واشنطن تبدد آمال أردوغان بالنجاة من العقوبات الأميركية

وزير الخزانة الأميركي يقول إن إدارة الرئيس ترامب تدرس فرض عقوبات على تركيا لشرائها منظومة اس 400 الروسية، موضحا أن القرار لم يتخذ بعد لكنه قائم.

لا مفرّ لتركيا من عقوبات أميركية ردا على صفقة اس 400 الروسية
واشنطن لا تستبعد فرض عقوبات على تركيا بسبب اس 400 الروسية
تركيا تدفع فاتورة مغامرات أردوغان وتقاربه مع روسيا وإيران

واشنطن - بددت واشنطن اليوم الاثنين آمال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتجنب عقوبات أميركية محتملة ردا على إتمام تركيا شراء منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية "اس 400".

وكان أردوغان قد تنفس الصعداء بعد أن أعلن الرئيس الأميركي قبل أكثر من شهر أنه لا يفكر في فرض عقوبات على تركيا لشرائها منظومة الصواريخ الروسية، محملا حينها الإدارة الأميركية الديمقراطية السابقة برئاسة باراك أوباما المسؤولية عن لجوء تركيا في نهاية المطاف إلى شراء "اس 400". وقال إن إدارة أوباما رفضت بيع منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية لأنقرة.

لكن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين لم يستبعد اليوم الاثنين فرض عقوبات على تركيا، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس ترامب تدرس اتخاذ إجراءات عقابية بحق تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400، موضحا في الوقت ذاته أنها (إدارة ترامب) لم تتخذ قرارات بعد في هذا الشأن.

صفقة الصواريخ الروسية سممت العلاقات الأميركية التركية
صفقة الصواريخ الروسية سممت العلاقات الأميركية التركية

وأضاف منوتشين في تصريحات للصحفيين خارج البيت الأبيض ردا على سؤال عما إذا كانت وزارة الخزانة تفكر في فرض عقوبات "ننظر في الأمر، لن أدلي بأي تصريحات عن أي قرارات محددة، لكننا ننظر في الأمر". ولم يحدد أي أهداف محتملة للعقوبات.

وأنقرة وواشنطن على خلاف بسبب شراء تركيا منظومة إس-400 الروسية التي تقول الولايات المتحدة إنها لا تتوافق مع دفاعات حلف شمال الأطلسي وتشكل تهديدا لمقاتلات إف-35 الشبح التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.

وفي حال فرضت واشنطن عقوبات على تركيا فإن ذلك من شأنه أن يفاقم الأزمة الاقتصادية ويعمّق مأزق الرئيس التركي الذي حاول مرارا تفسير تدهور قيمة الليرة التركية وارتفاع معدل التضخم بما وصفها بـ"مؤامرة خارجية" ومحلية تستهدف ضرب الاقتصاد التركي وما تحقق من مكاسب.

ولم تكن تبريرات أردوغان مقنعة بالشكل الذي يجنّبه حالة التوتر الداخلي سياسيا واجتماعيا وكانت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة خير ردّ شعبي على فقدان الثقة في حزب العدالة والتنمية.

وفي تصويت يعتبر بكل المقاييس تصويتا عقابيا، تلقى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم ضربة قاصمة بخسارته رئاستي بلدية أنقرة واسطنبول لصالح المعارضة التي أنهت نحو عقدين من سيطرة الإسلاميين على أهم بلديتين من حيث الوزن الانتخابي والديمغرافي والاقتصادي.

ويخوض أردوغان في الداخل معركة خفض نسبة الفائدة، معتبرا أنها سبب كل الشرور الاقتصادية بما فيها الارتفاع القياسي في نسبة التضخم، وبادر في يوليو/تموز الماضي بإقالة محافظ البنك المركزي مراد تشين قايا من منصبه لأنه رفض تخفيض سعر الفائدة عن 24 بالمئة إلا بإجراءات اقتصادية موازية تقلل من الركود.

الليرة التركية تلقت ضربات متتالية
سياسات أردوغان دفعت بالليرة التركية إلى هوّة عميقة في أكثر من مناسبة

وعيّن محافظا جديدا للمركزي التركي، لكن هذا التغيير لم تكن له نتيجة ايجابية تذكر فقد ضلت العلل الاقتصادية على حالها.   

وهوت قيمة الليرة التركية مرارا على وقع تهديدات أميركية سابقة بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب قضية قس أميركي احتجزته أنقرة وأصر الرئيس التركي على محاكمته بتهمة الإرهاب.

ورضخت أنقرة في النهاية للتهديدات الأميركية وأفرجت عن القس الأميركي  أندرو برونسون مدفوعة بمخاوف من استمرار انحدار قيمة الليرة في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد حالة من الركود وسط توقعات بمسار أسوأ.

وبالنظر للتطورات الأخيرة فإن أردوغان قد يجد نفسه في مأزق حقيقي إذا اتخذت واشنطن إجراءات عقابية بحق تركيا في هذا الظرف تحديدا.

ولم تتضح العقوبات التي لم يستبعد وزير الخزانة الأميركية فرضها على أنقرة، لكن الأرجح أنها ستشمل برامج التعاون العسكري مع الحليف التركي وقطاعات حيوية أخرى.

وفي كل الحالات وأيا كانت طبيعة العقوبات فإنها حتما ستدفع الليرة التركية إلى هوّة عميقة لتزيد من معاناة الاقتصاد المتعثر.

أردوغان دخل مع واشنطن في معركة ليّ أذرع خاسرة واختبر في السابق حجم الردّ الأميركي على عناده في قضايا منها قضية القس الأميركي أندرو برونسون

ورغم أن موسكو وفرت بدائل لتركيا لتجاوز التداعيات التي قد تترتب على عقوبات أميركية محتملة، إلا أن ذلك لا يعني أنها ستتجنب ارتدادات العقوبات الأميركية على القطاعات المالية الحيوية.

ويأتي تصريح وزير الخزانة الأميركي في الوقت الذي أبدت فيه أنقرة تضامنها ودعمها لإيران في مواجهة العقوبات الأميركية خاصة في ما يتعلق بمبيعات النفط الإيراني.

وهذا الموقف لوحده كفيل بإثارة غضب الحليف الأميركي الذي يسعى لتضييق الخناق على إيران ودفعها لتفاوض تحت الضغط على برنامجيها النووي والصاروخي.

ويعتقد المتابعون للشأن التركي أن الرئيس أردوغان جازف بمستقبل تركيا واقتصادها حين دخل في معركة ليّ أذرع مع الولايات المتحدة في ملف منظومة الصورايخ الروسية ولتقاربه مع إيران.

واعتبروا أنه دخل معركة خاسرة وأن واشنطن لن تترك هذا الأمر يمرّ بلا ردّ عاجلا أم آجلا وقد لمّح ترامب نفسه لهذا الأمر من دون أن يقدم أي توضيح حول الإجراءات التي يمكن أن تتخذها إدارته ردا على العناد التركي.