واشنطن تتحسب لهجمات جديدة من فصائل عراقية موالية لإيران

وزير الدفاع الأميركي يرى أن هناك مؤشرات على أن الفصائل الشيعية العراقية الموالية لإيران تخطط لشنّ المزيد من الهجمات على القوات والمصالح الأميركية في العراق.

واشنطن تتوعد بالرد على إيران وفصائلها في العراق
مارك أسبر: سنجعل إيران والموالين لها يندمون إذا هاجوا قواتنا في العراق
حزب الله العراقي يهدد بالانتقام ردا على الغارات الأميركية على مواقعه

واشنطن - لم تستبعد الولايات المتحدة الخميس أن تتعرض سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في العراق ومصالحها لهجمات جديدة تنفذها فصائل عراقية موالية لإيران، متوعدة طهران بأنها ستندم على أفعالها.

وقال وزير الدفاع الأميركي مارك أسبر الخميس إنه يتوقع أن تقوم الفصائل الشيعية الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأميركية، مضيفا "سنجعلهم يندمون" عليها وذلك بعد مهاجمة السفارة الأميركية في بغداد ومقتل أميركي في كركوك.

وأوضح أن هناك مؤشرات على أن إيران أو فصائل تحظى بدعمها ربما تخطط لشن المزيد من الهجمات، مضيفا أن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات استباقية لحماية الأميركيين.

وقال "هناك بعض المؤشرات على أنهم ربما يخططون لهجمات أخرى. هذا ليس بالأمر الجديد كليا رأينا ذلك لشهرين أو ثلاثة أشهر إلى الآن".

وتابع "إذا حدث ذلك فحينها سنتحرك. وبالمناسبة إذا سمعنا شيئا عن هجمات أو مؤشر من نوع ما، فإننا سنقوم بتحرك استباقي أيضا لحماية القوات الأميركية وأرواح الأميركيين".

وقال أيضا "إننا نشهد استفزازات منذ أشهر"، متسائلا "هل اعتقد أنهم يمكن أن يقدموا على فعل شيء؟ الجواب نعم. وسيندمون على ذلك على الأرجح... نحن جاهزون للدفاع عن أنفسنا ومستعدون لصد أي تصرفات سيئة أخرى من هذه الجماعات التي ترعاها وتوجهها وتمولها جميعا إيران".

واشنطن تعتبر محاولة اقتحام سفارتها ضجيجا مفتعلا للفت الانتباه
واشنطن تعتبر محاولة اقتحام سفارتها ضجيجا مفتعلا للفت الانتباه

وأكد أنه إذا علمت واشنطن بهجمات جديدة قيد التحضير "فسنتخذ إجراءات وقائية لحماية القوات الأميركية ولحماية أرواح أميركية"، فيما أعلن قائد الأركان الجنرال مارك ميلي من جهته أن السفارة الأميركية في بغداد محمية بشكل جيد.

وأضاف أن المتظاهرين "أثاروا الكثير من الدخان للفت الانتباه"، لكن "نحن متأكدون تماما أن السفارة آمنة وأنه من غير المرجح إلى حد كبير أن يتمكن أي كان من اقتحامها".

واقتحم الثلاثاء آلاف المحتجين العراقيين السفارة الأميركية في بغداد وهتفوا "الموت لأميركا" بسبب هجمات جوية شنها الطيران الأميركي على قواعد لحزب الله العراقي الموالي لإيران في شمال العراق. وقتل 25 مقاتلا في تلك الغارات.

وانسحب المتظاهرون الأربعاء من محيط السفارة الأميركية بعد يومين من العنف، لكن حزب الله الذي تم استهدافه هدد بالانتقام.

وقال قائد الأركان الأميركي إن هجوم كتائب حزب الله على قاعدة كركوك كان هدفه "قتل أميركيين" مضيفا أن "إطلاق 31 قذيفة ليس إطلاق نار تحذيريا، بل هدفه التسبب في أضرار والقتل".

وأشار اسبر إلى أن كل ذلك "غيَّر المعطيات ونحن على استعداد لفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن موظفينا ومصالحنا وشركائنا في المنطقة".

وردا على سؤال حول ما ينتظره الأميركيون من السلطات العراقية قال المسؤولان الأميركيان إن على الحكومة العراقية بذل المزيد لحماية القوات الأميركية.

ولاحظ الجنرال ميلي أن العراقيين "لديهم القدرات لفعل ذلك. السؤال بالطبع عن الإرادة السياسية وهذا أمر لسنا نحن من يقرره".

وانتشرت القوات العراقية الخاصة الخميس لتأمين السفارة الأميركية التي تعرضت لحصار استمر يوما من حشد موال لإيران وغطى على الاحتجاجات المناهضة للحكومة المستمرة منذ أشهر.

وأثار الهجوم غير المسبوق على السفارة الأميركية في بغداد والذي ألقى خلاله المحتجون الحجارة على جدران السفارة وكتبوا عليها عبارات وأضرموا النيران حولها، مخاوف من اندلاع حرب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة، حليفتا العراق.

وحاصر أنصار الحشد الشعبي السفارة إثر هجوم نفذه محتجون غاضبون تنديدا بالغارات الجوية التي استهدفت كتائب حزب الله الفصيل الموالي لإيران والمنضوي ضمن الحشد الشعبي وأسفرت عن سقوط 25 قتيلا.

والخميس انتشرت أكثر من 12 عربة سوداء مدرعة تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي الذي تلقى تدريبا أميركيا، في شوارع السفارة في المنطقة الخضراء لتعزيز الأمن هناك.

عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي انتشرت أمام السفارة الأميركية لحمايتها بعد محاولة اقتحامها من أنصار الحشد
عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي انتشرت أمام السفارة الأميركية لحمايتها بعد محاولة اقتحامها من أنصار الحشد

ولا تزال الشعارات الموالية لإيران تغطي الجدران الإسمنتية السميكة التي اقتحمها المحتجون، إلا أنه تمت إزالة أعلام الحشد التي زرعها المحتجون على الجدران الخارجية للسفارة وصور المقاتلين الذين قتلوا في الغارة الأميركية التي وضعوها حدادا عليهم.

وشوهد موظفو السفارة وهم ينظفون منطقة الاستقبال التي اقتحمها المحتجون وأشعلوا فيها النيران واستخدمت الرافعات لإزالة قطع الحجارة التي ألقوا بها على السفارة.

وأثار الهجوم مقارنات بين ما حدث وبين أزمة الرهائن في السفارة الأميركية في طهران في عام 1979 والهجوم الدموي على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية في 2012.

وأثار العنف كذلك قلق العراقيين الذي يحتجون منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 على الفساد الحكومي والبطالة وتردي الخدمات العامة.

وشهدت تلك التظاهرات وهي الأكبر التي يشهدها العراق منذ عقود، تدفق آلاف المحتجين إلى شوارع العاصمة ومدن جنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية. وقتل نحو 460 شخصا وأصيب نحو 25 ألفاً آخرين في العنف المرتبط بالاحتجاجات.

وشعر المحتجون بالقلق من أن تحول أحداث السفارة الأميركية الأنظار عن احتجاجاتهم أو يُعتقد خطأ أنها استمرار لحركتهم.

وقال أحمد محمد علي الطالب المحتج في مدينة الناصرية الجنوبية الساخنة "ما حدث أمام السفارة الأميركية كان محاولة لإبعاد أعين الناس عن الاحتجاجات الشعبية التي دخلت الآن شهرها الرابع"، مضيفا "ما زلنا هنا ونحتج من أحل التغيير ونأمل في النصر".

ويأتي تصميم علي رغم محاولات قتل اثنين من النشطاء في الناصرية خلال الليل، إلا أنهما نجيا.

ولكن الناشط سعدون اللهيبي قتل بعيار ناري في رأسه في حي في جنوب غرب بغداد أثناء اشتراكه في احتجاج مناهض للحكومة.

ولقي حوالي عشرة من النشطاء حتفهم في أعمال قتل استهدفتهم في جميع أنحاء العراق فيما وصفه المتظاهرون بأنها حملة تهدف إلى تخويفهم لوقف تحركاتهم. واستمر الكثيرون في الاحتجاجات التي هزت مدينة الديوانية الجنوبية الخميس.

وأغلق المتظاهرون هناك معظم المكاتب الحكومية لكنهم سمحوا لها بإعادة فتح أبوابها لفترة وجيزة هذا الأسبوع للسماح للموظفين بتلقي رواتب نهاية العام.

وأظهر الهجوم على السفارة توترات جديدة في العلاقات الأميركية العراقية التي وصفها مسؤولون من البلدين بأنها "عند أدنى مستوياتها" منذ سنين.

وقادت الولايات المتحدة في 2003 حملة عسكرية ضد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتعمل بشكل وثيق مع المسؤولين العراقيين منذ ذلك الحين.

إلا أن نفوذها تناقص مقارنة مع نفوذ إيران التي أقامت علاقات وثيقة مع السياسيين العراقيين والفصائل المسلحة حتى خلال حكم صدام.

ودعمت كل من واشنطن وطهران قوات الأمن العراقية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، لكن التوتر بينهما تصاعد منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووية التاريخي مع إيران في 2018.

ويخشى المسؤولون العراقيون من أن بلادهم يمكن أن تستخدم كساحة لتسوية الخلافات بين إيران والولايات المتحدة.

وقال ريناد منصور الخبير في شاتام هاوس ومقره لندن "قبل هذه الأحداث، كان هناك اتفاق على أنه في مرحلة ما بعد داعش لا تهاجم الولايات المتحدة وإيران بعضهما بعضا بشكل مباشر".

وأضاف أن هذا الاتفاق أصبح على المحك الآن "لأن إيران وحلفاءها في وضع سيء. هذا مزعزع للاستقرار للغاية لأنهم سيسعون لتغيير الوضع الراهن".