هل تمتلك جميع دول العالم ترف تمديد اجراءات العزل

مجموعات إغاثية تحذر من أن تداعيات فيروس كورونا على دول العالم المتقدمة قد تبدو ضئيلة للغاية أمام الآثار المدمرة التي قد يتركها على سكان الدول الفقيرة أو مناطق الحروب.

واشنطن – مدد عدد من البلدان في العالم تدابير العزل والقيود الطارئة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد وسط مخاوف من عدم قدرة بعض الدول خصوصا الفقيرة منها على مجابهة الآثار الاقتصادية السلبية التي ستواجهها في الأيام القليلة القادمة إذا ما واصلت عمليات الإغلاق وملازمة الناس بيوتها دون إعانات أو مساعدات حكومية.

واتخذت أغلب البلدان العربية تدابير احترازية منذ بداية ظهور الفيروس فيما تدرجت أخرى في إجراءات العزل خوفا من تداعيات الأزمة على الاقتصاد، لكن مع دخول العالم الأسبوع الثاني من القيود المشددة التي جعلت شوارع أغلب المدن خالية، تنذر المؤشرات الأولية بأزمة اقتصادية عالمية هي الأصعب في التاريخ الحديث.

ومع ضبابية المنحى الذي سيحدده مدى انتشار الفيروس وقدرة الأطباء والعلماء على إيجاد علاج له، من المنتظر أن تتخذ جميع البلدان قرارات تسمح بتمديد إضافي للقيود التي اتخذتها.

تمديد إجباري في ظل نقص الإمكانيات 

وفي الأردن لم تستبعد السلطات امكانية احتواء فيروس كورونا في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في حال استمرت الجهود الرامية لمواجهة الجائحة.

وكان وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام أمجد العضايلة أعلن ليل الأحد عن تمديد تعليق العمل في جميع الهيئات العامة والوزارات لمدة أسبوعين إضافيين حتى 15 نيسان/أبريل.

وقال العضايلة إن تلك التدابير تهدف إلى المساعدة في السيطرة على تفشي الفيروس كورونا مع ارتفاع حالات الإصابة في البلاد إلى 259 وتسجيل ثاني حالة وفاة أمس الأحد.

الا
عمان تتوقع انحسارا للفيروس إذا تواصل الالتزام بالتدابير

وفي لبنان المجاور، شدّدت الحكومة نطاق القيود المفروضة منذ الأسبوع الفائت على المواطنين إذ فرضت حظر تجوال ليلي لمدّة 10 ساعات وكلّفت القوى العسكرية والأمنية بتنفيذ هذا القرار، كما أغلقت جميع المرافق البحرية والبرية والجوية حتى 12 أبريل/ نيسان المقبل.

ومن المنتظر أن يتم تمديد إجراءات القيود بعد وصول عدد الإصابات إلى 446 حالة حتى الأحد في وقت يقوم فيه الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام بتسيير دوريات وتنفيذ انتشار على الطرقات الداخلية في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تطبيق مقررات مجلس الوزراء القاضية بالتزام جميع المواطنين حالة التعبئة العامة والبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى.

أما العراق فقد بلغت إجمالي الوفيات بالفيروس التاجي حتى صباح الإثنين إلى 43 والإصابات 555 وحالات الشفاء 143 حسب وزارة الصحة.

ودفعت هذا الأرقام التي تعتبر كبيرة الحكومة العراقية إلى تمديد حظر التجوال المفروض منذ 17 آذار/مارس الجاري إلى 11 نيسان/أبريل المقبل لاحتواء الفيروس.

يأتي ذلك في انعكاسا مباشرا أيضا للتدابير التي أخذتها دولة أكبر اقتصاد في العالم وهي الولايات المتحدة، حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب تمديد القيود الطارئة المفروضة للحد من تفشي الوباء، بينما حذّر كبير العلماء لديه من احتمال وفاة 200 ألف شخص في الولايات المتحدة بكوفيد-19 في حين وصلت إجراءات العزل التام الاثنين إلى كل من موسكو ولاغوس.

ويأتي التقييم الجديد من قبل ترامب، الذي سبق وقال إنه يتطلع لعودة الحياة في البلاد لطبيعتها بحلول منتصف نيسان/أبريل، في وقت حذّرت بريطانيا وإيطاليا من أن الإجراءات المفروضة لاحتواء الوباء ستستمر لأشهر.

وأسفر كوفيد-19 عن وفاة أكثر من 35 ألف شخص حول العالم بينما تجاوز عدد الإصابات المؤكدة 700 ألف حالة.

واعتبارا من الأحد، طلب من أكثر من ثلاثة مليارات و380 مليون شخص حول العالم الامتثال لإجراءات العزل، في وقت يؤثّر الفيروس على جميع نواحي الحياة ليتسبب بإلغاء ملايين الوظائف والمناسبات الرياضية وتأجيل انتخابات.

في انتظار ذروة الوباء

وحذّر ترامب من أن الأزمة في الولايات المتحدة، التي شهدت تضاعف عدد الإصابات لديها خلال يومين فقط، قد تتدهور لبعض الوقت.

وأفاد أن "التقديرات بناء على النموذج (الحالي) تشير إلى أن معدّل الوفيات سيبلغ ذروته على الأرجح خلال أسبوعين"، معلنا عن تمديد إرشادات التباعد الاجتماعي حتى 30 نيسان/أبريل.

وجاءت تصريحات ترامب بعدما حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، من إمكان أن يحصد الفيروس أرواح ما بين مئة ومئتي ألف شخص في الولايات المتحدة ومن احتمال إصابة الملايين.

وتضغط الإصابات الجديدة على نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

وانعكست التداعيات الإنسانية للإغلاق العام الذي جمّد قطاعات ضخمة من الاقتصاد الأميركي في مخازن الأغذية في نيويورك، حيث يقول المنظمون إن الطلب بلغ ذروته.

وقال إريك ريبرت من منظمة الإنقاذ الغذائي "فود هارفست" إنه "كان هناك في السابق 1.2 مليون شخص في نيويورك بحاجة إلى المساعدة للحصول على الغذاء. الآن، تضاعف العدد ثلاث مرات".

ستة شهور

وتزامنت إعادة تقييم ترامب للإطار الزمني لعودة الأمور إلى طبيعتها مع تدهور الأوضاع في أوروبا.

وسجّلت إسبانيا 838 وفاة خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد الوفيات بشكل قياسي لليوم الثالث على التوالي.

اس
إسبانيا تسلك نفس السيناريو الإطالي

وقال الممرض في مستشفى "إنفانتا صوفيا" في مدريد إدواردو فيرنانديز "امتلأ قسم العناية المشددة لدي بشكل كامل". ويذكر أن السلطات أقامت مستشفى ميداني يضم 5500 سرير في مدريد وحوّلت حلبة تزلج إلى مشرحة.

وأضاف فيرنانديز "نحن على شفير انهيار كامل إن لم يكن ذلك قد حصل بالفعل".

وأفاد مسؤولون بريطانيين إلى أن الحياة قد لا تعود لما كانت عليه قبل ستة أشهر.

وأفادت نائبة كبير المستشارين الطبيين في بريطانيا جيني هاريز أنه لن يكون بإمكان الأطباء تحديد إن كان العزل التام الحالي نجح في إبطاء تفشي الوباء قبل عدة أسابيع.

وذكرت أن إجراءات احتواء الفيروس ستخضع لمراجعة كل ثلاثة أسابيع "على الأرجح على مدى الشهور الستة المقبلة" على أقل تقدير.

وأما في إيطاليا، حيث سجّلت ثلث الوفيات العالمية، فحذرت الحكومة المواطنين من أنه سيكون عليهم الاستعداد لفترة عزل تام "طويلة جدا" يتم رفعها تدريجيا، رغم تداعياتها الاقتصادية.

وقال مستشار الحكومة في مجال الصحة لوكا ريتشيلدي "نخوض معركة طويلة جدا. ننقذ حياة الناس عبر سلوكنا".

لكن الضغوط التي تسببت بها التدابير المفروضة على المجتمع الإيطالي والتي كانت أمرا لا يمكن تخيّله قبل أسابيع فقط بدأت تظهر تدريجيا.

ولعل المثال الأبرز كان بدء عناصر من الشرطة مدججين بالسلاح بحراسة مداخل متاجر بيع الأغذية في صقلية بعدما وردت تقارير عن عمليات سلب ونهب قام بها أشخاص لم يعودوا قادرين على شراء الأطعمة.

وكانت موسكو آخر المدن الأوروبية التي تأمر سكانها بالتزام منازلهم. ولن يسمح للسكان بمغادرة منازلهم إلا في حال وجود سبب صحي طارئ أو للذهاب إلى عملهم في حال رأت السلطات أنه ضروري أو لشراء الأطعمة أو الأدوية.

لكن سيسمح لهم باصطحاب كلابهم إلى الخارج ضمن قطر مئة متر في محيط منازلهم.

وبعيدا في القارّة السمراء، يتوقع أن تنضم كبرى مدن إفريقيا لاغوس إلى جملة المدن حول العالم التي أمر سكانها بالتزام منازلهم بعدما أعلن الرئيس النيجيري محمد بخاري بعزل تام يستمر لأسبوعين. وستطبّق ذات الإجراءات في العاصمة أبوجا.

وسجّلت نيجيريا، البلد الأكثر اكتظاظا في إفريقيا والتي تعد نحو 190 مليون نسمة، 97 إصابة مؤكدة حتى الآن بكوفيد-19 ووفاة واحدة. لكن عمليات الفحص كانت محدودة.

وحذّر مسؤولون من أن البلد يواجه خطر حدوث ارتفاع "متسارع" في الحالات إلا إذا تم تعقّب الأشخاص الذين احتك بهم أولئك الذين يشتبه بأنهم يحملون الفيروس بشكل أسرع.

وأغلقت السلطات في لاغوس، المدينة الشاسعة التي يقطنها حوالى 20 مليون شخص، المدارس والمتاجر باستثناء تلك التي تبيع المواد الغذائية وفرضت قيودا على التجمعات للحد من التنقل.

لكن من شأن فرض عزل تام أن يشكل تحديا هائلا للسلطات في بلد حيث يعيش عشرات الملايين في فقر مدقع ويكسبون قوتهم يوما بيوم.

وينطبق الأمر ذاته على أجزاء واسعة من إفريقيا.

وفي بنين، قال الرئيس باتريس تالون إن بلاده لن تفرض عزلا تاما كونها تفتقد "الإمكانيات التي تملكها الدول الغنية" للقيام بذلك.

وحذرت مجموعات إغاثية من أن تداعيات فيروس كورونا المستجد على دول العالم المتقدمة قد تبدو ضئيلة للغاية أمام الآثار المدمرة التي قد يتركها على سكان الدول الفقيرة أو مناطق الحروب على غرار سوريا واليمن.

ويشير خبراء الأمم المتحدة إلى أن ثلاثة مليارات شخص حول العالم لا يملكون القدرة على الوصول إلى المياه والصابون، الأسلحة الأساسية للحماية من الفيروس.

الهن
الشرطة النهدية تتولي معاقبة مخالفي الحظر

الكثافة السكانية تحول دون التمديد
وفي الهند التي يقطنها 1.3 مليار نسمة قالت الحكومة اليوم الاثنين إن السلطات لا تعتزم تمديد إجراءات العزل العام والقيود التي أعلنتها لمدة 21 يوما لإبطاء انتشار كورونا في حين تواجه صعوبات في الحفاظ على تدفق الإمدادات الضرورية ومنع عشرات الآلاف ممن توقف عملهم بسبب القيود من الفرار إلى الريف.

وكان رئيس الوزراء الهند ناريندرا مودي قد أمر المواطنين بالبقاء في منازلهم حتى 15 أبريل/نيسان قائلا إنه الأمل الوحيد للحد من انتشار فيروس كورونا لكن القرار ترك ملايين الهنود الفقراء عاطلين وجوعى.

وبرغم القيود، ترك مئات الآلاف من العمال الذين كانوا يعملون بأجر يومي المدن الكبرى مثل دلهي ومومباي عائدين سيرا على الأقدام لبلداتهم وقراهم في الريف وعاد كثيرون مع أسرهم وقالوا إنهم ليس لديهم طعام أو نقود وهو ما أثار مخاوف من انتشار المرض بشكل أسرع.

وقال أمين مجلس الوزراء راجيف جاوبا إن ليس هناك خططا لتمديد القيود لما بعد الأسابيع الثلاثة المعلنة بالفعل نافيا بذلك تقارير رجحت مدة مطولة.

وقالت وزارة الصحة اليوم الاثنين إن الهند سجلت 1071 حالة إصابة توفي منها 29 وهي أعداد قليلة نسبيا مقارنة ببعض البلدان الأخرى.