هل تكون سوريا وإسطنبول ثمن سماح أنقرة لأوجلان بلقاء محاميه

توقيت القرار التركي يثير تساؤولات حول علاقته بالتسوية في سوريا وبالانتخابات البلدية التي ستعاد في إسطنبول وقدرة الأكراد في الاصطفاف ضد حزب العدالة والتنمية.

أنقرة - أنهي الخميس في تركيا العمل بقرارات استمرت لثمانية أعوام تمنع محامي الزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان من زيارته، وذلك بعد أسبوعين من السماح بأول لقاء منذ تلك الفترة.

ورغم عزلة شبه تامة منذ توقيفه وسجنه في جزيرة امرالي قرب إسطنبول عام 1999، فإن أوجلان يبقى شخصية مرجعية بالنسبة إلى التمرّد الكردي في تركيا حيث أدى الصراع بين حزب العمال الكردستاني الذي كان أوجلان أحد مؤسسيه، والسلطات، إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984.

وقال وزير العدل التركي عبدالحميد غول للصحافيين في أنقرة إن "القرارات التي كانت تمنع اللقاءات تم رفعها وأصبح بإمكانه (أوجلان) حالياً إجراؤها".

وأشار إلى أن لقاء أي موقوف مع محاميه حقٌ ولكن يمكن حصره لأسباب أمنية.

ويأتي هذا القرار بعد السماح في 2 أيار/مايو بزيارة أولى من نوعها منذ 2011 لمحاميين من فريق الدفاع عن الزعيم التاريخي لحزب العمال المصنف إرهابيا من قبل أنقرة وحلفائها الغربيين.

ونقلت أحد محامي أوجلان عنه دعوته مئات الأشخاص المضربين عن الطعام حالياً في السجون التركية احتجاجاً على ظروف توقيفه، إلى عدم تعريض حياتهم للخطر.

وقال أوجلان إن "المجتمع في حاجة إلى المصالحة من خلال مفاوضات ديمقراطية، ويجب الابتعاد عن أي مجابهة وتصعيد للتوتر. نؤمن بأن على قوات سوريا الديمقراطية السعي للتوصل لحل المشاكل بعيدا عن ثقافة الصراع". 

كما دعا إلى "أن تؤخذ في الاعتبار" ما سماه "حساسيات" تركيا في سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية التابعة لوحدات الشعب الكردية على أراض شاسعة في شمال البلاد، الأمر الذي يثير قلق أنقرة التي تخشى قيام كيان كردي عند حدودها.

وجاءت رسالة أوجلان تزامنا مع التصعيد الذي تشهده مناطق شمال سوريا بين تركيا من جهة و وحدات حماية الشعب الكردية من جهة أخرى، حيث أعلنت الحكومة التركية مرارا نيتها شن عملية عسكرية جديدة ضد المسلحين الأكراد في منطقة شرق الفرات، وباقي أراضي سيطرتهم بمحافظة حلب.

وتسيطر تركيا والقوات الموالية لها من تنظيم "الجيش السوري الحر" على مناطق واسعة بمحافظة حلب، نتيجة عمليتي "درع الفرات"، التي نفذت في 24 أغسطس 2016 ضد داعش، و"غصن الزيتون" الجارية منذ 20 يناير من العام 2018 ضد وحدات حماية الشعب"الكردية.

ويأتي القرار المعلن الخميس أيضا في الوقت الذي يبذل فيه حزب العدالة والتنمية الحاكم جهوداً لاستمالة الناخبين في إسطنبول قبيل الانتخابات البلدية المرتقبة في 23 حزيران/يونيو إثر إلغاء نتائج الاقتراع الذي فازت به المعارضة نهاية آذار/مارس.

زعيم حزب العمال الكردستاني دعا في أول لقاء له مع محاميه منذ 2011 أكراد سوريا إلى إيجاد حل سلمي مع تركيا

ورأى العديد من المراقبين في حينه أن تصويت الأكراد كان حاسما وأن حزب الشعوب الديمقراطي فضل دعم مرشح المعارضة الرئيسي إكرام إمام أوغلو على تقديم مرشح خاص به.

وقال أحد المحامين إبراهيم بيلمز الخميس إن "المهم" بعد الإعلان عن رفع قرار المنع "هو الحصول على جواب ايجابي بما يخص طلباتنا للقاء".

وأضاف "تقدمنا بطلب لقاء غداً (الجمعة) وننتظر" جواباً.

وقال "مكتب اسرين الحقوقي" الذي يمثّل أوجلان، في بيان، إنه منذ زيارة 2 أيار/مايو لم يسمح بأي زيارة أخرى رغم تكرار الطلبات.

وشدد المكتب أيضاً على أهمية السماح بالزيارات المنتظمة للمحامين، فضلاً عن الرسائل والاتصالات الهاتفية لأوجلان مع هؤلاء ومع عائلته.

ونجح شقيق أوجلان، محمد، في زيارته في منتصف كانون الثاني/يناير للمرة الأولى منذ 2016 نتيجة بادرة تهدئة قامت بها السلطات بعد تحرك الإضراب عن الطعام.

وحكم على الزعيم الكردي في 29 حزيران/يونيو 1999 بالإعدام بتهم الخيانة والسعي لتقسيم تركيا، غير أن الحكم خفف عام 2002 إلى السجن مدى الحياة بعد إلغاء عقوبة الإعدام في البلاد.

ويشير حزب الشعوب الديمقراطي المقرب من الأكراد في تركيا إلى إضراب نحو ثلاثة آلاف موقوف عن الطعام للمطالبة بتحسين ظروف اعتقال أوجلان. وانضمت غالبية هؤلاء إلى هذا التحرك تضامناً مع النائبة ليلى غوفن التي ترفض تناول الطعام منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

كما انتحر ثمانية أشخاص في السجن منذ بدء التحرك، بحسب حزب الشعوب الديمقراطي.

وتبنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابا متشددا حيال المتمردين الأكراد منذ تجدد الصراع في جنوب شرق تركيا عام 2015 في أعقاب وقف إطلاق نار هشّ، ما أبعد أفق التوصل إلى حل سياسي.