واشنطن تتهم إيران بتقديم دعم فتاك وكبير للحوثيين

الحوثيون يلقون بثقلهم لحسم معركة مأرب أيا كان الثمن دافعين بجحافل من المقاتلين بينهم أطفال، بينما لا يهتمون بعدد الرجال الذين يقتلون منهم.
ليندركينغ يقر بأنه يصعب منع وصول الأسلحة الإيرانية للحوثيين
المبعوث الأميركي لليمن يطالب بدعم دولي لكبح التسليح الإيراني للحوثيين
واشنطن لا تمانع أن تلعب طهران دورا في وقف النار في اليمن

واشنطن/مأرب - اتهمت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء إيران بأنها تقدم دعما قويا وفتاكا لجماعة الحوثي، فيما يواصل المتمردون الحوثيون هجومهم على مأرب بضراوة على أمل تحقيق اختراق في جدار الصدّ الذي تقيمه القوات اليمنية والمدعومة بغطاء جوي من التحالف العربي بقيادة السعودية.

وقال تيم ليندركينغ المبعوث الأميركي الخاص باليمن لأعضاء الكونغرس الأربعاء إن دعم إيران لحركة الحوثي اليمنية "كبير جدا وفتاك" وإنه لا يوجد دليل حقيقي على أن طهران تريد دعم التوصل إلى حل للصراع، مضيفا "سنرحب بقيام إيران بدور بناء، إذا كانوا على استعداد لذلك"، لكنه قال "لم نلحظ أي مؤشر على ذلك".

كما أكد أنه من الصعب منع السفن التي تحمل أسلحة من إيران للحوثيين في اليمن، مضيفا أن بلاده تريد المزيد من المساعدة الدولية في وقف شحنات الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين.

واتخذت الإدارة الأميركية الجديدة على خلاف الإدارة السابقة، موقفا رخوا تجاه الأزمة اليمنية ومارست ضغوطا على المملكة السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فيما ألغت قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وهو القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قبل فترة قصيرة من مغادرته البيت الأبيض.

وأعطى إلغاء هذا التصنيف إشارات ايجابية للمتردين الحوثيين الذي صعدوا هجماتهم على أهداف مدنية واقتصادية في السعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع.

وتدور حاليا معارك ضارية في محيط مدينة مأرب، حيث يلقي الحوثيون بكل ثقلهم لحسم المعركة بالنظر للأهمية الرمزية والإستراتيجية لمأرب الغنية بالنفط والغاز.

ويرفع قائد عسكري يمني المنظار إلى مستوى عينيه ليستطلع الأراضي الشاسعة البعيدة الممتدة أمامه بحثا عن المقاتلين الحوثيين الذين كثّفوا في الفترة الأخيرة هجماتهم الدامية للاستيلاء على مدينة مأرب الإستراتيجية في المحافظة الغنية بالنفط.

ويمكن أن تؤدي المعارك التي تدور حول مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة المدعومة من السعودية في شمال البلد الفقير، إلى تغيير كبير في مسار النزاع الذي دخل عامه السابع. وستشكّل خسارة مأرب، إن حصلت، ضربة قوية للحكومة وتعزّز موقف المتمردين المتحالفين مع إيران في أي مفاوضات مستقبلية وقد تدفعهم إلى محاولة التقدم جنوبا.

وقُتل مئات المقاتلين منذ بدء الهجوم الواسع النطاق في فبراير/شباط، وفقا لمصادر محلية، في وقت يشير فيه مسؤولون في القوات الموالية للحكومة إلى أن المتمردين يرسلون دفعات متتالية من مقاتليهم نحو مأرب.

ويقول أحد القادة العسكريين في القوات الحكومية عند جبهة الكنائس شمال المدينة "الإستراتيجية التي يتبعها الحوثي تهدف إلى إرهاق الخصم".

وكان المسؤول يتحدث بين مجموعة من الجنود في خنادق محاطة بأكياس رملية بالقرب من مدافع رشاشة ثقيلة تم تحميلها على الجزء الخلفي من شاحنات صغيرة.

واتّهم الحوثيين بالدفع بموجات من المجندين الشبان وبينهم أطفال حتى بهدف إضعاف القوات الموالية واستنفاد ذخيرتها.

وعادة تتبع المعارك التي تستمر ساعات فترة هدوء قصيرة تستغل لجمع الجثث. بعد ذلك، تتحرّك مجددا، مجموعات من المقاتلين الحوثيين، تحت غطاء قصف متواصل.

وعن الإستراتيجية التي أكدها مسؤولون يمنيون آخرون بمن فيهم محافظ مأرب سلطان العرادة، يرى القائد العسكري الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن "الحوثيين لا يهتمون بعدد الرجال الذين يموتون" في صفوفهم، مؤكدا أنهم، رغم ذلك، "لن يتمكنوا من الوصول إلى مأرب مهما كان الثمن".

وتشكّل مدينة مأرب وبعض المناطق النائية المحيطة بها آخر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة في الشمال، فيما تخضع باقي المناطق لسيطرة المتمردين، بما في ذلك العاصمة صنعاء الواقعة على بعد نحو 120 كلم غرب مدينة مأرب.

واستأنف الحوثيون العام الماضي في فبراير/شباط هجومهم على المدينة بتعزيزات عسكرية كبيرة.

وزار صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية مواقع للقوات الحكومية بعدما توجّه إلى المنطقة من السعودية على متن مروحية بدعوة من التحالف العسكري بقيادة الرياض الذي يقاتل المتمردين في اليمن منذ آذار/مارس 2015.

وحلّقت الطائرة على ارتفاع منخفض فوق حقول النفط مترامية الأطراف ومصنع لتعبئة الغاز الطبيعي وسدّ حديث يوفّر المياه العذبة للمنطقة الجافة وهي مواقع تجعل من مأرب هدفا مهما.

وتنتشر في مدينة مأرب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، ملصقات بأسماء وصور قادة عسكريين سقطوا في المعارك وكذلك نقاط تفتيش.

ومحافظة مأرب موطن لمئات آلاف المدنيين الذين نزحوا بسبب الصراع المستمر منذ منتصف 2014 وهم يواجهون احتمال النزوح مرة أخرى في بلد تتناقص فيه الملاذات الآمنة.

وتقول هالة الأسود (40 عاما) وهي أم لأربعة أطفال تعيش في السويداء، أحد المخيمات البالغ عددها 140 في المحافظة "زوجي فقد عقله" بسبب الحرب والنزوح المستمر، مضيفة أنه "أصبح يضرب الأطفال".

وكان التصعيد في الأعمال الحربية تسبّب بنزوح 13600 شخص إلى مدينة مأرب هذا العام، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما وضع ضغطا شديدا على المدينة في خضم موجة ثانية لفيروس كورونا.

وفيما تعاني المخيمات من نقص المياه النظيفة والكهرباء، تتزايد الأعداد في بعضها بينما تتعرض بشكل متكرر للقصف.

وتقول امرأة في مخيم السويداء إنها أجهضت بسبب التوتر الناجم عن الحرب، بينما كانت امرأة أخرى تكشف عن جرح شظية في فروة رأس ابنها. وحملت طفلة قطعة معدنية ملتوية قالت إنها شظية قذيفة أصابت مخيمها.

ويقول عرفات (31 عاما)، وهو من سكان المخيم وأب لستة أطفال "وقف إطلاق النار ضروري"، وإلا "فسنموت جميعا هنا".

وفي مارس/اذار الماضي، رفض الحوثيون دعوة السعودية لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد. وبدلا من ذلك، صعّدوا الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية نحو عمق المملكة التي توفر الدعم الجوي للقوات الموالية للحكومة في معارك مأرب.

وانتقد مسؤولون في السعودية قرار الرئيس الأميركي جو بايدن العودة عن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وهو تصنيف كان قام به سلفه دونالد ترامب، قائلين إن هذه الخطوة شجّعت المتمردين.

ويدافع المسؤولون الغربيون عن قرار بايدن قائلين إن التسمية كانت ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن من دون أن تؤثر بأي شكل من الأشكال على القدرات العسكرية للحوثيين.

وقال مسؤول غربي إنه انتقد هجوم مأرب ووصفه بأنه "خطأ فادح" خلال محادثات مباشرة مع مفاوضين حوثيين، مشيرا إلى أن ذلك لم يلق آذانا صاغية.

في غضون ذلك، استجابت قبائل مأرب للدعوات المحلية لإرسال مقاتلين لتعزيز الخطوط الأمامية في المدينة إلى جانب القوات الموالية للحكومة.

ويرى العديد من رجال قبائل مأرب الذين يصفون أنفسهم بأنهم "أبناء الصحراء"، ميزة عسكرية في المشهد الصحراوي المنبسط، معتبرين أن الأرض المستوية تمنحهم ميزة على الحوثيين الأكثر مهارة في حرب الجبال.