هل يفرض لقاء حفتر بماكرون وقف إطلاق النار في طرابلس

التطورات السياسية والعسكرية في ليبيا تشير إلى ضغط أوروبي على حكومة الوفاق وميليشياتها لوقف إطلاق النار في طرابلس دون شروط، حتى تتمكن من العودة إلى المفاوضات واستئناف العملية السياسية.

باريس – قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن الرئيس إيمانويل ماكرون يريد الاجتماع مع خليفة حفتر قائد قوات الجيش الوطني الليبي، للحث على وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام.

وكان ماكرون قد دعا الأسبوع الماضي إلى وقف لإطلاق النار في المعركة الدائرة منذ شهر للسيطرة على العاصمة طرابلس، بعد لقائه مع فائز السراج رئيس وزراء حكومة الوفاق.

وطرابلس مقر الإدارة المعترف بها ولكن العديد من الدول الغربية مثل فرنسا وروسيا والولايات المتحدة تدعم أيضا حفتر في حربه على الإرهاب ومحاربة المتشددين في بلد يعاني من الفوضى منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011.

وتتهم فرنسا مجموعات إسلامية متطرفة بدعم حكومة الوفاق، واقترحت الأربعاء الماضي إجراء "تقييم لسلوك المجموعات المسلحة في ليبيا بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة".

وبعد يوم واحد من لقاء ماكرون طلبت حكومة الوفاق من 40 شركة أجنبية من بينها شركة توتال النفطية الفرنسية تجديد تراخيصها وإلا تم وقف عملياتها.

وقال لو دريان إن "الوضع في ليبيا مقلق للغاية لأن خارطة الطريق التي اقترحتها الأمم المتحدة على الطرفين والتي وصلت تقريبا إلى نتيجة إيجابية.. فشلت اليوم من جانب بسبب مبادرة المشير حفتر وعدم مبادرة السراج".

 “لهذا السبب يريد الرئيس لقاء الطرفين لدعم مبادرة الأمم المتحدة”.

وفشل السراج في الحصول على تأييد أوروبي يدعم موقف ميليشيات طرابلس التي ترفض وقف إطلاق النار قبل عودة الجيش إلى مواقعه في الشرق.وعاد المشير حفتر إلى ليبيا السبت، بعد لقاء مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في زيارة دامت 3 أيام وهي الثانية إلى مصر منذ إطلاق عملية طرابلس مطلع أبريل/نيسان الماضي.
وخلال لقائهما، الخميس، أكد السيسي دعم بلاده "جهود مكافحة الإرهاب، لتحقيق الأمن والاستقرار، وكذلك دور المؤسسة العسكرية الليبية في استعادة مقومات الشرعية".

السراج يفشل في فرض شروطه لوقف إطلاق النار والحصول على تأييد أوروبي يدعم ميليشيات طرابلس

وسبق وأن كشفت وسائل إعلام ليبية عن زيارة مرتقبة لحفتر إلى باريس للقاء ماكرون خصوصا بعد وضوح التوافق الأوروبي والدولي على ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.

وفي حين أبدى الجيش استعداده لوقف إطلاق النار، تضع حكومة الوفاق شروطا يصفها البعض بغير الواقعية كانسحاب الجيش من مواقعه ورفض التحاور مع حفتر مستقبلا.
لكن متابعين للشأن الليبي يرون أن حكومة السراج لم يعد أمامها الكثير من الخيارات بعد وقوف الأطراف الغربية إلى جانب حفتر في حربه على المتطرفين، مرجحين إمكانية خضوعها للضغوط الدولية واستئناف المفاوضات بعيدا عن شروطها غير الواقعية.

وأمس الاثنين، قال الاتحاد الأوروبي إنه يتعين على الأطراف المتحاربة في ليبيا الالتزام بوقف إطلاق النار والعودة إلى جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة واصفا الوضع هناك بأنه تهديد للأمن الدولي.

وقال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بيان بعد اجتماعهم في بروكسل ندعو "جميع الأطراف أيضا إلى النأي بأنفسهم علنا وعلى الأرض عن العناصر الإرهابية والإجرامية المشاركة في القتال وعن أولئك المشتبه بارتكابهم جرائم حرب ومن بينهم الأفراد المسجلون لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

 من جانبه دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ عقب لقاء جمعه بالمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، جميع الأطراف في ليبيا، إلى وقف الاقتتال والعودة للحوار السياسي لحل الأزمة القائمة في البلاد.

واندلع أحدث قتال في ليبيا منذ شهر عندما شنت قوات الجيش الوطني الليبي التي يقودها خليفة حفتر هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس، في عملية قالت إنها تهدف إلى "القضاء على الإرهابيين والمرتزقة"، في إشارة إلى الميليشيات التي تقاتل غلى جانب حكومة الوفاق.

وتجد حكومة الوفاق نفسها في موقف ضعيف بعد عجز ميليشياتها في طرد قوات الجيش التي سيطرت على مواقع هامة تحيط بالعاصمة طرابلس، رغم مرور أكثر من شهر على بدء المعركة.

وهو ما يفسر رفض السراج والميليشيات الموالية له وقف إطلاق النار حتى لا يمنح الجيش فرصة للتفاوض من موقع قوة، لأن ذلك سيسمح الجيش لبسط سيطرته على طرابلس بشكل سلمي.