشوه الألوان أفلام الزمن الجميل؟
القاهرة – هل تفكرون في مشاهدة أفلام الأبيض والأسود التي تعود الى الزمن الجميل وتخلد قامات فنية في هوليوود الشرق بالخصوص برؤية عصرية وبمشهد حافل بالألوان، انها فكرة قابلة للتطبيق بفضل المهندس المصري حمد الديب.
ويأتي مشروع حمد الديب المهندس الحاصل على دكتوراه في تلوين الأفلام بالذكاء الاصطناعي من جامعة غينت في بلجيكا ضمن اطار احياء التراث السينمائي ونفخ روح جديدة فيه بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة الا ان مبادرته الجديدة والمختلفة عن السائد تصطدم بانتقادات عديدة باعتبارها تشوه سحر التراث وتفقده رونقه وجماله وخصوصيته.
ويراهن محمد الديب على إعادة تقديم مجموعة كبيرة من الأفلام برؤية عصرية مفعمة بالألوان لتحول المشاهد السينمائية الى مساحة براقة تشد انتباه المتفرج وتجعله يعيش في عالم الزمن الجميل ولكن بتقنيات حديثة وصورة سينمائية عصرية.
ويسعى الديب من خلال مبادرته الجديدة المتمثلة في تلوين الأفلام المصرية القديمة باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وترميم الدرر السينمائية الخالدة في فترة وجيزة لا تتعدى ثلاثة أسابيع الى احياء التراث وجذب الأجيال الجديدة وصغار السن إليها.
ومن المتعارف عليه ان العديد من الشباب يسارعون الى تغيير المحطة الفضائية لعرضها أعمالا سينمائية خالدة ومحفورة في الذاكرة تتميز بقصة شيقة وينفرد أبطالها بطاقة تمثيل رهيبة الا ان عيبها الوحيد ان مشاهدها تكاد تكون ضبابية وغير واضحة المعالم.
وقال المهندس المصري في تصريحات لصحيفة "العرب اللندنية" والمدافع عن مشروعه رغم ما يتعرض له من انتقادات "قد لا تروق للبعض مشاهدة الأعمال الفنية غير الملونة، وتستهويهم التقنية الجديدة التي كانت تتمّ في الماضي بطريقة بدائية تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر تقريبا للانتهاء من تلوين أكثر من 200 صورة".
ولم تمنع الاصوات "المحافظة" في عالم الفن ديب من مواصلة مشروعه واتمام حلمه الذي داعبه لفترة طويلة.
ونجح المهندس الحاصل على الدكتوراه في تلوين 80 عملا فنيا، منهم 60 فيلما من الأفلام المصرية القديمة. مثل "غزل البنات" بطولة نجيب الريحاني، و"ابن حميدو" بطولة إسماعيل ياسين، و"قصر الشوق" بطولة يحيى شاهين و"تمر حنة" للفنان رشدي أباظة، الى جانب مسرحية "مدرسة المشاغبين"، للزعيم عادل أمام، وحفلات موسيقية لكوكب الشرق أم كلثوم.
وتخشى قنوات تلفزيونية لا سيما المتخصصة في عرض الأفلام الكلاسيكية والقديمة الى خسارة شعبيتها وتقلص الأرباح التي تجنيها من مثل هذه النوعية من الافلام.
كما يرى متابعون للشأن الفني أن القنوات التلفزيونية تنفر من فكرة تلوين الأفلام الكلاسيكية لأنها على ثقة ان منصات التواصل الاجتماعي ستكون المنصة المناسبة والملائمة لعرضها باعتبارها تستهدف بالأساس الفئة الأصغر سنا من هواة التكنولوجيا.
واعتبر الناقد الفني وجيه حسن في تصريحات للعرب "اللندنية"، تلوين الأفلام، "بمثابة اعتداء صارخ على حقوق الملكية الفكرية لمنتجي ومالكي هذه الأفلام، وفي حالة تحديثها وتلوينها يجب الاحتفاظ بنسخة أصلية غير ملونة منها".
وقال المخرج عمرو كمال لنفس الصحيفة، "تلوين الأفلام نوع من أنواع ألعاب الكمبيوتر، وعبث وجريمة ضد التاريخ الفني للسينما المصرية، لأن هذه الأعمال وثائق رسمية لا يجب المساس بها".
وفي حين يتمسك الطرف المتشبث بـ"قداسة" الأعمال الفنية السينمائية القديمة ويعتبر انها تمثل ذاكرة شعب ووطن فان السيناريست فاروق صبري رئيس غرفة صناعة السينما المصرية اقترح مجموعة من الحلول الوسطية المتمثلة في اعادة انتاجها بروح جديدة ونجوم شباب بدل الاكتفاء بتلوينها.
واستشهد بفليم "عنتر ابن شداد" لوحش الشاشة المصرية الراحل فريد شوقي والذي اكتسح الفضائيات العربية عند نشره بالألوان الطبيعية في حين ان النسخة الأصلية منه بالابيض والاسود للفنان سراج منير لم تحقق النجاح المطلوب.
ويعتبر خبراء ان التلوين باعتماد الذكاء الاصطناعي يفقد الصورة مصداقيتها والمشاهد عفويتها لتصبح وكأنها مركبة لان ألوانها ستكون على الأرجح بعيدة أو مختلفة عن الألوان والاجواء الحقيقية التي تم تصوير فيها العمل.
وفي حين يرفض البعض تلوين الافلام القديمة ويتمسك بمشاهدتها مثلما هي لتكون المشاهد معبرة وصادقة ووفية لزمنها ولسياقها التاريخي يرى البعض الاخر انها فكرة جيدة لانها تبث في الاعمال القديمة ديناميكية جديدة وتطرد الملل عن نفوس من يشاهدها لا سيما وان العديد منها تتفتقر للجودة من الناحية التقنية.