واشنطن تتخلص من أشلاء البغدادي بدفنها في البحر

كاتبة سيرة حياة البغدادي صوفيا أمارا ترسم صورة مفصلة لهوية ومسيرة من وصفته بـ"خليفة الرعب"، مشيرة إلى أنه شخصية مثيرة للشفقة.

شخصية البغدادي 'خالية من الجاذبية'
كاتبة سيرة البغدادي لا تتوقع تأثير لمقتله على داعش
كيف تحوّل البغدادي من 'إمام عادي' إلى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية؟

واشنطن/بيروت - ذكر مسؤول أميركي اليوم أن الولايات المتحدة دفنت أشلاء زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي في البحر وفقا للشريعة الإسلامية وذلك بعد مقتله في غارة نفذتها قوات أميركية خاصة في سوريا يوم السبت.

ولم يفصح المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، عن تفاصيل أخرى عن عملية الدفن وموقعها.

وتزعم البغدادي لبضع سنوات تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في وقت من الأوقات على مساحات شاسعة من سوريا والعراق وأعلن فيها "دولة الخلافة"، لكن كيف تحوّل البغدادي إلى زعيم أبرز التنظيمات المتطرفة في العالم، قبل أن يقتله فريق كوماندوس أميركي الأحد في شمال غرب سوريا؟.

كاتبة سيرة حياة البغدادي صوفيا أمارا، رسمت صورة مفصلة لهوية ومسيرة من وصفته بـ"خليفة الرعب".

وتُلخص أمارا شخصية البغدادي بأنها خالية من الجاذبية "مثيرة للشفقة" أحيانا ولا تعكس الموقع الذي تولاه كزعيم تنظيم متطرف تحكّم في وقت من الأوقات بمصائر 7 ملايين شخص.

وتوضح الكاتبة أنه لم تكن لدى البغدادي "كاريزما وكان كتوما جدا كما يقول كل الأشخاص الذين عاشروه، لكنه اكتسب شجاعة في ما بعد، جراء النفوذ الذي كان يتمتع به بفعل موقعه كخليفة على رأس دولة غنية وعنيفة للغاية وقادرة على توجيه ضربات حتى في قلب أوروبا".

ومع ذلك، كان "يتحدث دائما بصوت منخفض ويعطينا انطباعا أنه ليست لديه السلطة التي يمنحه إياها منصبه".

ولفتت الكاتبة إلى أنه "عندما نشاهد أول شريط مصوّر له عام 2014 حين أعلن نفسه خليفة، نرى رجلا أعرج يصعد درج" منبر في أحد مساجد مدينة الموصل في العراق. وبرأيها، فإن ذلك الرجل "لم يكن يوحي بالرعب. بدا إماما عاديا".

مسيرة البغدادي حافلة بالفظاعات
مسيرة البغدادي حافلة بالفظاعات

ومنذ صغره، كانت لدى البغدادي صعوبة في الكلام. كان يتدرّب أمام المرآة لساعات عدة ليتمكن من تركيب بضع جمل. ولم تسمح له نتائجه الدراسية في أن يحقق طموحه بأن يصبح محاميا، بحسب أمارا، كما لم يتمكن من الالتحاق بالسلك العسكري بسبب ضعف بصره.

ونقلت أمارا عن زوجة البغدادي السابقة وصفها إياه بأنه "كان صبورا جدا وكانت لديه ذهنية مدرّس".

وتشير أمارا إلى حادث بدت فيه شخصية البغدادي "مثيرة للشفقة" على حدّ قولها، إذ تروي نقلا عن رهينة أيزيدية في العراق كانت محتجزة مع فتيات في عهدة البغدادي أنه طلب منهن في إحدى الليالي وتحت قصف قنابل التحالف الدولي، الاغتسال وراح بعد ذلك يقرأ لهنّ القرآن عند الثالثة فجرا.

واعتبرت أن المال والسلطة ومعرفته الدينية ونجاحه في استغلال الجغرافيا والتحالفات لصالح مشروع "الخلافة" المزعومة هي التي مكنته من فرض نفسه رغم افتقاده لمعايير الشخصية القيادية.

وتقول إن بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وغريم تنظيم الدولة الإسلامية، كان معارضا لأن يصبح البغدادي رمزا جهاديا.

واعتبر بن لادن الذي أعلن الأميركيون كذلك قتله في عام 2011، أن "البغدادي لم يكن يملك لا الشرعية ولا المركز ولا الخبرة" ليكون في مثل هذا الموقع، وفق أمارا.

البغدادي حاول تمتين صورة التنظيم الذي كان يحتضر عبر تنفيذ عمليات دامية وهذا ما حصل، حيث قام مسلحوه بأفعال تخطّت حدود الرعب من قتل جماعي وسبي واغتصاب وقطع رؤوس

وتشرح أمارا "لم يتمتع بكاريزما، لكنه نجح في التغلب على خجله بفضل المال من جهة وبفضل السلطة التي كان يمارسها على رجال يخضعون لأوامره"، من جهة ثانية، راوح عددهم بين "50 و60 ألف مقاتل".

وافتقد البغدادي أيضا إلى خبرة عسكرية فهو "لم يحارب في أفغانستان ولم يذهب إلى باكستان، فعليا وهو لم يحمل أسلحة إنما كان إماما" فقط، وفق الكاتبة.

وسعى للتعويض عن "النقص في الشرعية العسكرية عبر التعويل على معرفته بالفقه الإسلامي"، كما كان يعمل "لحيازة دكتوراه في علم الشريعة"، بحسب أمارا.

وأدخل البغدادي إلى تنظيمه ضباطا من الجيش العراقي الذي كان في وقت من الأوقات عصب نظام صدام حسين البعثي في العراق قبل سقوطه بعد الغزو الأميركي عام 2003، بحسب الكاتبة. ونجح أيضا "بالاستفادة من الأحداث في سوريا لربط البلدين وإقامة الخلافة".

ولعلّ أبرز ما قام به البغدادي هو "نجاحه في تنفيذ مشروع الخلافة على الأرض وهو أمر فشل بن لادن نفسه بتحقيقه" ولو كان ذلك لوقت قصير قبل أن يخسر التنظيم آخر معاقله في سوريا في مارس/آذار 2019.

ولخمس سنوات، تحكم التنظيم بأراض شاسعة وكانت له محاكمه الخاصة وحتى نظامه الضريبي وعملته.

وبات تنظيم الدولة الإسلامية بعد تلك الخسارة مجرّد تنظيم مسلّح قوامه خلايا نائمة قادرة فقط على أن تقوم بهجمات متفرقة بين سوريا والعراق.

ورغم هزيمة التنظيم عسكريا، إلا أن زعيمه المثير للشفقة خلّف إرثا من الرعب".

وقد حاول "البغدادي تمتين صورة التنظيم الذي كان يحتضر عبر تنفيذ عمليات دامية وهذا ما حصل". وتقول أمارا إن البغدادي وعصابته قاموا بأفعال "تخطّت حدود الرعب" من قتل جماعي وسبي واغتصاب وقطع رؤوس.

وبالإضافة إلى هذا الإرث الدامي، فإن رحيل البغدادي لا يعني انتفاء الايدولوجيا التي كان يمثلها.

وأوضحت أمارا أنه على الرغم من أن "رحيل البغدادي هو بالطبع أمر مهم رمزيا"، لكنه ليس "ضربةً قاضية" للتنظيم، فهذا التنظيم "ايديولوجيا وليس أشخاصا"، كما أن أسباب ولادة "هذا الوحش لا تزال موجودة واختفاء البغدادي لن يغيّر شيئا فيها".

كما أشارت إلى أنه "الإضافة التي أعطاها" "هي أنه اعتبر أنه ينبغي التعاون مع أشخاص كانوا موالين (للرئيس العراقي السابق) صدام حسين"، وبفضل هذه الإستراتيجية "نجح في تنفيذ مشروعه".