هل كانت عزلة كورونا سجنا أم فسحة للهدوء والتأمل!

بعد تخفيف قيود الفيروس المستجد، الكثيرون أمام فرصة النظر للوراء لتأمل الوقت الذي قضوه بعيدا عن الأصدقاء والأقارب والزملاء أو التطلع للأمام لاستشفاف ما سيحدث بعد ذلك.
الجائحة لم تجلب بالنسبة لكثيرين تغييرا ملحوظا يذكر
فرصة لمراجعة النفس وتقييم بعض الأوضاع

لندن - بعد أن بدأ قطاع عريض من سكان الكرة الأرضية الخروج من فترة العزل التي فرضتها جائحة كورونا، حانت لكثيرين فرصة النظر للوراء لتأمل الوقت الذي قضوه بعيدا عن الأصدقاء والأقارب والزملاء أو التطلع للأمام لاستشفاف ما سيحدث بعد ذلك.
وقد التقطت رويترز بعضا من هذه التأملات من مختلف أنحاء افريقيا والشرق الأوسط لأفراد سواء يتطلعون من داخل غرفهم على العالم الخارجي أو يلقون نظرة من الخارج على ما يعتلج في نفوسهم.
قال إديتونا أوموكاني المصور البالغ من العمر 29 عاما الذي يعيش في لاغوس "الإغلاق ... كان فترة عظيمة لكي أتنفس فيها وأعيد تقييم الكيفية التي عشت بها حياتي وأحاول التركيز بدرجة أكبر على الأمور التي تهمني حقا".
كما نظر ألكسندر كايافاس الذي يعيش في المدينة النيجيرية المزدحمة ذاتها إلى الجانب المشرق في فترة انعزاله في البيت. وقد أصبح كايافاس الذي يعمل محلل بيانات وعمره 25 عاما يعتز بالوقت الذي يقضيه مع أسرته وفي دراساته وفي التواصل مع الأصدقاء عبر الانترنت.
إلا أن ربة البيت زوديدي ديسيوولا في إقليم كيب الشرقي الريفي في جنوب أفريقيا لم تجد راحة تذكر في الأسابيع التي قضتها في كوخها الصغير المستدير.
وقالت ديسيوولا لرويترز "أصبحنا أنا وزوجي عالقين في هذا البيت المكون من غرفة واحدة عاجزين عن الذهاب للعمل. وكنا نكافح للحصول على الطعام لأننا لم يكن لنا مصدر دخل".

رفع قيود كورونا
خرجنا لكن شيئا من كورونا لا يزال معنا

أما يائيل بن عيزر الراقصة بفرقة باتشيفا الإسرائيلية للرقص فلها رأيها الخاص في الركون إلى السكون.
قالت "سأفتقد الشعور بالراحة الذي يولده القبول بعدم عمل أي شيء والقبول بألا يكون الإنسان منتجا بالطريقة التي اعتدنا التفكير بها. أشياء تأتي وأشياء تذهب وتشرق الشمس وتغيب وأنا أعيش فقط. وهذا كاف تماما".
المسرح والبحر والبيت
في رأيها وفي رأي كثيرين غيرها هناك في الوقت نفسه سلبيات كثيرة للحياة بعيدا عن الأصدقاء والعمل.
فهي تتوق للحماس الذي تشعر به عند الرقص على المسرح وإلى اتساع البحر المفتوح.
وفي العاصمة المصرية القاهرة وصفت الطالبة ندا ماجد (20 عاما) فترة الإغلاق "بالسجن".
وقالت "عندما اتطلع للخارج أرى نفس المشهد لكني أحس بشعور مختلف. الشوارع أكثر حزنا وغموضا ولا أمل في الخروج قريبا".
وقالت زينب محمد (أم هاني) التي تعيش في القاهرة أيضا إنها تفتقد التواصل المنتظم مع أقاربها وأصدقائها.
تعمل أم هاني (59 عاما) حارسة عقار وتعيش في غرفة بها القليل من الأثاث ويبدو فيها جهاز التلفزيون مصدر الضوء في العتمة.

الإغلاق كان فترة عظيمة لكي أتنفس فيها وأعيد تقييم الكيفية التي عشت بها حياتي

قالت "أريد الذهاب إلى حديقة الحيوان مع أحفادي. وأريد أيضا أن أسافر بهم إلى البحر وأحلم بذلك مرات كثيرة".
أما لمى نادر (28 عاما) التي تطل نافذتها على البحر في مدينة صور اللبنانية القديمة فتتمتع برؤية صفحته الزرقاء كل يوم.
قالت "أحب الهدوء والابتعاد عن ضوضاء العاصمة بيروت"، مضيفة أنها تريد السباحة من جديد بمجرد أن تتمكن من التنقل مرة أخرى.
وبالنسبة لها ستعني نهاية فترة العزل تقلص فرص رؤية أفراد أسرتها.
قالت "شقيقي سيعود إلى دبي وأنا ... إلى بيروت. وسأنفصل عن أبي وأمي أيضا".
غير أن الجائحة لم تجلب بالنسبة لكثيرين تغييرا ملحوظا يذكر.
فأبو غازي يعيش في خيمة مؤقتة على أطراف مقبرة في بلدة معرة مصرين في شمال سوريا وهو يتوق للعودة إلى بيته شأنه شأن ملايين من أبناء وطنه النازحين في الحرب التي بدأت قبل تسع سنوات.
قال أبو غازي (29 عاما) لرويترز "حجرنا على نفسنا مع الموتى. فنحن ننام ونصحو على رؤية القبور".