هل سيقبل أردوغان بنتيجة انتخابات إسطنبول المعادة؟

وإن كرر إمام أوغلو الفوز بنفس النتيجة أو حقق أفضل منها، فإن الديمقراطيات الأجنبية ستبادر على الفور بالإشادة بنزاهة العملية الانتخابية أو ستصدر بحذر شديد بيانات تهنئة مع تجنب تسليط الضوء على الهزيمة المذلة للرئيس أردوغان.

بقلم: إدوارد جي ستافورد
تبقت أيام قليلة على جولة الإعادة المرتقبة للانتخابات على منصب رئيس بلدية إسطنبول والمقررة في الثالث والعشرين من يونيو الجاري، ولعلها فرصة مناسبة للتفكير في الأثر المحتمل للنتيجة على العلاقات الخارجية لتركيا.

هناك على الأرجح أربع نتائج محتملة: أن يحقق أكرم إمام أوغلو، المرشح عن حزب الشعب الجمهوري - وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد - انتصارا لا تشوبه شائبة؛ أو أن يحقق بن علي يلدريم المرشح عن حزب العدالة والتنمية الحاكم - وهو رئيس وزراء سابق للبلاد - انتصارا لا تشوبه شائبة؛ أو أن يفوز إمام أوغلو ويعترض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية على النتيجة؛ أو أن يتحقق ليلدريم فوز تعترض عليه المعارضة وتثير مزاعم بوجود تلاعب بالتصويت.

نظريا، بوسع المعارضة أن تتلاعب بالنتيجة بما يحقق مصالحها، لكن التجارب الانتخابية والتفاصيل المتعلقة بإدارة التصويت في إسطنبول تجعل من غير المرجح، إن لم يكن من المستحيل، أن تنجح المعارضة في تحقيق انتصار من خلال التلاعب.

وإن كرر إمام أوغلو الفوز بنفس النتيجة أو حقق أفضل منها، فإن الديمقراطيات الأجنبية ستبادر على الفور بالإشادة بنزاهة العملية الانتخابية، أو ستصدر – بحذر شديد – بيانات تهنئة مع تجنب تسليط الضوء على الهزيمة المذلة للرئيس أردوغان.

في كلتا الحالتين، سترسل هذه الدول بهدوء رسالة إلى حزب العدالة والتنمية تدعوه فيها إلى احترام النتائج، بينما يرجح ألا تتحدث الدول غير الديمقراطية والتي تحكم بطريقة سلطوية عن انتصار المعارضة أو أن تصوره وكأنه دليل على الممارسات الديمقراطية لصديقهم الحميم الرئيس أردوغان.

في حالة فوز يلدريم بطريقة يُنظر إليها باعتبارها حرة ونزيهة، فإن ردود الفعل الخارجية ستأتي خافتة، رغم احتمال أن تبادر روسيا وقليل من الدول الأخرى من أصدقاء تركيا من الدول شبه الديمقراطية أو السلطوية بالإشادة بنجاح أردوغان وحزب العدالة والتنمية مع تقديم التهنئة ليلدريم.

ستكتفي الدول الديمقراطية ببيانات هادئة على الأرجح تحمل تعليقات عن احترام إرادة الشعب التي عبر عنها بطريقة نزيهة، رغم احتمال أن تميل بعض هذه الدول للإشارة بطريقة غير مباشرة إلى وجود انحياز في العملية الانتخابية.

الاحتمال الثالث، وهو فوز إمام أوغلو بفارق ضئيل يجد حزب العدالة والتنمية فيه فرصة للاعتراض على النتيجة وفرض إجراء جولة انتخابية أخرى، من شأنه أن يثير الحكومات الأجنبية لإدانة الممارسات التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية واللجنة العليا للانتخابات.

فالدول الديمقراطية جمعاء لن ترى في إجراء جولة جديدة من التصويت سوى محاولة صارخة أخرى للتلاعب بالعملية الانتخابية من جانب الحزب الحاكم.

كما أن استمرار حالة عدم الاستقرار هذه سيدفع المستثمرين الأجانب بعيدا، مع استثناء الاستثمارات الروسية بالطبع التي سترى في الأمر فرصة لزيادة اعتماد تركيا على الأموال الروسية الممزوجة بالنفط. كما ستضطر وكالات التصنيف الائتماني إلى خفض تصنيف الديون التركية بدرجة كبيرة.

ستزيد ولا شك الانشقاقات في صفوف حزب العدالة والتنمية، إذ سينأى أولئك الذين لا يزالون يؤمنون بالانتخابات الحرة وبالإحصاء العادل للأصوات بأنفسهم عن أردوغان ومن والاه.

سيعكف المعلقون والسياسيون في الغرب على تناول هذا الصراع، سواء بشجب نتيجته المنافية للديمقراطية أو بالتزام الصمت.

يرجح أن يكون هذا قد تم بطريقة منسقة ومنظمة كفرقة غنائية تقرأ الكلمات من النوتة الموسيقية لكنها تظهر في قاعة الحفل في أوقات مختلفة فيجد الجمهور على الأرجح عروضا فردية عديدة ربما تخرج أقل إبهارا لكنها تنطوي على أداء أكثر اتساقا.

سيتحدث الاتحاد الأوروبي كثيرا عن الأمر، لكنه ومع توقف المفاوضات الخاصة بعملية انضمام تركيا - للتكتل والتي لا يعتقد أحد أنها ستستأنف قريبا - لن تتوفر لديه قدرة كبيرة على التحرك.

ستصدر على الأرجح إدانات شفهية عن منظمات أوروبية غير حكومية، بينما لن تصدر عن حكومات دول الاتحاد الأوروبي سوى القليل من التحركات الملموسة وهي تراقب بحذر موقف العلاقات التجارية وتدفق المهاجرين والتعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب.

سيظل تركيز واشنطن منصبا على علاقات تركيا مع دول مثل روسيا وإيران، في حين لم تظهر إدارة ترامب سوى رغبة محدودة في التدخل أو حتى التعليق بشكل غير مباشر على ما ستعتبرها شأنا داخليا لدولة أخرى لا أثر مباشرا لها على المصالح الأميركية.

باختصار، سواء احترم أردوغان نتيجة التصويت في انتخابات الإعادة على منصب رئيس بلدية إسطنبول أو اختار عدم احترامها، فإن هذا التصويت سيساهم بصورة كبيرة في رسم صورة العلاقات الخارجية لتركيا، خاصة ما يتعلق منها ببقاء هذا البلد ضمن مجموعة الدول غير المثالية أو ذات الممارسات المعيبة أو ضمن الديمقراطيات الانتخابية التي لا تتوقف عن احترام إرادة الناخبين.

أو قد يقرر الزعيم التركي أن يدير ظهره لإرادة الناخبين وينضم لحفنة الحكام السلطويين الذين يضعون رغباتهم الشخصية لتكريس السلطة قبل إرادة المواطنين. لكن من أجل صالح تركيا ومواطنيها، فإن من الضروري احترام نتيجة التصويت في الثالث والعشرين من يونيو.

ملخص ما نُشر في أحوال تركية