هل يتلاعب كورونا بعقولنا للإيقاع بأكبر عدد من الضحايا؟

باحثون أميركيون يرون ان الفيروس المستجد ربما يؤثر على عقول ضحاياه لتعظيم معدل تكاثره عبر جعلهم اجتماعيين اكثر خصوصا خلال فترة الحضانة.

واشنطن - ماذا لو كان فيروس كورونا يتلاعب بعقول المصابين عبر جعلهم اجتماعيين اكثر وضمان وصوله الى اكبر عدد من الضحايا؟ الفرضية على جنونها محتملة جدا وفق دراسة أميركية حديثة.

والتأثيرات المتغيرة للسلوك للفيروسات اي بالتلاعب السلوكي للمضيف ليست جديدة، وقد أبلغ عنها سابقا لفيروسات الإنفلونزا وداء الكلب وغيرها.

والنظرية ترى ان مسببات الأمراض تأثر على عقول ضحاياها لتعظيم معدل تكاثرها من أجل انتشارها وبقائها على قيد الحياة.

وأوضح باحثون من جامعة ولاية نيويورك في ألباني، كيف يمكن لفيروس "كوفيد-19" أن يغير سلوك أولئك الذين يصابون به، لجعلهم أكثر عرضة لنقله إلى الآخرين.

وبرى الباحثون ان الفيروس ربما يتلاعب بعقول المرضى في فترة الحضانة، عندما يصاب الناس ولكن لا تظهر عليهم أي أعراض، لذلك هم أكثر عرضة للتواصل الاجتماعي.

ويقترح الباحثون أن الفيروس قد يعمل في منطقة من الدماغ تسمى القشرة الحزامية الأمامية، والتي تشارك في السلوك الاجتماعي والتنظيم العاطفي، وبالتالي بدلا من مراقبة قواعد التباعد سينجذب الناس إلى التجمعات.

ويقول الطبيب الاستشاري وعالم الفيروسات التطوري في شيفيلد الدكتور فرانك رايان  إن فيروس "كوفيد-19" قد يتداخل أيضا مع مستويات الهرمون لتغيير سلوكنا.

ولكن الدعم لفكرة أن "كوفيد-19" يؤثر على السلوك الاجتماعي، يأتي من أدلة على فيروسات أخرى مماثلة.

تطور الفيروسات إلى جانب مساعدتنا، مكّنها من التلاعب بأي جزء من بيولوجيتنا

وفي دراسة أجريت عام 2010 باستخدام لقاح الإنفلونزا (كبديل للعدوى بسبب مشاكل أخلاقية في إصابة الأشخاص عمدا)، والذي يحتوي على شكل معدل من الفيروس، وجد باحثون أميركيون أنه في اليومين التاليين للتعرض، فإن عدد المرضى تضاعف، من متوسط 54 إلى 101، مقارنة بيومين قبل التطعيم.

ويعد اليومان التاليان مباشرة للتعرض للإنفلونزا أمرا مهما، لأن هذا هو الوقت الذي يكون فيه الأشخاص أكثر عدوى، ولكن لا تظهر عليهم أي أعراض، لذلك هم أكثر عرضة لنشر المرض.

ويقول الباحثون "تغير السلوك الاجتماعي البشري عند دخول الفيروس. هذا هو أقوى مؤشر اكتُشف حتى الآن للتغير السلوكي المرتبط بمسببات الأمراض لدى البشر". والفيروس الذي جذب الانتباه من خلال البحث في التأثيرات السلوكية هو داء الكلب، وهي عدوى تصيب الدماغ والأعصاب من لدغة أو خدش حيوان مصاب.

ووجد أنه يمكن أن يتلاعب بالجهاز العصبي ويجعل الحيوانات أكثر عدوانية وأكثر عرضة للعض والخدش والبصق، ما يزيد من انتشار الفيروس الذي يقتل 59000 شخص سنويا في جميع أنحاء العالم.

وكشف تحليل بحث أجراه علماء الطفيليات في جامعة تشارلز في براغ عام 2007، أن الأشخاص المصابين بـ التوكسوبلازما"، وهو طفيلي وحيد الخلية مضيفه الطبيعي هو القط، أكثر عرضة بنسبة 2.65 مرة للتورط في حوادث المرور.

وتقول إحدى النظريات إنه يزيد هرمون التستوستيرون، ما قد يزيد من المخاطرة. وكتب الباحثون "النتائج التي حُصل عليها خلال الخمسة عشر عاما الماضية، تشير بقوة إلى أنها تؤثر ليس فقط على سلوك مضيفات القوارض ولكن أيضا على سلوك البشر".

ويعتقد بعض الخبراء أن أعراضا مثل السعال والعطس التي نطورها بسبب عدوى فيروسية، قد تكون طريقة أخرى للفيروسات للتحكم في السلوك لزيادة انتشارها.

ويقول غريغ تاورز، أستاذ علم الفيروسات الجزيئي في كلية لندن الجامعية: "يبدو من الأرجح أن فيروسات الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد تطورت لتجعلنا نسعل ونعطس لنقل الفيروس بطريقة فعالة. لا توجد دراسات تثبت أنك تعطس للتخلص من الفيروسات - هذا تخمين. ونظرا لوجود الفيروس داخل خلاياك، فمن السخف الإشارةإلى أنك تحاول التخلص منه. إنها لا تسير على هذا النحو، لذلك فهي نظرية سخيفة".

وأضاف "تطور الفيروسات إلى جانب مساعدتنا، مكّنها من التلاعب بأي جزء من بيولوجيتنا".