هل يستمر تحالف أوبك+ حتى بعد استقرار أسعار النفط

روسيا التي أنهكتها التضحيات التي قدّمتها تريد إنتاج المزيد إلا أن السعودية في كل اجتماع، تصرّ على الحفاظ على حصص أكثر صرامة.
السعودية تحتاج إلى سعر 70 دولارا للبرميل لضبط توازناتها المالية
روسيا عدلت ميزانيتها على أساس سعر 45 دولارا لبرميل النفط
لا يبدو أن تحالف اوبك+ سيغير قريبا إستراتيجيته رغم التباينات في وجهات النظر

لندن - جمعت بين السعودية وروسيا علاقة ظرفية أصبحت أساسية للحفاظ على صمود سوق النفط في مواجهة الأزمة الوبائية. ورغم أن هذه العلاقة بالغة الأهمية في الفترة العصيبة التي يمرّ بها العالم، إلا أنها قد تتصدّع مع تبدّد الأزمة.

ويشير الاقتصادي ألبيرتو بالبوني لدى شركة "كزيرفي" للدراسات إلى أن "على غرار أي كارتيل، فإن تحالف أوبك بلاس غير مستقر"، في وقت تعقد فيه الدول المنتجة للبترول قمة جديدة عبر الانترنت الأربعاء.

وأقام الكارتيل المؤلف من 13 دولة عضوا في منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) التي تقودها السعودية، تحالفا في أواخر العام 2016 مع عشر دول أخرى منتجة للخام، بينها روسيا، تحت اسم "أوبك بلاس".

وتخضع معظم الدول (مع إعفاء ثلاث منها)، لخفض حاد في إنتاجها للنفط الخام، تزايد أكثر منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19. ويتيح تخفيض العرض إمكانية دعم الأسعار بشكل مصطنع.

ويقول المحلل لدى شركة "بي في ام" تاماس فارغا إن "ما بدأ على أنه ارتباط ظرفي تحوّل إلى علاقة طويلة الأمد".

ويرى عدد كبير من الخبراء أن هذا التفاهم النفعي الذي وُلد ردا على التحديات التي تطرحها المنافسة الأميركية وانهيار الأسعار بين عامي 2014 و2016، مبرر أكثر لأن الأسعار منخفضة.

لكن مقابل الأسعار الحالية التي تفوق 60 دولارا لبرميل كل من خام برنت وغرب تكساس الوسيط أي المستوى الذي كانت عليه في مطلع 2020، يحذّر بالبوني من أن "إغراءات الخروج عن نظام الحصص" كبيرة.

وبالنسبة لروسيا التي سجّلت في ميزانيتها سعر بيع البرميل بين 42 و45 دولارا، خلافا للسعودية التي رغم أن كلفة الإنتاج لديها أقلّ، إلا أنها تواجه صعوبات في الحفاظ على توازن ميزانيتها بسعر أقل من 70 دولارا للبرميل.

ويشرح بالبوني أن روسيا التي أنهكتها التضحيات التي قدّمتها "تريد إنتاج المزيد إلا أن السعودية في كل اجتماع، تصرّ على الحفاظ على حصص أكثر صرامة".

وفي مؤشر على الخلافات، سمح الكارتيل الموسع لروسيا وكازاخستان فقط بزيادة إنتاجهما بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2021، أما السعودية فهي تنتج يوميا أقلّ بمليون برميل بشكل طوعي، إضافة إلى الحصة المخفّضة.

وتمكن التحالف حتى من مقاومة هذه الخلافات في وجهات النظر، لكن هل سيصمد مقابل الانتعاش المستدام للطلب واستقرار الأسعار على مستوى مرتفع؟

وسبق أن شهد التحالف في السادس من مارس/آذار 2020، اضطرابا عقب القمة الوزارية التي لا تزال حتى الآن الأخيرة للدول المنضوية في تحالف "أوبك بلاس" في مقر الكارتيل في فيينا بالنمسا.

وبدأ الأمر من الرياض، فبعد فشل المفاوضات، عوّمت المملكة سوق النفط، ما سرّع تراجع أسعار الخام إلى ما دون 50 دولارا وهو مستوى استغرق ثمانية أشهر لاستعادته.

ويوضح أليكسي غروموف المكلف بمسائل الطاقة في معهد الطاقة والمال في موسكو أن السعودية "معتادة على أن تكون القوة المهيمنة على السوق النفطية"، مضيفا "إلا أن الدولتين (روسيا والسعودية) تشغلان راهنا موقعين متطابقين تقريبا في أوبك بلاس، ما قد يؤدي بشكل منتظم إلى سوء فهم أو إلى نوع من التوتر".

حتى أن موسكو تتقدّم على الرياض في تصنيف الدول المنتجة للنفط الخام، فهما تحلاّن ثانية وثالثة على التوالي بعد الولايات المتحدة.

ويرى المحلل المستقل ومدير معهد "جيوبوليا" للدراسات والاستشارات فيليب سيبي-لوبيز أنه رغم الهدنة في الأشهر الأخيرة، لا تزال الرياض وموسكو دولتان "متنافستان خصوصا في السوق الآسيوية".

ويشير إلى أنه في وقت ما "لا يمكن أبدا استبعاد فرضية الانفصال، إلا أن العناصر لا تبدو مجتمعةً بعد".

وفي الأشهر الأخيرة، أدلت السعودية بسلسلة تصريحات إيجابية بشأن علاقاتها مع روسيا، تشير إلى أن المملكة قلبت فتح صفحة جديدة.

وختم بأنه حتى عندما "تفترق مسارات الدول الـ13 المنتجة للنفط المنضوية في التحالف ما إن تنتهي الأزمة، ستكون سابقة قد نشأت وسيكون من السهل أن توحدّ (الدول المنتجة) جهودها مجددا إذا لزم الأمر".