هل سيدفع التوتر بين تونس والمغرب سعيد للتخلي عن وزير الخارجية

توجيهات الرئيس سعيد "بالنأي بالنفس عن الدخول في أي تحالف" ربما تخفي وراءها رفضا للنهج الذي اتخذته عثمان الجرندي في عدد من الملفات الحساسة خاصة ملف الصحراء المغربية حيث ظهر الموقف التونسي قريبا من وجهة النظر الجزائرية ما أدخل البلاد في حالة من التوتر مع المغرب.
سعيد يقصد بعبارة 'النأي عن النفس' الابتعاد عن سياسة الاستقطاب بين المحورين الاميركي والروسي
الاستغناء عن الجرندي سيؤثر سلبا على الاستقرار الحكومي قبل فترة وجيزة من الانتخابات

تونس - طالب الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي بضرورة ان تتمسك الدبلوماسية التونسية بثوابتها وحيادها بعيدا عن الدخول في سياسة التحالفات والمحاور ما يثير تكهنات وتساؤلات حول موقف الرئيس من بعض السياسات التي أثيرت مؤخرا خاصة في ملف الصحراء المغربية.
وقال سعيد عند استقباله الجرندي الاثنين في قصر قرطاج الاثنين لبحث "جملة من القضايا المتصلة بالأوضاع العالمية والإقليمية الراهنة ان "تونس تتمسك بثوابت سياستها الخارجية لا سيما منها النأي بالنفس عن الدخول في أي تحالف" 
وأوضح في بلاغ نشرته مؤسسة الرئاسة على صفحتها لارسمية على الفايسبوك "ان على الدبلوماسية رفض التدخل في الشؤون الداخلية لتونس".

ويرى مراقبون ان توجيهات الرئيس التونسي تخفي وراءها رفضا للنهج الذي اتخذته وزارة الخارجية في عدد من الملفات الحساسة خاصة ملف الصحراء المغربية حيث ظهر الموقف التونسي قريبا من وجهة النظر الجزائرية ما أدخل البلاد في حالة من التوتر مع المغرب.
ويظهر جليا أن تخلي الدبلوماسية التونسية عن سياسة " الحياد الايجابي" التي تمسكت بها تونس في عهدي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي دفع الرئيس التونسي لإعادة النظر في سياسات عثمان الجرندي وربما الاستغناء عنه.
واثار طريقة تعاطي وزير الخارجية التونسية التي لم تخرج عن سياسة رد الفعل تنديدا ليس من الجانب المغربي ولكن من قبل قوى سياسية تونسية التي طالبت بالتمسك بالحياد في ملف الصحراء المغربية والإبقاء على تونس كدولة تحظى بثقة كل الأطراف.
لكن الرافضين لهذا الطرح يؤكدون ان مواقف الجرندي والدبلوماسية التونسية هي انعكاس لرغبات الرئيس قيس سعيد الذي استقبل زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي في ندوة تيكاد الإفريقية- اليابانية التي عقدت في يوليو الماضي والتي تسببت في تفجير الخلافات مع الرباط.

وادى هذا القرار البلدان البلدان لسحب السفراء في سابقة وصفها مراقبون بانها خطيرة على الدبوماسية التونسية التي عرفت بحيادها في ملف الصحراء المغربية.
ويؤكد مراقبون ان الرئيس يشير من خلال دعوته " للنأي بالنفس عن الدخول في أي تحالف" الابتعاد عن سياسة الاستقطاب الدولي بين محورين حيث يقود المحور الأول الولايات المتحدة فيما تتزعم روسيا والصين المحور الثاني.
ويظهر من خلال هذه الاستنتاجات ان تغيير الجرندي في الفترة الحالية امر مستبعد لان وزير الخارجية يعكس سياسات رئاسة الجمهورية والنهج الذي تتعاطاه الدبلوماسية التونسية خاصة في الملفات الحساسة إضافة إلى ان الدستور الجديد أقر للرئيس صياغة السياسات الخارجية للدولة.
وتولى الجرندي (71عاما) حقيبة وزارة الخارجية في عدد من الحكومات بعد الثورة ورغم اتخاذ التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 لكنه حافظ على منصبه في حكومة نجلاء بودن التي تأسست بعد اشهر من اتخاذ تلك الإجراءات.
وعمل الجرندي في خطة مستشار أول مكلف بالشؤون الدبلوماسية قبل ان يتم استدعاؤه في العشرين من اغسطس 2020 لتولي الخارجية في حكومة هشام المشيشي التي اقيلت فيما بعد.
ورغم الانتقادات التي يتعرض لها الجرندي بين الحين والاخر لكنه تمكن خلال الفترة الماضية من الحفاظ على منصبه وهو ما ممثل نجاحا له رغم انه لم يحقق الكثير للدبلوماسية التونسية فيما يعتبر مراقبون ان قرار الابقاء عليه ياتي في خضم جهود الرئيس للحفاظ على الاستقرار الحكومي قبل فترة من الانتخابات التشريعية التي ستجري في 17 ديسمبر/كانون الاول المقبل.