هل تعيد جزائر ما بعد بوتفليقة فتح الحدود مع المغرب؟

رئيس الحكومة المغربية يرى أن المنطق يفرض أن يكون أول قرار تتخذه السلطة الجديدة في الجزائر هو إعادة فتح الحدود المغلقة منذ 1994.

دعم الجزائر للبوليساريو سمم العلاقات بين البلدين
الجزائر تمسكت لعقود بالعناد والمكابرة في ملف الصحراء المغربية
نظام بوتفليقة تعمد لسنوات عرقلة التسوية السياسية للنزاع في الصحراء
العثماني يتوقع أن يجد المغرب حلولا مع السلطة الجديدة المرتقبة في الجزائر

الرباط - أعرب رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني عن تطلع بلاده في أن يكون أول قرار تتخذه السلطة الجزائرية الجديدة هو "فتح الحدود" التي أغلقتها الجزائر عام 1994.

ونقلت وسائل إعلام محلية في وقت متأخر من مساء الأربعاء عن العثماني قوله إن "المنطق يقول بأن أول قرار يجب أن يُتخذ من طرف فريق الحكم الجديد بالجزائر هو فتح الحدود مع المغرب".

وإعادة فتح الحدود بين البلدين يمكن أن تمهد لطي صفحة الماضي والتأسيس لعلاقات أوثق قائمة على احترام سيادة كل بلد وعدم التدخل في شؤونه الخاصة، إلا أن الموقف الجزائري الداعم للبوليساريو يبقى أكثر الأسباب التي سمّمت العلاقات بين الجارين.

وأضاف "فريق الحكم الجديد بالجارة الجزائر، على الأقل سنجد معهم حلولا ولن ينهجوا سلوك التنافس الشرس مع المغرب".

ورأى العثماني أيضا أن علاقات الجزائر مع بلده المغرب "لن تكون أسوأ مما كانت عليه قبل الإطاحة بنظام حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة".

وأفاد العثماني بأن "حكام الجزائر السابقون كانوا أكثر عداء للمغرب"، وفق المصدر ذاته.

وفي 16 مارس/آذار الماضي، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إن الرباط "قررت عدم التدخل أو التعليق على الأحداث التي تشهدها الجزائر (الحراك الشعبي)".

وأقدمت الجزائر في العام 1994، على غلق حدودها البرية مع المغرب، بعد أن حمّلت الرباط الجزائر مسؤولية هجمات إرهابية استهدفت سياحا إسبان في مراكش، وبعد فرض المملكة تأشيرة دخول مسبقة على الجزائريين.

وأبدت السلطات الجزائرية تعنتا شديدا أضرّ بالعلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين وقد رفضت الجزائر بقيادة بوتفليقة حينها عدة دعوات سابقة من المغرب لفتح الحدود.

ما يجمع الجزائر والمغرب اكثر مما يفرقهما
احتضان الجزائر ودعمها للبوليساريو سمم العلاقات بين الجارين وعرقلة الاتحاد المغاربي

 وكان المسؤولون الجزائريون يردون في كل مرة بأن فتحها مرهون بشروط، منها "احترام موقف الحكومة الجزائرية فيما يتعلق بمسألة الصحراء" وهو طلب لا يمكن أن تقبل به المملكة المغربية لأن قضية الصحراء من الثوابت السيادية والوطنية.

وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية التي تنادي باستفتاء على تقرير المصير في الصحراء بينما يقترح عليها المغرب حكما ذاتيا تحت سيادته.

وعطّلت القيادة الجزائرية السابقة أي تسوية سياسية للأزمة في الصحراء المغربية وفاقمت التوترات في المنطقة في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تكون عامل تهدئة إلا أن انحيازها للبوليساريو لأسباب جيوسياسية دفع بالعلاقات بين البلدين الجارين إلى طريق مسدود.

وواجه اتحاد المغرب العربي منذ تأسيسه عام 1989، عراقيل لتفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية. وأهم هذه العراقيل، بحسب مراقبين، هو الخلاف حول ملف الصحراء المغربية والأزمة التي افتعلتها الجزائر بدعمها لكيان انفصالي غير شرعي في المنطقة.

وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو، إلى نزاع مسلح توقف في 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.

وبعد استقالة بوتفليقة تحت وطأة أشهر من الضغوط الشعبية، ينتظر جزائريون ومغاربة إعادة تطبيع العلاقات وإزاحة مسببات الأزمة.

 إلا أن رحيل بوتفليقة عن الحكم قد لا يكون كافيا لإعادة تطبيع العلاقات وحل الخلافات العالقة بين البلدين بما فيها ملف النزاع في الصحراء حيث أن لاتزال النواة الصلبة للنظام الجزائري نشطة.