واشنطن تجزم بهزيمة داعش في سوريا رغم استمرار المعارك

قوات سوريا الديمقراطية تستأنف هجومها على بقايا مقاتلي الدولة الإسلامية في الباغوز المتحصنين في بقعة صغيرة قرب نهر الفرات تحت أقبية وأنفاق، رافضين الاستسلام.

بقايا مقاتلي داعش ترفض الاستسلام
سوريا الديمقراطية تقترب من حسم المعركة دون تأكيد هزيمة داعش
ترامب يستعرض خرائط تظهر على الورق هزيمة داعش في سوريا

ويست بالم بيتش (الولايات المتحدة) - أعلن البيت الأبيض اليوم الجمعة أن تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي فقد آخر معقل له في شرق سوريا رغم ورود تقارير عن استمرار القتال في بلدة الباغوز.

وقالت المتحدثة باسم الرئاسة سارة ساندرز "لقد تم القضاء على الخلافة في سوريا". وردا على سؤال من الصحافيين عما إذا كان تنظيم الدولة الإسلامية قد فقد 100 بالمئة من أراضيه، أجابت "نعم".

كما أظهر الرئيس دونالد ترامب خرائط أمام المراسلين للمنطقة، واحدة تظهر المساحات الكبيرة التي كان يحتلها التنظيم والثانية خالية تظهر الوضع اليوم الجمعة. وقال مشيرا إلى الخريطتين "هنا كانت داعش، وهذا ما لدينا الآن".

لكن متحدثا باسم قوات سوريا الديمقراطية أكد أن المعارك استؤنفت مع آخر المسلحين من التنظيم في بلدة الباغوز. وقال عدنان عفرين المتحدث باسم هذه القوات إن "مجموعات صغيرة من داعش رافضة للاستسلام تشن هجمات وقواتنا ترد عليها"، مضيفا "قواتنا تضغط عليها للاستسلام أو إنهاء الأمر بالقتال".

واستؤنف القصف المدفعي والجوي الجمعة ضد آخر مقاتلي التنظيم المحاصرين على ضفاف نهر الفرات في سوريا، وفقا لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن والمنخرطة في محاربة داعش.

وبعد يومين من الهدوء النسبي، قصفت القوات التي تضم فصائل عربية وكردية وبدعم من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مواقع التنظيم في الباغوز الواقعة في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق في شرق سوريا.

وبعد ضربات جوية ومعارك على الأرض ليلة الخميس الجمعة وخلال ساعات الصباح الأولى من الجمعة، عاد الهدوء خلال النهار قبل أن تخرقه قذائف هاون عند العصر.

وتوزع مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية على أسطح عدد من الأبنية التي لا تزال قائمة في الباغوز.

ومساء الجمعة أعلن مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية على صفحته بتويتر أن هناك معارك "حول تلة في الباغوز للقضاء على ما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية".

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قامت الأربعاء والخميس بعمليات تمشيط وعززت قبضتها على المواقع التي انتتزعتها من الجهاديين الذين باتوا محصورين في بقعة صغيرة على أطراف الباغوز بموازاة نهر الفرات.

وتشنّ القوات التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري منذ التاسع من فبراير/شباط هجوما على جيب التنظيم في بلدة الباغوز، القريبة من قرية السوسة التي سيطرت عليها من قبل.

وحققت قوات سوريا الديمقراطية تقدما الثلاثاء داخل آخر جيب للتنظيم وسيطرت على مخيم التنظيم في بلدة الباغوز، محاصرة مقاتليه الرافضين للاستسلام في بقعة صغيرة قرب نهر الفرات.

ترامب يستعرض خريطتين لوجود داعش في صورة قبل وبعد معركة الباغوز
ترامب يستعرض خريطتين لوجود داعش في صورة قبل وبعد معركة الباغوز

وذكر متحدث باسم القوات كينو غابرئيل أن مئات الجهاديين، بينهم نساء، ما يزالون على أطراف المخيم حيث انكفئوا إلى مخابئ على أطراف النهر وفي أسفل تلة تشرف على الباغوز، مضيفا "سننهي عملياتنا العسكرية في غضون يوم أو يومين، ما لم تكن هناك تطورات مفاجئة".

ويختبئ آخر الجهاديين في أقبية وأنفاق تحت الأرض في الباغوز، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال القيادي في القوات جياكر أمد إن العديد من مقاتلي التنظيم يريدون الاستسلام لكن رفاقهم منعوهم و"نحن نبذل قصارى جهدنا لاستكمال هذه العملية دون قتال، لكن البعض منهم يرفض الاستسلام".

وتعني الخسارة الكاملة لهذا المربع الذي يسيطر عليه الجهاديون نهاية سيطرة التنظيم المتطرف في سوريا، بعد هزيمته في العراق عام 2017.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014 "الخلافة" على مناطق شاسعة في سوريا والعراق، قبل أن ينكفئ في جيوب صغيرة، إلا أنه رغم انكفائهم، يواصل مقاتلوه القتال عبر خلايا نائمة وشن هجمات دامية.

ويعد الهجوم على آخر جيب للتنظيم المرحلة الأخيرة للعملية التي أطلقت في 10 سبتمبر/أيلول 2018 لطرده من آخر معقل له في سوريا، وتم إبطاء الهجوم بسبب وجود آلاف المدنيين إلى حين خروجهم من هذا الجيب.

وعلى وقع تقدمها العسكري، أحصت هذه القوات خروج أكثر من 67 ألف شخص من جيب التنظيم منذ مطلع العام، بينهم خمسة ألاف جهادي تم توقيفهم بعد استسلامهم، بحسب هذه القوات. وبين المدنيين عائلات الجهاديين الذين تم نقلهم إلى مخيمات وبشكل خاص إلى مخيم الهول (شمال شرق).

ويقيم في مخيم الهول أكثر من 72 ألف شخص بينهم 40 ألف طفل في ظروف صعبة، بحسب لجنة الإنقاذ الدولية.

وأسفر الهجوم منذ سبتمبر/أيلول 2018 عن مقتل 750 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية ونحو ضعف هذا العدد من الجهاديين، بحسب المرصد. ولا توجد حصيلة عن عدد الضحايا بين المدنيين.

في ديسمبر/كانون الأوّل 2018، أعلن ترامب على نحو مفاجئ سحب زهاء ألفي جندي أميركي منتشرين في سوريا، مبررا قراره بالقول "لقد انتصرنا على تنظيم الدولة الإسلاميّة، وحان وقت العودة"، غير أنّه أعلن الأربعاء أنّ نحو 200 جندي سيبقون في نهاية المطاف على الأرض "لبعض الوقت".

وتشكل جبهة الباغوز، التي تعد أرض القتال الأبرز على الساحة السورية، دليلا على تعقيدات النزاع الذي دخل عامه التاسع، مخلفا حصيلة قتلى تخطت 370 ألفا، من دون أن تسفر الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.