واشنطن تؤكد وموسكو تنفي غزوا وشيكا لأوكرانيا
موسكو/كييف - بلغ التوتر أشده اليوم الخميس بين روسيا من جهة والدول الغربية الحليفة لأوكرانيا من جهة ثانية، فيما تتسارع التطورات بما يوحي بحرب وشيكة نفتها موسكو واعتبرها ادعاءات غير صحيحة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن "كل المؤشرات" على أن روسيا تخطط لغزو أوكرانيا ما زالت قائمة، بما في ذلك مؤشرات على اعتزامها ممارسة عملية خداع لتبرير خطوتها، بعد تبادل إطلاق النار بين القوات الأوكرانية ومتمردين موالين لموسكو.
من جانبها طردت موسكو المسؤول الثاني في السفارة الأميركية وأرسلت للسفير خطابا شديد اللهجة تتهم فيه واشنطن بتجاهل مطالبها الأمنية. وهددت "بإجراءات عسكرية-فنية" لم تحددها.
وأثار تبادل إطلاق النار بين القوات الأوكرانية وانفصاليين تدعمهم روسيا داخل أوكرانيا في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس المخاوف من اندلاع حرب. وحذر مسؤولون غربيون مرارا من أن موسكو قد تحاول إيجاد ذريعة لتبرير غزوها وقالوا إنهم يعتقدون أن هذا السيناريو يتكشف الآن.
وقال بايدن للصحفيين لدى مغادرته البيت الأبيض "لدينا سبب لنعتقد أنهم منخرطون في عملية خداع ليتوفر لهم مبرر للغزو. كل المؤشرات التي لدينا تفيد بأنهم يستعدون لاجتياح أوكرانيا".
وأمر بايدن وزير الخارجية أنتوني بلينكن بتغيير خطط السفر الخاصة به في اللحظة الأخيرة كي يتحدث في اجتماع لمجلس الأمن بشأن أوكرانيا.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحفيين "الأدلة على الأرض تشير إلى أن روسيا تتجه نحو غزو وشيك. هذه لحظة حاسمة".
من جانبها تنفي موسكو نية غزو جارتها. وقالت هذا الأسبوع إنها تسحب بعضا من قواتها التي يزيد قوامها عن 100 ألف جندي كانت قد حشدتهم قرب الحدود. وتقول واشنطن إن روسيا لا تسحب القوات لكنها في واقع الأمر ترسل المزيد.
وفي مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن "نراهم يدفعون بالمزيد من الطائرات القتالية وطائرات الدعم. نراهم يكثفون استعدادهم في البحر الأسود. الأكثر من ذلك أننا نراهم يقومون بتخزين إمدادات الدم".
أضاف "لقد كنت جنديا حتى وقت ليس ببعيد. أعرف بشكل مباشر أن هذه الأشياء لا تحدث دون أسباب.. ولا أحد يفعل ذلك لو كان يستعد لحزم أمتعته والعودة".
وقدمت أوكرانيا والمتمردون المدعومون من روسيا روايتين تدحض كل منهما الأخرى عن القصف على خط التماس في منطقة دونباس الانفصالية. ولم يتسن التأكد بشكل يقيني من تفاصيل ما جرى عبر مصدر مستقل، لكن التقارير الواردة من كلا الجانبين أشارت إلى شيء أشد خطورة من مجرد حوادث انتهاك وقف النار التي ترد تقارير عنها بشكل معتاد.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن موسكو "قلقة للغاية" إزاء التقارير المتعلقة بالتصعيد. ودأبت روسيا على اتهام كييف بالتخطيط لإثارة التصعيد كذريعة للاستيلاء على أراضي المتمردين بالقوة، وهو ما تنفيه أوكرانيا.
ووصفت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس التقارير بأنها "محاولة مكشوفة" من قبل الحكومة الروسية لاختلاق ذرائع للغزو، فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن القوات الموالية لروسيا قصفت روضة أطفال، معتبرا ذلك "استفزازا خطيرا". وأظهرت لقطات فيديو نشرتها الشرطة الأوكرانية ثقبا في جدار في غرفة يتناثر فيها الحطام مع لعب الأطفال.
واتهم الانفصاليون القوات الأوكرانية بفتح النار على مناطقهم أربع مرات خلال الـ24 ساعة الماضية.
وسُمع في بلدة كادييفكا بمنطقة لوجانسك التي يسيطر عليها الانفصاليون في أوكرانيا بعضا من أصوت نيران المدفعية القادمة من اتجاه خط التماس، لكنه لم ترد تفاصيل دقيقة عما يحدث.
وقال أوستن إن واشنطن "ما زالت في مرحلة جمع التفاصيل، لكننا قلنا منذ وقت إن الروس قد يفعلون شيئا كهذا لتبرير صراع عسكري".
وقال الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلف "يشعر بالقلق من أن روسيا تحاول اختلاق ذريعة لهجوم مسلح على أوكرانيا"، مضيفا "لديهم ما يكفي من القوات والقدرات لشن عملية غزو كامل لأوكرانيا مع فترة تحذير لا تذكر أو بدون".
وسلمت روسيا خطابا للسفير الأميركي تتهم فيه واشنطن بتجاهل مطالبها الأمنية التي تشمل التعهد بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام لحلف شمال الأطلسي مطلقا.
وورد في الوثيقة "في غياب استعداد الجانب الأميركي للاتفاق على ضمانات صارمة وملزمة قانونا لأمننا من الولايات المتحدة وحلفائها، ستضطر روسيا للرد بما في ذلك من خلال تنفيذ إجراءات عسكرية فنية".
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن روسيا لم تقدم تفسيرا لقرارها الخاص بطرد نائب السفير بارت جورمان من سفارتها لدى موسكو. وقال متحدث "إجراء روسيا ضد نائب رئيس البعثة غير مبرر ونعتبره خطوة تصعيدية ونبحث الرد عليه".
ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو قالت إنه يوضح رحيل المزيد من الوحدات الروسية من منطقة قريبة من الحدود، لكن شركة ماكسار تكنولوجيز، وهي شركة أميركية خاصة تتعقب تحركات الحشود العسكرية، قالت إن صور الأقمار الصناعية تبين أنه في الوقت الذي سحبت فيه روسيا بعض المعدات العسكرية من قرب أوكرانيا، وصلت معدات أخرى