هل لدينا خيال علمي؟ نعم ولكن

أدب الخيال العلمي فرصة ثمينة لعالمنا العربي، لا لغرس حب العلم في نفوس الأفراد فحسب، بل أيضا من المداخل الضرورية والمهمة لإعداد الموهوبين والمبدعين.

أختتم "مؤتمر الخيال العلمي الثالث" أعماله والذي أقيم بالنقابة العامة لإتحاد كتاب مصر، بالتعاون بين شعبة الخيال العلمي وشعبة السرد، وذلك يوم 31 ديسمبر 2018، وجاء في توصياته: التأكيد على الإحتفال بيوم للخيال العلمي على مستوى مصري عربي يوافق 11 ديسمبر من كل عام، وكذلك التواصل مع الهيئات العلمية ومراكز البحث العلمي لتطبيق موضوعات الخيال العلمي على طلبة المدارس، وهذا يعكس الدور الرائد عربيا ً الذي يقوم به إتحاد كتاب مصر في الإهتمام بأدب الخيال العلمي.

ولعل السؤال المطروح هل لدى العرب خيال علمي جاد؟، والإجابة نعم، وتحتل مصر الريادة عربياً في هذا المجال؟

ولكن السؤال الذي يتطلب إجابة هو لماذا الإهتمام بالخيال العلمي مهمش عربياً؟ وهل الأمر يتطلب عربياً إطلاق وزارة للخيال العلمي؟

قد يضحك أويستغرب أو يندهش البعض من إطلاق مسمى "وزارة للخيال العلمي"، ولكن الحقيقة أن الخيال العلمي أصبح علماً مهماً مثلما هو الحال في علوم الذكاء الإصطناعي والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والنانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر) والهندسة الوراثية والأقمار الإصطناعية والسفر للفضاء، والتي كانت في الأصل خيالاً علمياً.

ولكن: لماذا وزارة للخيال العلمي؟

الروبوتات والذكاء الإصطناعي، والشرطي الروبوت، ونظام النقل فائق السرعة، والسيارة ذاتية القيادة، وغيرها كانت في البداية خيالاً علمياً وأصبحت اليوم حقائق واقعة، وهذا يؤكد على قيمة وأهمية الخيال العلمي في تطور العلوم والتكنولوجيا وإلهام العلماء والمبدعين، الأمر الذي يدعو الى ضرورة إهتمام منطقتنا العربية بأدب الخيال العلمي، الذي لا يزال البعض ينظر اليه نظرة دونية، ويعتقد الكثيرون خطأ بأنه وسيلة ترفيه وتسلية.

يعد الخيال العلمي من علوم المستقبل المهمة في تطور العلم والتكنولوجيا، كما أنه أحد المداخل المهمة والحديثة حاليا لتنمية الإبداع وإعداد العلماء بالدول المتقدمة. ولعل أخطر الثغرات التي تعانيها نظم التعليم في عالمنا العربي تكمن في عدم إعطاء الخيال حقه من الاهتمام والتقدير. ورغم الأهمية المتزايدة التي يوليها الغرب لأدب الخيال العلمي، فإن عالمنا العربي لم يشهد اهتماما مماثلا أو حتى متناسبا مع تلك الأهمية، فواقع أدب الخيال العلمي في عالمنا العربي يشير إلى أنه مهمش ونادر وما زال متواضعا من حيث الإنتاج وقلة الكتاب المتخصصين، ولا يحظى كتابه بالإهتمام والتقدير.

ويرجع أسباب عدم انتشار وذيوع الخيال العلمي في عالمنا العربي إلى أن كاتب هذا النوع من الأدب يحتاج لتواصل مع التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة والثقافة العلمية، وهو ما يفتقده الأديب العربي، كما أن بعض أصحاب القرار الثقافي والمسؤولين عن الثقافة في عالمنا العربي قد لا يعرفون قيمة وأهمية أدب الخيال العلمي في تطور العلم والتكنولوجيا. 

ولعل إطلاق دولة عربية لوزارة للخيال العلمي يكون بداية الإنطلاقة الحقيقية والجادة للإهتمام بأدب الخيال العلمي الجاد في عالمنا العربي.

يقول عالم الفضاء والجيولوجيا العربي الدكتور فاروق الباز، في تقديمه لكتابي (بالاشتراك) بعنوان "الخيال العلمي وتنمية الإبداع" الصادر عن "ندوة الثقافة والعلوم بدبي" إن الخيال العلمي يمثل إحدى المبادرات الأدبية الفريدة، وإنه من صفات الإنسان المفكر الذي لا يكبح جماح عقله أي حدود.

وقال بأن الخيال العلمي يضيف الكثير إلى حب التمعن والتساؤل الذي يشجع الطفل على البحث عن مزيد من المعرفة، وضرب لأهمية وقيمة الخيال العلمي بمثال أثناء عمله في "برنامج أبولو" لاستكشاف القمر بين عامي 1967 و1972، حيث أكد على الدور المهم الذي لعبه الخيال العلمي في إلهام رواد "برنامج أبولو" في تصميم مركبات أبوللو والهبوط على سطح القمر، فقال بأنه، أثناء عمله في "برنامج أبولو"، اطلع زميل على نسخة من رواية "من الأرض إلى القمر" لرائد الخيال العلمي المبدع الفرنسي جول فيرن، التي كتبها عام 1865، وكانت هذه النسخة من أوائل الطبعات وشملت رسومات طلبها وحققها فيرن بنفسه، واتضح بدراستها أنها تقارب بشكل كبير الحقائق الواقعة في الستينيات بشأن تصميم مركبات أبوللو والهبوط على سطح القمر، ووقتها أصدرت مجلة "لايف" Life الأميركية ألبوما للرسومات القديمة والحديثة معا. 

وقال الدكتور الباز في تقديمه للكتاب بأنه بمناقشة ذلك مع مدير "مشروع أبولو"، قال إنهم كانوا في الصغر يحرصون على قراءة أعمال الكاتب جول فيرن، ولهذا انطبعت رسومات وأشكال رواية فيرن "من الأرض إلى القمر" في ذاكرتهم، ولما حان الوقت لإعداد مركبات "أبولو" انبثق كل ذلك وأثر بشكل كبير على تصميماتها. 

وقد أدركت الدول المتقدمة قيمة وأهمية الخيال العلمي في إعداد وتنشئة العلماء والمبدعين، فقامت بافتتاح مراكز لدراسة الخيال العلمي، وأقسام دراسية بالجامعات في تخصص "أدب الخيال العلمي"، كما قامت بإدراج الخيال العلمي في مناهج التعليم، على سبيل المثال في فبراير/شباط 2017، تم في كامبريدج في المملكة المتحدة إطلاق أول مركز للخيال العلمي، يجمع بين المؤلفين والأكاديميين والناشرين.

يقول العالم العربي الدكتور أحمد زويل - الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 – إن "الجميل في أميركا، وهو ما جعلها تتقدم على العالم علميا، أن الخيال لا يقتل وليست له حدود وكل المؤسسات تشجعه، والعالم الحقيقي المحب لعلمه لا بد أن يحلم، وإذا لم يتخيل العالم ويحلم فسيفعل ما فعله السابقون ولن يضيف شيئا".

ويقول عالم النفس الأميركي الشهير اليكس أوسبورن في مقدمة كتابه الخيال التطبيقي الذي نشر عام 1953، في غمرة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، إن الخيال هو الذي صنع أميركا، وإنه لا انتصار لأميركا الا بإنتاج الأفكار المبدعة، وأسس في كتابه لمهارات العصف الذهني التي تعد ضرورية لتنمية التفكير الابداعي، وتعتمد على توليد أكبر كم من الأفكار لمعالجة موضوع معين.

ويعد متحف الخيال العلمي الذي افتتح في 18 يونيو/حزيران عام 2004، في مدينة سياتل بولاية واشنطن بالولايات المتحدة، أول متحف من نوعه في العالم، وهو صورة حية من صور الاهتمام المتزايد بأدب الخيال العلمي. 

وقد ولدت فكرة انشاء هذا المتحف عندما تمكن رجل الأعمال البليونير الأميركي بول جي آلان، وهو مؤسس مشارك لشركة مايكروسوفت وقارئ نهم لأعمال الخيال العلمي طوال حياته، من شراء كرسي القيادة الأصلي للكابتن كيرك في سلسلة الخيال العلمي الشهيرة "ستارترك"، وإضافته لمقتنياته العديدة عن الخيال العلمي، إذ قال آنذاك: "هذه المقتنيات يجب أن توضع في متحف". وقد حرص آلان على ضرورة أن يعكس المتحف الرصيد الهائل والعظيم لأعمال الخيال العلمي.

كما أن نائب الرئيس الصيني دعا خلال حضوره مراسم افتتاح اجتماع لكتاب الخيال العلمي، تم بإستضافة رابطة العلوم والتكنولوجيا الصينية، دعا كتاب قصص الخيال العلمي الى نشر المعرفة العلمية والمساهمة في حملة الدولة لأن تصبح قوة تكنولوجية عالمية، وقال أنه يتعين على كتاب الخيال العلمي ان يتصدروا الحملة ويرسمون عوالم مستقبلية بتفكير غير عادي ومدهش.

وقد نال الخيال العلمي الصيني، اهتماماً متزايداً من المجتمع الدولي. فمثلاً رواية الخيال العلمي "معضلة الأجسام الثلاثة" والمكونة من ثلاثة أجزاء، للكاتب الصيني ليو تسي شين، اكتسبت شعبية كبيرة، فقد فازت في عام 2015 بجائزة "هوجو" عن أفضل رواية، والتي تعد أرفع جائزة لأعمال الخيال العلمي وقد أنشأتها جمعية الخيال العلمي العالمية لإحياء ذكرى كاتب الخيال العلمي الأميركي الشهير عالمياً هوجو جرنسباك، كما تمت ترجمتها الى أكثر من 10  لغات، وباعت أكثر من 7 ملايين نسخة باللغة الصينية، وتم إصدار النسخة الانجليزية في الولايات المتحدة في عام 2014، وبيع منها حوالي 700 ألف نسخة. أما مبيعات النسخ الفرنسية والاسبانية والألمانية، فقد تجاوزت 30 ألف نسخة لكل منها، كما أن مجلة الخيال العلمي الصينية توزع شهريا 400 الف نسخة.

ومن العوامل التي تجعل أدب الخيال العلمي أمراً حيوياً في الفصل المدرسي، الأهمية المتزايدة التي يوليها العالم حاليا للدراسات المستقبلية، حيث إن هناك همزة وصل بين الخيال العلمي ودراسات المستقبل، فكلاهما يسعى للتنبؤ بالمستقبل، ولهذا يقول كاتب المستقبليات الأميركي ألفن توفلر بأن "قراءة الخيال العلمي أمر لازم للمستقبل".

فالخيال هو القوة الأساسية الفعالة وراء كل إبداع واختراع، ولولا الخيال لما وصلت البشرية إلى ما هي عليه الآن، ولهذا بدأت الدراسات والبحوث المتصلة بالخيال تستعيد قوتها وترتبط بشدة بالإبداع والابتكار، خاصة أنه لا إبداع من دون خيال. فاكتشاف إسحق نيوتن للجاذبية الأرضية، وأوغست كيكولي لحلقة البنزين، وآينشتاين للنسبية، والعربي عباس بن فرناس للطائرة، كل ذلك وغيره كان نتاج الخيال. 

وقد أطلق على أدب الخيال العلمي الكثير من التسميات، منها أدب المستقبل، وأدب الأفكار، وأدب التوقع والتنبؤ، وأدب التغيير، والأدب الذي يهتم بحال ومصير الجنس البشري، ولا بد هنا أن نفرق بين الفانتازيا أو الخيال الجامح الذي لا يقوم على أي فرضيات مدروسة، ولا يتقيد بحدود ولا قواعد في كتاباته، فهو قائم على رؤى خيالية بالغة الشطط والغرابة، والخيال العلمي المنضبط أو الجاد، القابل للتحقيق، القائم على فرضيات علمية مدروسة يمكن تحقيقها، فالخيال العلمي هو مرآة تعكس أحدث الإنجازات في مجال العلم، ويزود العلم بأفكار يستثمرها ويحيلها لابتكارات واكتشافات جديدة، كما أنه يحذر البشرية من المستقبل وما يحمله في طياته.

ويتميز أدب الخيال العلمي الجاد بمستوى عال في الكتابة، وبالحبكة المنطقية والدقة العلمية العالية، ومثال على ذلك رواية "الموعد النهائي"، عام 1944 للكاتب الأميركي كليف كارتميل (1908-1964)؛ فقد استطاع في روايته هذه أن يقدم تصورا مثاليا للخيال العلمي الجاد، تمثل في وصف صناعة قنبلة ذرية، تنفجر بقوة شديدة، يمكنها أن تنهي الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي كانت تقوم فيه الولايات المتحدة بإجراء تجارب في جو من السرية التامة على صناعة القنبلة الذرية.

وقد بلغت هذه الرواية من الدقة في تفصيلاتها العلمية ما جعل المخابرات الأميركية تشك في أن الكاتب قد تسلل للمعلومات السرية الخاصة بصناعة هذه القنبلة، ولكن ثبت من التحقيقات أن الكاتب لم يطلع على أسرار صناعة القنبلة، ولكن كان ذلك من أفكاره وخياله الخصب، الذي توقع ما حدث في الواقع. 

كما أن للخيال دورا مهما في المنهج العلمي وما يسمى التجارب العقلية في العلم، وبخاصة بعد ارتفاع تكاليف البحث العلمي وتقنياته واقتحامه لمجالات دقيقة، كالذرة وأعماق الفضاء، حيث يفترض العلماء "تجربة خيالية" ثم يطرح التساؤل "ماذا يحدث لو؟"، فالخيال العلمي في هذه الحالة عبارة عن "معمل أدبي"، من خلاله يمكن التوصل لحلول للكثير من المسائل والمشكلات، حيث يوجه العلماء نحو أبحاثهم واكتشافاتهم. فعلى سبيل المثال تنبأ رائد الخيال العلمي البريطاني الشهير هـ. ج. ويلز في روايته "العالم تحرر" عام 1914، باكتشاف الطاقة الذرية وتحررها والإشعاع الصناعي وتطور القنابل الذرية، وكان أول من صاغ واستخدم مصطلح القنبلة الذرية في روايته هذه.

وبعد ذلك استطاع عالم الفيزياء الأميركي المجري المولد ليو زيلارد (1898-1964) أن يؤسس على تنبؤات ويلز هذه معادلات نظرية كانت الأساس في مشروع مانهاتن الأميركي لإنتاج القنبلة الذرية عام 1945.

ولهذا فإن كاتب الخيال العلمي البريطاني الشهير آرثر سي. كلارك (1917-2008) الملقب بـ "أبو فكرة أقمار الاتصالات الصناعية"، يلخص رسالة ووظيفة الخيال العلمي في تنمية مخيلات الأفراد ومنحهم القدرة على التفكير بالمستقبل وتحذيرهم وتهيئة أذهانهم إلى المخاطر الخافية عليهم، وذلك فيما يسمى نظام الإنذار المتقدم، فالكثير من أعمال الخيال العلمي تثير الكثير من القضايا العلمية من زاوية أبعادها الاجتماعية وآثارها المستقبلية.

كما أن الخيال العلمي يعد إحدى أهم وسائل نشر وتبسيط الثقافة العلمية بأسلوب مبتكر ومشوق، كما أنه ينمي أسلوب التفكير العلمي ويزيد من قدرة الأفراد على إدراك واستيعاب المفاهيم العلمية، وإيجاد اتجاهات وقيم إيجابية لدى الأفراد تجاه العلم والعلماء، مما يدفعهم لتمثل خطاهم وإتاحة الفرصة للمزيد من الاكتشافات والابتكارات. 

لقد ساهم الخيال العلمي، وما زال، في استشراف آفاق الحاضر والمستقبل، فالكثير من الاكتشافات والإنجازات العلمية والتكنولوجية التي تحققت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، قد سبق التنبؤ بها في أعمال الخيال العلمي منذ أواخر القرن التاسع عشر، مثل أشعة الليزر والذكاء الصناعي وصناعة الروبوت وصناعة القنبلة الذرية وبطاقات الائتمان وغزو الفضاء وزراعة الأعضاء البشرية وأطفال الأنابيب والهندسة الوراثية والعلاج الجيني والاستنساخ والنانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر)، وغيرها. 

وهناك حاليا أبحاث جارية بالدول المتقدمة حول رؤى المستقبل لاحتمالات واتجاهات العلم والخيال العلمي في الكثير من المجالات، مثل الحديث عن شكل الأشياء في المستقبل، كملابس ومنازل المستقبل، وشكل وسائل النقل والمواصلات في المستقبل، والأجهزة والآلات الذكية في المستقبل، كالكومبيوتر والإنترنت والهواتف المحمولة، وأيضا الحديث عن الآفاق الواعدة والمرعبة لثورة النانوتكنولوجي، وكذلك رؤى الخيال العلمي للطب والعلاج في المستقبل، ورؤى المستقبل في مجال الفضاء. 

كما أن الدراسات الحديثة قد بينت الدور المهم للخيال العلمي في تدريس العلوم، حيث توصلت إلى أن قراءة وتدريس قصص وأفلام الخيال العلمي، يعدان ضرورة تربوية مستقبلية، حيث تمكن الطلاب من إدراك واستيعاب وفهم المفاهيم والحقائق العلمية، كما تشكل أهمية خاصة وضرورة مهمة من ضرورات تنمية التفكير العلمي ومهارات التفكير الإبداعي، والتوجه نحو دراسة العلوم وإشاعة المنهج العلمي في المجتمع وإكسابه الرؤية المستقبلية الواعية، فالخيال العلمي يلهب ويثير خيال الطلبة، وبخاصة الموهوبون، ويشجعهم على التفكير في الممكن. وليس مهما إن كان التفكير في الممكن أو المستحيل، فالسفر في الفضاء كان في البداية ممكنا فقط في الخيال العلمي، ثم أصبح حقيقة واقعة بعد ذلك. 

ويرى الكثير من العلماء أن استخدام أفلام الخيال العلمي في تدريس موضوعات العلوم ضروري لإثارة دافعية الطلاب نحو حب العلم ودراسة العلوم، بدرجة أفضل من طرق التدريس التقليدية، كما أن استخدام الخيال العلمي لفكرة "ماذا يحدث لو..؟" يساعد على جذب اهتمام الطلبة للمقررات الدراسية ويثري المناقشات العلمية، وينمي قدرات التفكير العلمي الابتكاري، والتنبؤ بما سيكون عليه المستقبل، والاستعداد لمواجهته.

إن أدب الخيال العلمي فرصة ثمينة لعالمنا العربي، لا لغرس حب العلم في نفوس الأفراد فحسب، بل أيضا من المداخل الضرورية والمهمة لإعداد الموهوبين والمبدعين في شتى المجالات، فقد أصبح من الضروري الاهتمام بتنمية الخيال العلمي على نحو يجعل تعلم العلوم يصل لدرجة الإبداع، وهو أحد أهم أهداف التربية العلمية الحديثة، ولا بد لتنمية الخيال العلمي من العمل أولا على توسيع نطاق البعد العلمي والثقافة العلمية في ثقافتنا العربية، وفي أساليبنا لتنشئة أبنائنا من خلال تضافر جميع جهود مؤسسات التنشئة، وأن نوضح لأبنائنا كيف أن الإنجازات العلمية الحالية كانت في مراحل سابقة خيالا علميا. 

إن أفكارا وتصورات وتخيلات كبيرة قد تكون عظيمة في صناعة المستقبل، تموت في مجتمعات تحجم ملكات التخيل والابتكار لدى أبنائها، وتقلل من قيمتها، مما يدفع أصحاب هذه التخيلات والأفكار للهجرة لمجتمعات أخرى تتبنى أفكارهم وتخيلاتهم، وتتيح لهم الفرص والظروف لتطبيقها وتحويلها لواقع يعمل على تقدم مجتمعاتهم. 

لقد أصبح الاهتمام بأدب الخيال العلمي في عالمنا العربي ضرورة عاجلة لتأهيل الجيل الصاعد للإبداع، واللحاق بركب التقدم العلمي والتكنولوجي العالمي، حتى ترتفع راية العرب مرة أخرى في مكان يليق بحضارتنا بين الأمم.

ولعل بداية الإهتمام الحقيقي والجاد بالخيال العلمي في عالمنا العربي تكون في إطلاق دولة عربية لوزارة للخيال العلمي.