هل تكبح سياسة العصا والجزرة العدوان التركي على الأكراد؟

إدارة ترامب تهدد بفرض المزيد من العقوبات على تركيا بالتزامن مع بدء نائب الرئيس الأميركي اجتماعا في أنقرة مع الرئيس التركي لوقف العملية العسكرية التركية على الأكراد وسط توقعات بأن يتمسك أردوغان بالاستمرار في الهجوم.

مستشار بالبيت الأبيض: واشنطن قد تفرض عقوبات إضافية على تركيا
زعيم الجمهوريين يطالب الكونغرس  لاتخاذ قرار أقوى ضد تركيا
ترامب في رسالة لأردوغان: لا تكن متصلبا ولا تكن أحمقا

واشنطن/أنقرة - لوحت الإدارة الأميركية اليوم الخميس بفرض عقوبات إضافية على تركيا في الوقت الذي انطلق فيه اجتماع بين مايك بنس نائب الرئيس الأميركي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة على وقع استمرار العملية التركية في شمال شرق سوريا والتي أعلن أردوغان أنها لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها ومن ضمنها إقامة منطقة آمنة.

وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كادلو اليوم الخميس إن الولايات المتحدة مستعدة لفرض عقوبات إضافية على تركيا إذا اقتضت الضرورة، فيما تسعى واشنطن لوقف هجوم أنقرة في شمال شرق سوريا.

وأضاف في مقابلة مع قناة سي.إن.بي.سي "سنستخدم العقوبات وقد نستخدم المزيد من العقوبات لكبح تركيا".

وتأتي تهديدات البيت الأبيض بينما قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل اليوم الخميس إنه يود من المجلس الموافقة على قرار بشأن سوريا أقوى من الذي صدق عليه مجلس النواب أمس الأربعاء.

وأضاف مكونيل في تصريحات أمام المجلس "أفضل أن يكون أكثر قوة من القرار الذي أقره مجلس النواب أمس (الأربعاء) والذي تشوبه بعض نقاط الضعف الخطيرة".

بنس وبومبيو في أنقرة في محاولة أخيرة لكبح العدوان التركي على أكراد سوريا
بنس وبومبيو في أنقرة في محاولة أخيرة لكبح العدوان التركي على أكراد سوريا

وقال إن القرار الذي أقره مجلس النواب بدعم الأغلبية من الحزبين أخفق في معالجة محنة السنّة والمسيحيين في سوريا ولم يأت على ذكر مسألة الوجود العسكري الأميركي هناك.

ووصل مايك بنس إلى تركيا اليوم الخميس في مهمة لإقناع أنقرة بوقف هجومها على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، لكن مسؤولين أتراكا قالوا إن الهجوم سيستمر بغض النظر عن أي شيء.

وفجر الهجوم الذي بدأته تركيا قبل أسبوع أزمة إنسانية جديدة في سوريا في ظل نزوح 160 ألف مدني، مثيرا مخاوف أمنية تتعلق بآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سجون الأكراد بالإضافة إلى أزمة سياسية يواجهها ترامب في الداخل.

وواجه ترامب اتهامات بالتخلي عن المقاتلين الأكراد الذين كانوا شركاء واشنطن الرئيسيين في معركة إنهاء دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا حين سحب القوات الأميركية من على الحدود بينما بدأت تركيا هجومها في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول.

ودافع ترامب عن الخطوة أمس الأربعاء ووصفها بأنها "عبقرية من الناحية الإستراتيجية". وعبر عن اعتقاده بأن اجتماع بنس والرئيس التركي سيكون ناجحا، لكنه حذر من عقوبات ورسوم جمركية "ستكون مدمرة للاقتصاد التركي" في حال فشله.

ونشر البيت الأبيض رسالة من ترامب إلى أردوغان بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول جاء فيها "لا تكن متصلبا" و "لا تكن أحمقا". وذكرت شبكة 'سي.إن.إن ترك' أن تركيا رفضت مناشدة ترامب بالتوصل لاتفاق لتفادي الصراع وأن الرسالة "ألقي بها في سلة المهملات".

وقال مسؤول تركي "الرسالة التي بعث بها ترامب لم تحدث التأثير الذي كان يتوقعه في تركيا لأنها لم تحو ما يمكن أخذه على محمل الجد"، مضيفا "الأمر الواضح هو أن تركيا لا تريد منظمة إرهابية على حدودها والعملية لن تتوقف بسبب رد الفعل عليها".

وقال المسؤول إنه من المتوقع أن ينقل بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو المطالب الأميركية ذاتها خلال اجتماعهما مع أردوغان.

أردوغان استبق المباحثات مع مايك بنس وبومبيو بتصريح قال فيه إنه ما من قوة يمكنها ردع أنقرة عن مواصلة عمليتها العسكرية في سوريا إلى أن تحقق أهدافها

وتابع "لكن التفاوض مع منظمة إرهابية أو العدول عن العملية الجارية ليسا على جدول الأعمال". وقال إبراهيم كالين وهو من كبار مساعدي أردوغان، إن وزارة الخارجية التركية تعد ردا على العقوبات الأميركية.

واستنكر أردوغان العقوبات ورفض دعوات دولية لوقف الهجوم الذي تقول تركيا إنه سيؤدي إلى إنشاء "منطقة آمنة" تمتد لعمق 32 كيلومترا في شمال شرق سوريا لضمان عودة ملايين اللاجئين السوريين وإخلاء المنطقة من المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين.

وقال أردوغان إن تركيا ستنهي عمليتها حين تنسحب القوات الكردية من "المنطقة الآمنة" مضيفا أنه "ما من قوة" يمكنها ردع أنقرة عن مواصلة عمليتها إلى أن تحقق أهدافها.

ودافع ترامب عن خطوة سحب القوات الأميركية من سوريا في إطار جهود أوسع لإعادة جنود بلاده "من حروب بلا نهاية" إلى ديارهم على الرغم من مواجهته انتقادات لاذعة من أعضاء في حزبه الجمهوري.

وأتاحت العملية التركية أيضا للرئيس السوري بشار الأسد إعادة نشر قواته في منطقة ظلت خارج نطاق سلطته لسنوات خلال الحرب السورية التي تفجرت قبل ثمانية أعوام.

العدوان التركي على الأكراد  ينثر الخراب والمآسي في شمال شرق سوريا
العدوان التركي على الأكراد ينثر الخراب والمآسي في شمال شرق سوريا

كما أنها دفعت قوات سوريا الديمقراطية التي تُشكل قوات حماية الشعب الكردية العنصر الأساسي فيها، لعقد اتفاق مع دمشق.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة تنظيما إرهابيا نظرا لصلاتها بالمسلحين الأكراد الذين يشنون تمردا داخل تركيا وكانت غاضبة من دعم واشنطن لها.

وقالت مصادر من على الحدود التركية مع سوريا، إن الاشتباكات مستمرة عند بلدة رأس العين الحدودية وإنه سمع أصداء تحليق طائرات حربية تركية في الأجواء بعد أن هدأ القتال أثناء الليل.

كانت أنقرة قد قالت في ما سبق إنها سيطرت على رأس العين وتل أبيض وهما البلدتان الرئيسيتان على الحدود.

وفي الوقت نفسه قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات سورية ترافقها قوات روسية دخلت كوباني وهي مدينة حدودية إستراتيجية ونقطة ساخنة يحتمل أن يتفجر فيها صراع أوسع.

وقالت السلطات التركية إن 20 شخصا قتلوا في تركيا بسبب قصف من سوريا، بينهم ثمانية قتلوا خلال هجوم بقذائف المورتر على بلدة نصيبين نفذه مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية يوم الجمعة حسبما أفاد مكتب الحاكم المحلي.

وقال تلفزيون الميادين اللبناني إن القوات السورية المدعومة من روسيا أقامت مواقع أيضا في الرقة التي كانت ذات يوم عاصمة لدولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية وسيطر عليها الأكراد عام 2017 في أوج حملتهم على التنظيم بدعم من الولايات المتحدة.

وقال تلفزيون المنار التابع لجماعة حزب الله اللبنانية من قاعدة الطبقة الجوية العسكرية قرب الرقة إن قوات الحكومة السورية تقدمت في تلك المنطقة.

وقال ضابط بالجيش للقناة من القاعدة، حيث أعدم مقاتلو الدولة الإسلامية عشرات الجنود السوريين ونشروا مقطع فيديو لجثثهم في عام 2014 إن القوات السورية دخلت مطار الطبقة العسكري بسهولة ولم تواجه أي صعوبات هناك.

وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن الجنود دخلوا الطبقة وقرى مجاورة يوم الاثنين، وهو انتشار أعاد للحكومة التواجد في ذلك الجزء من سوريا لأول مرة منذ سنوات.

وبدعم من القوة الجوية الأميركية والقوات الخاصة، قاتلت قوات سوريا الديمقراطية لأسابيع في عام 2017 لانتزاع السيطرة على الطبقة وسد قريب للطاقة الكهرومائية هو الأكبر في البلاد، من الدولة الإسلامية.

كما قالت قناة الإخبارية التابعة للدولة في بث على الهواء مباشرة من كوباني إن الجنود انتشروا في المدينة منذ أمس الأربعاء، مضيفة أن الفارين من الهجمات التركية على المدينة ذات الأغلبية الكردية في الأيام الأخيرة بدؤوا الآن في العودة إلى ديارهم.

وقال ضابط بالجيش للتلفزيون الحكومي إن القوات صامدة على الحدود التركية، بينما قالت الإدارة التي يقودها الأكراد في المنطقة إن الهجوم التركي أسفر عن مقتل 218 مدنيا، بينهم 18 طفلا منذ أن بدأ قبل أسبوع. كما أسفر القتال عن إصابة أكثر من 650 شخصا.

وأثار القرار أيضا صراعا بين تركيا وروسيا، القوتين الأجنبيتين الموجودتين الآن بالمنطقة بلا منازع، لتقسيم المناطق الكردية التي كانت تخضع للحماية الأميركية.

ووصفت روسيا، أقوى حلفاء الأسد، الهجوم بأنه "غير مقبول". وقالت إنه يجب أن يكون محدودا من حيث الوقت والنطاق. ويتوجه أردوغان إلى منتجع سوتشي الروسي في 22 أكتوبر/تشرين الأول لإجراء محادثات طارئة بشأن سوريا.

ويرتبط الرئيس التركي بعلاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال التعاون في مجالي الدفاع والطاقة.