إيران تكابر بعد فك واشنطن آخر ارتباط بالاتفاق النووي

الولايات المتحدة تنهي العمل بالاستثناءات من العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني في قرار يستهدف روسيا بالدرجة الأولى.
برايان هوك: إما التفاوض او الانهيار الاقتصادي
واشنطن تفرض عقوبات على مدير هيئة الطاقة النووية الإيرانية
روسيا تنتقد قرارات واشنطن وتصفها بالسلوك الخطير

طهران/واشنطن - أكدت طهران الخميس أن قرار الولايات المتحدة وضع حد للإعفاءات من العقوبات المفروضة على إيران بشأن برنامجها النووي هو "محاولة يائسة" لن تؤثر على الجمهورية الإسلامية.

وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي إن وضع حد الأربعاء لهذه الاستثناءات يهدف إلى "تحويل أنظار الرأي العام عن هزائم واشنطن المتواصلة بمواجهة إيران".

وأضاف في بيان نشر على موقع المنظمة أن "إنهاء العمل بالاستثناءات في التعاون النووي مع إيران ليس له أي تأثير فعلي على عمل إيران المتواصل"، في تصريح يناقض واقعا متأزما بالفعل على جميع المستويات في الجمهورية الإسلامية التي وضعت العقوبات الأميركية اقتصادها على حافة الهاوية.

ورأى المتحدث أن القرار الأميركي اتخذ ردا على تسليم النفط الإيراني إلى فنزويلا الخاضعة هي أيضا لعقوبات أميركية وعلى "التقدم الكبير في الصناعة النووية الإيرانية".

وكان المسؤول الإيراني يشير إلى 5 ناقلات نفط إيرانية محملة بالوقود رست بعضها في موانئ فنزويلا والتي تقول واشنطن والمعارضة الفنزويلية إنها موجهة لدعم نظام الرئيس نيكولاس مادورو وأنها مخصصة للأجهزة الأمنية والعسكرية وليست موجهة للشعب الفنزويلي.  

وأعلنت الولايات المتحدة الأربعاء انتهاء العمل بالاستثناءات التي كانت تسمح حتى الآن بمشاريع مرتبطة بالبرنامج النووي المدني الإيراني على الرغم من عقوبات واشنطن، في آخر خطوة لفك الارتباط الأميركي بالاتفاق الدولي المبرم في 2015 وانسحب منه الرئيس دونالد ترامب.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان "أعلن انتهاء الاستثناءات من العقوبات المتعلقة بكلّ المشاريع النووية في إيران".
ويعني هذا القرار عملياً أنّ الدول التي ما زالت ملتزمة الاتفاق الدولي المبرم مع إيران حول برنامجها النووي والمنخرطة في هذه المشاريع النووية المدنية الإيرانية أصبحت معرضة لعقوبات أميركية إذا لم تنسحب من هذه المشاريع. وهذا الأمر يتعلق بروسيا بالدرجة الأولى.
وعلى الرّغم من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشنّ، منذ انسحبت في 2018 من الاتفاق الدولي المبرم في 2015، حملة "ضغوط قصوى" على طهران، قامت إدارة ترامب بتمديد العمل بهذه الإعفاءات بانتظام، بدون أن يرافق ذلك ضجة إعلامية.
وشملت هذه الإعفاءات خصوصا مفاعل طهران المخصص للأبحاث، ومفاعل آراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة وتمّ تعديله تحت إشراف المجتمع الدولي لجعل إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري فيه "مستحيلا".
وحدد بومبيو مهلة أخرى تنتهي خلال ستين يوما "تسمح للشركات والكيانات المشاركة في هذه الأنشطة بإنهاء عملياتها".
في المقابل أعلن الوزير الأميركي أنّ واشنطن جدّدت لمدّة 90 يوما الإعفاء الممنوح لبرنامج الدعم الدولي لمفاعل بوشهر وذلك بهدف "ضمان أمن العمليات" في هذه المحطة الحرارية النووية.
وكانت الولايات المتّحدة ألغت في تشرين الثاني/نوفمبر الإعفاء الممنوح لمفاعل فوردو النووي الإيراني.
رأى بنهان بن طالبلو من المركز الفكري "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" الذي يدافع عن اتباع سياسة صارمة حيال إيران "سياسيا، لم تكن هذه الإعفاءات متجانسة مع استراتيجية الضغط الأقصى".
وأضاف أن "الانتهاكات التي ترتكبها إيران تزداد بوجود الاستثناءات وفي غيابها".

الانتهاكات التي ترتكبها إيران تزداد بوجود الاستثناءات وفي غيابها

من جهته، قال الممثل الأميركي الخاص بالشأن الإيراني برايان هوك إن سياسة "الضغوط القصوى" التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخيّر إيران بين التفاوض مع الولايات المتحدة أو مواجهة انهيار اقتصادي نتيجة العقوبات الأميركية.
وقال هوك للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء "نظرا لضغوطنا، يواجه زعماء إيران خيارا: إما التفاوض معنا أو التعامل مع انهيار اقتصادي".
ومنذ أشهر عدّة تشهد الإدارة الأميركية جدلاً بشأن ما إذا كان يتعيّن على الولايات المتّحدة إخضاع هذه البرامج النووية المدنية في إيران، على غرار سائر القطاعات الاقتصادية الإيرانية تقريباً، للعقوبات الأميركية، وبالتالي منع الشركات الروسية والصينية والأوروبية التي ما زالت تعمل في هذه البرامج من الاستمرار في ذلك.
وفي نهاية المطاف، تغلب الخط المتشدد ردا على فك طهران تدريجيا التزامها بالاتفاق الموقع في 2015.
في الواقع بدأت الجمهورية الإسلامية في الأشهر الأخيرة الامتناع عن احترام بعض التزاماتها في المجال النووي، للاحتجاج على العقوبات الأميركية التي تخنق اقتصادها.
ودفع القرار الإيراني الموقعين الأوروبيين لاتفاق فيينا (فرنسا والمانيا وبريطانيا) إلى إطلاق إجراءات ضد إيران لانتهاكها النص الذي بات على وشك الانهيار.
وقال بومبيو في بيانه إن "النظام الإيراني يواصل تهديداته النووية". وأضاف "لم أعد قادرا على تبرير تمديد هذه الاستثناءات". وأضاف أن "الابتزاز النووي للنظام سيؤدي إلى ضغط متزايد على إيران".
من جهة أخرى، أدرج بومبيو المدير التنفيذي لهيئة الطاقة النووية الإيرانية أمجد سازغار ومسؤولا آخر مكلفا البحث والتطوير بشأن أجهزة الطرد المركزي ماجد أغائي على لائحة سوداء أميركية.
وبلغ التوتر بين واشنطن وطهران أوجه مطلع كانون الثاني/يناير عندما قتل الجيش الأميركي بضربة جوية بالقرب من مطار بغداد الجنرال الإيراني قاسم سليماني.
وتنوي إدارة ترامب الآن العمل لتمديد الحظر الدولي على بيع أسلحة تقليدية إلى إيران، الذي ينتهي في تشرين الأول/اكتوبر. وحذرت طهران من أن إجراء كهذا سيفعل "الموت الأبدي" للاتفاق حول البرنامج النووي.

وانتقدت موسكو سلوك الولايات المتحدة الذي وصفته بأنه "خطير" بعد القرارات الأميركية المتتالية لإنهاء استثناءات على صلة بالبرنامج النووي المدني الإيراني ومعاهدة "الأجواء المفتوحة" العسكرية الروسية الغربية.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي إن "تصرفات واشنطن تزداد خطورة ولا يمكن التنبؤ بها".