واشنطن تذكّر بغداد بواجب الضيف!

مسؤولون أميركيون: واشنطن تحلت بالصبر في وجه استفزازات متصاعدة من جانب إيران أو وكلائها وسط عقوبات متزايدة لكن حان الوقت لاستعادة الردع أمام أي عدوان إيراني.

واشنطن - اتّهمت واشنطن الإثنين السلطات العراقية بأنها لم تبذل الجهود اللازمة من أجل "حماية" مصالح الولايات المتحدة، وذلك غداة ضربات أميركية أثارت موجة تنديد في العراق ودفعت الحكومة الى التلويح بما اسمته مراجعة العلاقة مع واشنطن.
وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن، وهما الحليفتان الرئيسيتان للعراق، منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع ست قوى عالمية وعاود فرض عقوبات شلت الاقتصاد الإيراني.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن "لقد حذّرنا الحكومة العراقية مرارا وتشاركنا معها المعلومات لمحاولة العمل معها للاضطلاع بمسؤوليتها عن حمايتنا بصفتنا ضيوفا".
وذكّر المسؤول بأن الجيش الأميركي والدبلوماسيين الأميركيين يتواجدون في العراق "بدعوة من الحكومة العراقية".
وأكد أن "من مسؤوليتها وواجبها أن تحمينا. وهي لم تتّخذ الخطوات المناسبة لذلك".
وخلال مكالمة هاتفية الاثنين، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ان "النظام الإيراني وعملاءه ما زالوا يشكلون قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة وان الدول لها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة هذه التهديدات"، بحسب ما افادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية مورغن اورتاغوس.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله الثلاثاء إن المملكة تدين الهجمات التي شنتها الجماعات المدعومة من إيران ضد القوات الأميركية في العراق.
ومساء الأحد، شنت القوات الأميركية سلسلة غارات استهدفت منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي الذي يعد جزءا من القوات العراقية وتخضع بعض فصائله لهيمنة إيرانية.
وقال المسؤول الأميركي "نجري اتصالات حثيثة مع الحكومة العراقية بشأن هذه التهديدات"، مضيفا "بالتأكيد أبلغناها بأننا سنتحرك ردا على هذا الهجوم الأخير".

عبدالمهدي يعلم مسبقا بالضربات الأميركية
عبدالمهدي يعلم مسبقا بالضربات الأميركية

والإثنين أعلنت الحكومة العراقية أن الضربات الجوية الأميركية تدفعها إلى "مراجعة العلاقة" مع الولايات المتحدة.
وأقر رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي بأن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أبلغه بالضربات قبيل وقوعها.
وقال عبد المهدي "حاولنا ان نبلغ القيادات الأمنية" مضيفا "ما حصل كان عدوانا. حاولنا ان نمنعه ولكن للاسف الشديد جرى هذا الامر".
وجاء في بيان للمجلس الوزاري للامن الوطني العراقي الذي عقد اجتماعا طارئا لدرس تداعيات الهجوم الذي شنته الطائرات، مؤكدا انه قد يؤدي الى مراجعة العلاقات مع الولايات المتحدة، ان "القوات الأميركية اعتمدت على استنتاجاتها الخاصة وأولوياتها السياسية، وليس الاولويات كما يراها العراق حكومة وشعباً"،
وأثارت هذه الضربات موجة جديدة من المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العراق الذي شهدت مدنه الاثنين تظاهرات منددة بواشنطن سرقت الأضواء من الحراك الاحتجاجي الذي تشهده البلاد ضد الطبقة السياسية وايران.
وفي النجف والبصرة (جنوب) وكركوك (وسط)، تحولت التظاهرات إلى مسيرات منددة بالولايات المتحدة وقام بعض المتظاهرين بحرق العلم الأميركي.
وأعلنت كتائب حزب الله أنها ستنظّم الثلاثاء تشييعا شعبيا للقتلى في بغداد قرب المنطقة الخضراء حيث مقر السفارة الأميركية، ما من شأنه أن يتحوّل إلى استعراض قوة.
من جانبها، اعتبرت طهران الاثنين ان هذه الضربات تكشف "دعم الإرهاب" من قبل واشنطن.

قلق من احتمال أن تقود الأحداث الأخيرة إلى دائرة من الأعمال الانتقامية

وقال مسؤولون أميركيون في إفادة للصحفيين الاثنين إن واشنطن تحلت بضبط النفس والصبر في وجه استفزازات متصاعدة من جانب إيران أو جماعات تدعمها طهران وسط عقوبات متزايدة على الجمهورية الإسلامية لكنهم أوضحوا أن الوقت حان لاستعادة الردع أمام أي عدوان إيراني.
وقال الممثل الأميركي الخاص بالشأن الإيراني برايان هوك في إفادة صحفية "بعد هجمات عديدة كان من المهم للرئيس أن يوجه قواتنا المسلحة للرد بطريقة يفهمها النظام الإيراني".
وقال مسؤولون عسكريون أميركيون لوكالة رويترز للانباء إنهم ليس لديهم شك في أن الجماعة المسلحة سترد بطريقة ما قد تؤدي إلى زيادة جديدة في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال مسؤول عسكري "أعتقد انهم (كتائب حزب الله) سيردون".
وقال مسؤول عسكري آخر إنه يوجد قلق من احتمال أن تقود الأحداث التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية إلى دائرة من الأعمال الانتقامية.
واعتبر مكتب آية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي الذي يؤدي دورا مؤثرا في المشهد السياسي العراقي، أن "السلطات الرسمية العراقية وحدها معنية بالتعامل مع تلك الممارسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنعها، وهي مدعوّة الى ذلك والى العمل على عدم جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وتدخل الآخرين في شؤونه الداخلية".
وتثير الهجمات على مصالح أميركية وأخرى على قواعد تابعة لفصائل موالية لطهران، خشية المسؤولين العراقيين الذين يحذرون منذ أشهر من أن يلجأ حليفاهما، الولايات المتحدة وإيران، إلى استخدام الميدان العراقي ساحة مواجهة.
ومنذ 28 تشرين الأول/اكتوبر، سجّل 11 هجوما على قواعد عسكرية عراقية تضم جنودا أو دبلوماسيين أميركيين، وصولا الى استهداف السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء المحصنة أمنيا في بغداد.
وأسفرت أول عشرة هجمات عن سقوط قتيل وإصابات عدة في صفوف الجنود العراقيين، إضافة إلى اضرار مادية. غير أنّ هجوم الجمعة مثّل نقطة تحوّل، اذ قتل فيه متعاقد أميركي وكانت المرة الأولى التي تسقط فيها 36 قذيفة على قاعدة واحدة يتواجد فيها جنود أميركيون، وفق مصدر أميركي.