واشنطن تحمل حماس مسؤولية مقتل عشرات الفلسطينيين بنيران اسرائيلية

البيت الأبيض يرفض دعوات لحث إسرائيل على ضبط النفس في مواجهة آلاف الفلسطينيين الذين يحاولون اقتحام السياج الحدود على قطاع غزة احتجاجا على نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة.
واشنطن تعتبر قتل اسرائيل للفلسطينيين دفاع عن النفس
مشفى غزة يزدحم بالجثث والجرحى
الرصاص الاسرائيلي لم يمنع الاف الفلسطينيين من التدفق على الحاجز الحدودي
التصعيد الاسرائيلي يتزامن مع افتتاح السفارة الأميركية بالقدس
الفلسطينيون يواجهون دبابات الاحتلال بالحجارة
ايفانكا ترامب تزيح الستار عن سفارة واشنطن في القدس

واشنطن/غزة (الأراضي الفلسطينية) - حمل البيت الأبيض الاثنين حركة حماس مسؤولية مقتل 52 فلسطينيا برصاص الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة خلال تظاهرات رفضا لانتقال السفارة الأميركية في تل أبيب إلى القدس المحتلة.

وقال راج شاه مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض إن "مسؤولية هذه الوفيات المأسوية تقع بالكامل على حماس"، مضيفا "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها"، رافضا حث السلطات الاسرائيلية على ممارسة ضبط النفس تجاه المحتجين على الحدود بين قطاع غزة واسرائيل.

وارتكبت اسرائيل الاثنين مجزرة بحق المحتجين الفلسطينيين بالتزامن مع افتتاح المقر المؤقت للسفارة الأميركية بمقر القنصلية الأميركية العامة بالقدس المحتلة في أعنف تصعيد اسرائيلي منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل مقر السفارة اليها في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017.

فاجعة

تبدو الفاجعة واضحة على وجوه من يودع عزيزا في حين ترتسم علامات الحيرة على اخرين أثناء بحثهم عن قريب أو صديق بين الجثث في مشرحة مستشفى الشفاء الطبي في غزة.

ويقف عشرات الفلسطينيين أمام براد المشرحة ينتظرون وصول جثث أقاربهم الذين تبلغوا مقتلهم برصاص الجيش الاسرائيلي خلال المواجهات في أحد أكثر الأيام دموية في قطاع غزة منذ الحرب الاسرائيلية الأخيرة عام 2014.

ويبكي شاب وهو يودع شقيقه الأكبر الممدد على حمالة ملقاة على الأرض ويعاتبه واضعا رأسه بين كفيه "لمن ستتركني؟"، إلا أن أصواتا تصل من الخلف تقول "ادخلوه بسرعة، وصل شهيد آخر".

وما أن تصل جثة شهيد يحملها أربعة شبان يجري نحوها عدة أشخاص ليتعرفوا على هويته بينما يتردد اخرون من الاقتراب فيسال أحدهم "هل هذا هو؟!" في إشارة إلى من يعرفونه.

ويهمس أحد أصدقائه ويدعى محمد "اخبروه أن ابن اخيه استشهد لكنه لا يعرف أين هو وما إذا سيتم احضاره إلى هنا أم إلى مستشفى آخر".

وقتل 52 فلسطينيا الاثنين برصاص الجيش الاسرائيلي خلال المواجهات احتجاجا على افتتاح سفارة الولايات المتحدة في القدس، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة.

ومنذ 30 مارس/اذار تاريخ بدء "مسيرة العودة"، يتدفق آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة على طول الحدود للمطالبة بحق العودة إلى أراضيهم التي طردوا أو هربوا منها في العام 1948 مع قيام اسرائيل.

لكنهم أرادوا الاثنين خصوصا التعبير عن غضبهم من نقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس.

ويصرخ الشاب محمد مقداد وهو ملقى على حمالة أمام قسم الطوارئ بينما لف المسعفون ساقيه بشاش طبي خفيف بالكاد يوقف النزيف "الحقوني... خسرت الساقين".

ويبكي الشاب المدد إلى جانب عشرات الجرحى في خيمة أقامتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فناء مستشفى الشفاء أمام قسم الطوارئ الذي أغلق الحراس أبوابه لامتلائه بالجرحى.

ويعاين الأطباء الجرحى في هذه الخيمة ويكتبون بقلم سميك ملاحظاتهم على أجسادهم تمهيدا لنقلهم إلى قسم الطوارئ.

ويطلب الشاب مقداد ممن حوله أن يجري مكالمة مع عائلته من هاتف محمول وبمجرد أن يتصل بعائلته يبدأ بالبكاء "تعالوا بسرعة أنا في الشفا، فقدت الساقين".

وتكتظ الخيمة بمئات الأشخاص بعضهم يرافق جريحا بينما يسأل آخرون عن أقاربهم.

وعلى جانب الخيمة تقف امرأة وابنتها والدموع تملأ عينيهما وتقول الأم "اخبروني أن ابني مصاب في ساقه، لم أجده هنا، قد يكون استشهد".

ويضرب أربعيني رأسه بكفيه وهو يتنقل بين جريح واخر صارخا "يارب ساعدني، أولادي يا رب"، ويوضح أحد المسعفين أن أولاده الثلاثة أصيبوا بجروح.

وعلى الجانب الآخر تبكي عجوز متكئة على حمالة مدد عليها ابنها الذي أصيب على الحدود شرق مدينة غزة.

وبينما يحاول أقاربها طمأنتها، تسمع أحد المسعفين وهو يقول "الاصابة في العظم" فتصرخ بصوت مرتفع "لديه عشرة أبناء ماذا سيفعلون بدونه".

وتواصل سيارات الاسعاف احضار المزيد من الجرحى إلى الخيمة التي باتت تعج بالناس بينما أجبر الأطباء على الاسراع في اخراج الجرحى بهدف تأمين أكبر قدر ممكن من الأسرة.

وناشدت وزارة الصحة المواطنين التبرع بالدم لإنقاذ حياة الجرحى في المستشفيات.

ويقول مدير الاستقبال والطوارئ الطبيب أيمن السحباني وهو منشغل بتفقد الجرحى "الوضع هنا غاية في السوء، المستشفى ممتلئ عن بكرة ابيه".

في شرق مدينة غزة حاول عشرات الشبان والصبية اختراق السياج الحدودي باتجاه الجانب الاسرائيلي لكنهم كانوا يفشلون أمام كثافة اطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع من الجنود الاسرائيليين الذين يتمركزون وراء تلال رملية أو خلف غرف اسمنتية محصنة نصبت عليها رشاشات اوتوماتيكية.

وكان المتظاهرون يستغلون سحب الدخان المنبعثة من اطارات السيارات التي أشعلوها للاقتراب على مسافة صفر أحيانا ورشق الجنود بالحجارة أو الزجاجات الحارقة، إلا أنهم لم ينجوا من الرصاص وهم ينسحبون فيسقط بعضهم بين قتيل وجريح.

واخترقت فتاة في العشرين من عمرها السياج الحدودي لعدة أمتار قبل أن يصيبها قناص اسرائيلي برصاصتين في الساقين.

ورغم سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى يصر المتظاهرون على مواصلة احتجاجاتهم قرب الحدود.

ويقول ربيع الخواجا (20 عاما) "سنواصل المحاولات لاختراق الحدود، العدو كان يطلق النار بإجرام، لقد سقط الكثير من الشهداء والمصابين".

وتابع "تراجعنا في ساعات المساء بعدما رأينا الطائرات والدبابات تقصف حولنا، يريدون ارتكاب مجازر".

وتحت أشجار الزيتون في البساتين القريبة من الحدود يستظل عشرات النساء والرجال والأطفال، وتقول فتاة تدعى صفاء (23 عاما) وهي تسعف شابا أصيب بحالة اغماء بسبب الغاز المسيل للدموع بزجاجة عطر تحملها "جئنا لنساعد الشباب، نوفر لهم المياه وكمامات من الغاز".