واشنطن تخطط لإبقاء قوة محدودة في أفغانستان لمواجهة داعش

  الانسحاب الأميركي من الساحة الأفغانية سيتم من خمس قواعد عسكرية تنتشر فيها القوات الأميركية خلال 135 يوما. وفي نهاية هذه المرحلة يبقى 8600 جندي مقابل ما بين 13 و14 ألفا اليوم.

واشنطن تطمئن الحلفاء بعدم الانسحاب الكامل من أفغانستان
الأفغان يخشون صفقة أميركية تعيد طالبان للحكم
مخاوف سياسية وأمنية ترافق مفاوضات واشنطن وطالبان

واشنطن - تعتزم الولايات المتحدة الإبقاء على قوة لمكافحة الإرهاب في أفغانستان لطمأنة المتخوفين من إنفلات الوضع بعد هذا الانسحاب المقرر وفق مشروع الاتفاق المبدئي بين واشنطن وحركة طالبان.

وأنهى الطرفان جولة تاسعة من المفاوضات مؤخرا في الدوحة وسط تأكيدات من الجانبين على اقترابهما من اتفاق سيمهد على الأرجح لسلام بين المكونات السياسية في أفغانستان.

وتفيد العناصر الأولى لمشروع الاتفاق مع طالبان والتي نشرت في الإعلام، أن الانسحاب سيتم من خمس قواعد عسكرية تنتشر فيها القوات الأميركية خلال 135 يوما. وفي نهاية هذه المرحلة يبقى 8600 جندي في أفغانستان مقابل ما بين 13 و14 ألفا اليوم.

ويستند الاتفاق إلى فرضية قيام طالبان بالمقابل بوقف حربها ضد الحكومة. وفي حال تم هذا الأمر فإن مهمة الجنود الأميركيين المتبقين ستنحصر في هذه الحالة بمكافحة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة الذين استفادوا من الفوضى لتعزيز وجودهم في البلاد.

وتقوم القوات الأميركية الموجودة حاليا في أفغانستان بمهمتين: تدريب القوات الخاصة وقوات الجو الأفغانية والمشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب.

ولم تقدم أي تفاصيل حول تشكيلة القوات الأميركية التي ستبقى في البلاد بعد تنفيذ الخطة، لكن قائد أركان الجيوش الأميركية الجنرال جو دانفورد لمح إلى أن قوة لمكافحة الإرهاب قد تبقى في البلاد في مرحلة أولية.

وقال في مؤتمر صحافي "أنا لا استخدم كلمة انسحاب في الوقت الحاضر"، مضيفا "أقول إننا نريد التأكد من أن أفغانستان لن تكون معقلا للجهاديين".

وتابع ردا على إلحاح الصحافيين الذين كانوا يستفسرون منه عما إذا كانت قوة لمكافحة الإرهاب ستبقى في أفغانستان "نريد التأكد بأننا سنكون قادرين على الدفاع عن مصالحنا".

وكانت الحرب في أفغانستان بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2001 ردا على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي يتهم تنظيم القاعدة بتنفيذها والذي كان يتخذ من أفغانستان مقرا له ويحظى بدعم طالبان.

والمنطق وراء التمسك بإبقاء قوات أميركية في أفغانستان هو التأكد من عدم التخطيط في لارتكاب اعتداءات جديدة في الولايات المتحدة والتأكد أيضا من أن الاتفاق مع طالبان لن يساعد في تنامي نفوذ المجموعات الجهادية.

وتابع الجنرال دانفورد معتبرا أن الجيش الأفغاني قد يكون قادرا في وقت لاحق على ضمان الأمن في البلاد. وقال في هذا الإطار "لكننا لا نريد الآن مناقشة متى يمكن أن يحصل هذا الأمر بالتفصيل".

أفغانستان تشهد موجة عنف بالتزامن مع جهود لكسر جمود عملية السلام
أفغانستان تشهد موجة عنف بالتزامن مع جهود لكسر جمود عملية السلام

ويقول مايكل كوغلمان من مركز ويلسون للدراسات "من غير الضروري إبقاء وجود عسكري كبير لمواجهة التهديد الإرهابي في أفغانستان"، مضيفا "يكفي إبقاء بضعة آلاف جندي".

ويتخوف هذا المحلل من أن تزداد قوة تنظيم الدولة الإسلامية في حال انضم المتشددون من طالبان إليه لرفضهم الاتفاق مع الولايات المتحدة.

وأضاف "ما تريده طالبان هو انسحاب الجنود الأميركيين بشكل كامل"، لكنه سيكون على الولايات المتحدة إبقاء وجود لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة "كما فعلوا خلال السنوات القليلة الماضية لا بل أكثر".

والروزنامة التي أعلن عنها لا تشير سوى إلى المرحلة الأولى من الانسحاب، كما قال الرئيس دونالد ترامب. وفي حال حصول هجوم جديد ضد الولايات المتحدة من أفغانستان فستعود عندها الولايات المتحدة إلى الساحة الأفغانية "بقوة لا تقارن بأي قوة سابقة".

وتقول أوساط في البنتاغون إن أي انسحابات أخرى محتملة تبقى مرتبطة بتطورات الوضع على الأرض.

وحذر عدد من السفراء الأميركيين السابقين في أفغانستان الثلاثاء في رسالة مفتوحة من الانسحاب الكامل ما لم يتم التأكد من عودة السلام إلى البلد المضطرب.

وقالوا "من الممكن خفض عدد الجنود بنسبة معينة لتحريك المفاوضات، لكن لا بد من إبقاء قوات لمكافحة الإرهاب وقوة جوية أميركية وأخرى للحلف الأطلسي لمواجهة الخطر الإرهابي المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة وطالبان".

ويتخوف الكثير من الأفغان من أن يتيح انسحاب الأميركيين عودة طالبان إلى الواجهة السياسية للبلاد وفرض قيود على الحريات العامة وتجاهل تقاسم السلطة مع الحكومة الحالية.

كما أعلن المتحدث باسم الرئيس الأفغاني أشرف غني الأربعاء أن السلطات في كابول "متخوفة" من مشروع الاتفاق مع طالبان وتريد إيضاحات حوله وما يمكن أن يحمله من مخاطر.