هند الصغير زروق تسافر في عالم الرسم بفكر وحلم ومزاج

الفنانة التشكيلية المولعة بالمغامرة وبالجمال وبأجواء الخيال والحرية والعاشقة للألوان الحية والأساسية ترسم لوحات بمثابة نسيج يبرز جماله وفق وحدة متناسقة من حيث اللون والموضوع.

للفنون عناوين شتى حيث الكائن يتخير منها ما يلائم مزاجه وفكرته الوجدانية والجمالية وهو يمضي في حله وترحاله تاركا قلبه للكلمات تفعل فعلها الملون بالشجن وبالأحلام البسيطة... هذه الأحلام التي خط معانيها أطفال جدد يمرجون وبلا ذاكرة..انه المرح الجديد الذي أخذ الطفلة الحالمة منذ خطى الطفولة الأولى الى تلوينات هي اللعبة المثلى وهي الأنشودة الأولى.
بين الرسم والنشيد نواح خافت يلمع في الآفاق هو بمثابة الذاكرة اللونية التي يحتشد بها عالم من جمال الذات والروح  ما يترجم من خلالها من رغبات جامحة تجاه الرسم والتلوين.

التداوي بالفن مجال علاقتي بالأطفال الذين أتقاسم معهم أشياء كالتلقائية والبراءة الأولى

فكرة التلوين أخذت الى شواسعها الفتاة لتغني لها أغنية مفعمة بالحلم..هذا الحلم الذي تخلت فيه هند عن الأرقام والحسابات لتركب صعاب ومغامرات الفن.. الرسم ..نعم انها المغامرة في أكوان الضجيج وعوالمه...
هكذا نلج عوالم الفنانة التشكيلية هند الصغير زروق في سفرها هذا مع عالم الرسم الذي غامرت في دروبه بما لديها من فكر وحلم ومزاج ..تنوعت أعمالها وفق ذاتها الفنانة التي قادتها الى ضجيج الفنون والأروقة وورشات الاطفال.. وهو ضجيج جميل ومحبذ لفنانة تحب الفن بل تتنفسه وقد صار ملاذها في صخب الحياة والأعمال والناس.
عن هذه الرحلة الفنية التي تخيرتها تقول الرسامة هند الصغير زروق "ولعي بالفن والرسم كان منذ الصغر حيث نمت بداخلي فكرة التلوين  وتطور هذا الأمر حيث انضممت الى ورشات للرسم ومع تخرجي من المعهد العالي للفنون الجميلة ضمن اختصاص "الديكور بالفضاء الداخلي" خضت بعد ذلك تجربة التنمية البشرية وطورت جوانب منها للعلاج والتداوي بالفن كمجال للأطفال الذين أتقاسم معهم الكثير من الأشياء كالتلقائية والبراءة الأولى وغير ذلك للهروب من ضغط العوالم اليومية".

العمل الفني عندي له طقوس ومناخات فيها مراحل متعددة وأديرها برغبتي ومزاجي

 وتضيف "بحكم عملي المادي في الحسابيات أحسست باهمية العوالم المعنوية وما تمنحني أياه من قيم ورمزيات تسعدني كثيرا في التعاطي مع الفنون والرسم".
 و"هذه العلاقة بعوالم الأطفال تثمر أعمالا فنية من خلال أحاسيسهم وتفاعلاتهم  وابداعاتهم كانت مجالا لمعرض ضمني خلال شهر ديسمبر 2020 بالفضاء السياحي الموفمبيك ..نعم الفن جزء مهم من حياتي وكياني ..فالعمل الفني عندي له طقوس ومناخات فيها مراحل متعددة وأديرها برغبتي ومزاجي حيث يبرز موضوع العمل ليأخذ حيزا في ذهني بنسبة 80 في المائة ويتبقى الانجاز بنسبة 20 بالمائة".
 أي أنني أعد لعملي الفني في ذهني ويكون جاهزا كفكرة وتلوين بنسبة كبيرة ..أمنح العمل الفني مرات لأعود اليه وهو يكتمل ويبرز في تطور جمالي بين لوحتي الفنية أضعها في مختلف الأضواء الطبيعية  غيرها في الشمس والنهار والليل لأفهم وأتبين ما أردته حيث العمل الذي يترجم ما قصدته ويمثل كينونتي ورغباتي الجمالية والفنية".

تعجبني تجارب عديدة أهمها لعلي بن سالم والخياشي من تونس وكليمت من النمسا..

وتؤكد "أنا أعمل وفق وعي فني ورؤية جمالية تتلاءم مع شخصيتي التي فيها الواقعي والمغامر وكذلك البراءة والهشاشة..هي شخصية الفنانة بداخلي ..أحب الألوان الحية والألوان الأساسية دون تخليط وكما هي وأميل للون الأخضر والألوان الأصلية ومشتقاتها..تجربتي مع "ديكور الفضاء الداخلي" منحتني خبرة فهم الفضاء.. فضاء اللوحة والبرسبيكتيف والتوازن بين الفارغ والممتلىء ...الفن مجال مهم للتهذيب والصقل والتجميل ..ميلي للفن وغرامي به له جذور حيث أن جدي كان يعمل في الخزف ويزوقه و هو موهوب في هذا الجانب وكذلك أمي كانت تعجبني تجارب متعددة لفنانين تونسيين وعالميين".
 و"في هذا السياق أذكر علي بن سالم والخياشي من تونس و كليمت من النمسا وهؤلاء طبعوا حبي للرسم في أعمالي الفنية أرغب في قول أشياء منها الحرية ..الانسان الحر من مرامي لوحاتي وتعبيراتي الجمالية عن كل ما بداخلي...".
أقامت عددا من المعارض الخاصة والجماعية منها المعرض الخاص برواق كاليستي خلال شهر مارس 2021 .
تتخير ألوانها التي تراها خاصة بها فيها النور والدفء تعبر فقط عن داخل الطفلة البريئة وهي تجاه القماشة تبصر سير تلوينها المخصوص في حوار مع ذاتها الحالمة بالانسان لطخات وخطوط وأشكال وتنقيط وما الى ذلك من العناصر.
 حيث تبدو اللوحة بمثابة النسيج الذي يبرز جماله وفق وحدة متناسقة لونا وموضوعا مع ما ارتأته هند الرسامة الشغوفة للقول بحيز كبير من اعتمالات ذاتها الامارة بالرسم والتلوين والفرح في عالم يحتاج شيئا من هدوء يقترحه الفن بقوة..
الرسامة هنا ترسم وتعانق ألوانها وهي تتنفس وتحلم برؤية الجمال والبهاء والرقي ..تلوينات في فضاء يمضي الى الاحتفاء بالرسم وهو يثمن الانسان وذواته المتعددة والمرأة هنا في مساحات مذهبة تلمع تحيل الى نساء غوستاف كليمت الفنان التشكيلي النمساوي ..هند الصغير تحتفي بلوحاتها وهي تحلم لترسم ما بدا لها وفق شغفها هذا لا تلوي على غير القول بالفن يعلي من عناوينها الضاجة بالجمال ترتب ما تداعى في الأكوان وفي دواخلها هي كطفلة غامرت بالحب تجاه الفن لتسافر مع الأطفال في عوالمهم البريئة والهشة والجميلة...

في أعمالي قول أشياء كالحرية..الانسان الحر هدف لوحاتي وتعبيراتي الجمالية عن دواخلي

 وقد تماهى الفنان التشكيلي والناقد الدكتور الحبيب بيدة مع عمل الفنانة هند الصغير الفني والجمالي ليقول "ذاكرة خيال هند الصغيّر، هذه الفنانة التي بدت لنا مغامرة بشغف لاكتشاف خزائنها الملآنة أسرارا تحاول أن تمنحنا مفاتيحها.هي أسرار ذواتها إن صح القول لذلك اختارت أن يكون عنوان أبحاثها البصرية على عتبة الذات لكنني استشف من هذه الأبحاث، هذه الفضاءات التصويرية بما تمتلكه وما تحتويه أنها مبدعة من ذاتها وذاتها تحتوي ذوات متعددة ومتنوعة تعطي للباصر المتبصر ذي البصيرة النافذة، العديد من السمات والخصائص اللغة/تشكيلية أو اللغة/تصويرية".
ويضيف "لم تقتصر الرسامة هند على ثوابت جامدة بل كان حدسها منطلقا، مندفعا لاختراق ما تمكنه أدوات الحسّ لتبدع مشاهد من ذاكرتها ومن ذاكرة الفن تآليفًا ومعالجات مادّويّة للألوان والأنسجة التي تتفاعل لتلتقي بممكنات ومكتشفات فناني الحداثة.إذ نجد في فضاءاتها حوارات بين قوقان وماتيس وكليمت وكأنني بها تحوّل وجهة هؤلاء الفنانين لتجد لنفسها طريقا مختلفا يعانق ذاتها وتعانقه.في هذا الطريق، كانت صورة المرأة وصيرورتها عبر مساحاتها التي تعمّقت واتخذت أبعادا فضائية وفضاءوية بفعل ذكائها، ذكاء هند التشكيلي.
 إذ فعّلت أشكال هذه الصور بلمسات ولطخات وخطوط وخطيطات ونقاط ونقيطات فأصبحت أنسجة ملتمعة تنادينا وتنادي أبصارنا للخوض في خيوطها "المنسوجة" فترتجّ العين بفعل هذا البحث اللذيذ عن العلائق الممكنة بين ذرات متجاورة متراكبة ومتلاصقة. ذرّات تلتمع بفعل تبايناتها وتعالقاتها بلون ذهبي لمّاع هو الآخر يذكرنا تعامل الرسّامة معه بتعامل قوستاف كليمت الذي كان يبحث عن تحاور الفنون الغربية مع الفسيفساء البيزنطية واللوالب الأرابسكية العربية، لكن هند تبحث في اللوحة عن تعالق آخر وعناق آخر، عناق ذاتها المبدعة لذوات كامنة فيها عددتها ونوعتها ثقافات تصويرية. أعتقد أنها بذلك تبحث عن تأليف ما أو تآلف ما بين بواطن ساكنة حركتها لتتظهّر وتطرب الذوات المدركة لها ولفضاءاتها المؤلفة.
وتعدّدت صور النساء أو النسوة المجردات والمدمجات في الفضاء التصويري للتتّخذ أبعادا جديدة ومفاهيم جديدة، مفاهيم تنطلق من كونها تعلات للتصوير لتصبح هي التصوير وهكذا يندمج الحسّ مع المفهوم في حقل التصوير، هذا المفهوم الذي ينفتح ويتجاوز حدود اللوحة الحاملة له ليحلّق في رؤى الأنفس العاشقة للحريّة، حريّة الرؤيا.تمكننا هند من الالتذاذ والاستمتاع البصري إلى أن ننسى هذه اللذة وهذه المتعة البصريتين لنطرب في أجواء ملائكية سمّوائيّة في حقول فردوسية ننفذ من خلالها إلى صدق الرسّامة الذي يجعلنا نتأمل وفي نفس الوقت نأمل الصعود إلى هذه الأجواء العليا، أجواء الخيال الملتحف بنور اللون والمتحرك بلون النور الذي انبجس بعد أن تجاوز عتبة ذات الفنانة لننتشي معها بسر خمره وإلق سحره في مأدبة الفنانين الباحثين عن جمال الخيال وأخيلة الجمال برفقة الملائكة العاشقين...".
هند الصغير زروق فنانة تشكيلية تنحت طريقها بحب وأمل كبيرين في عوالم اللون لتقول ما يعتمل في دواخلها بكثير من شعرية الحال والأحوال وببهاء معتق هو نشيدها القديم حيث الخطى الأولى لطفلة البدايات مع الرسم ..الرسم الذي صار الهاجس لها..و الحياة.