واشنطن ترسل مدمرة إلى بيروت في رسالة مضمونة إلى حزب الله

المدمرة الأميركية "راماج" رست في مرفأ بيروت وعلى متنها قائد الأسطول الخامس بالجيش الأميركي، الأدميرال جيمس مالوي.

بيروت - في خضم التوترات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، رست المدمرة الأميركية "يو إس إس راماج" لوقت قصير في ميناء بيروت في رسالة سياسية واضحة من واشنطن إلى طهران ووكلائها في المنطقة.

وصنفت السفارة الأميركية في لبنان اليوم الأحد الخطوة بأنها "رمز لشراكة دائمة" في ظل توتر إقليمي متزايد.

وقالت السفارة في بيان إن السفينة الحربية الأميركية المدمّرة "يو إس إس راماج" رست السبت ليوم واحد في مرفأ بيروت، على هامش مشاركتها في الجهود المبذولة لضمان حرية الملاحة والتبادل الحرّ في البحر المتوسط".

وأضاف البيان أن دعوة وُجّهت إلى "مسؤولين أميركيين ولبنانيين" لحضور حفل استقبال على متن السفينة التي وصفتها بـ"القادرة على اعتراض صواريخ بالستية"، في إشارة للتهديدات التي أصبحت تمثلها الأسلحة والصواريخ الإيرانية على أمن منطقة الشرق الأوسط.

وذكر موقع قناة "أل بي سي" اللبنانية أن البارجة رست في مرفأ بيروت وعلى متنها قائد الأسطول الخامس بالجيش الأميركي، الأدميرال جيمس مالوي، إضافة إلى عدد كبير من النواب والوزراء اللبنانيين، بينهم وزيرا الدفاع والداخلية.

وقالت السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد إن "الولايات المتحدة ملتزمة بأن تكون شريكاً قويا للجيش اللبناني، بهدف تعزيز التعاون العسكري وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".

وأضافت السفيرة وفق ما نقل البيان عنها أن "هذه السفينة الأميركية الاستثنائية، الراسية في هذه المدينة اللبنانية الاستثنائية، تعبر عن الشراكة القوية بين الجيشين الأميركي واللبناني".

وأوضحت أن "الشراكة مع القوات المسلحة اللبنانية لا تقتصر على المساعدات التي تقدمها واشنطن، ووجود البارجة يترجم المدى الذي بلغته هذه العلاقة، إضافة إلى تدريب آلاف الضباط اللبنانيين مع الجيش الأمريكي."

وتابعت "نحن ملتزمون بمساعدة الشعب اللبناني خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة، وندعم المؤسسات اللبنانية التي تدافع عن سيادة لبنان."

وقال الأدميرال مالوي خلال حفل استقبال إن هذه البارجة شهدت مناورة بحرية مع الجيش اللبناني، العام الماضي بهدف تأمين التجارة البحرية وحماية البنى التحتية.

وتخوض الولايات المتحدة تجاذباً إقليمياً مع إيران وحليفها اللبناني حزب الله الذي يواجه عقوبات أميركية وتصنّفه واشنطن منظمة "إرهابية".

وتواترت في الأشهر الأخيرة زيارات المسؤولين الأميركيين إلى بيروت تلتها زيارة أخيرة الشهر الماضي لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى واشنطن

وإلتقى الحريري خلال الزيارة  وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أكد التزام واشنطن في دعم المؤسسات اللبنانية للحفاظ على أمنها واستقرارها.

ومن بين المواضيع التي تم مناقشتها بين الطرفين قضية أسلحة حزب الله وحصر حمل السلاح على الجيش اللبناني.
في المقابل تعهدت واشنطن بمواصلة دعم الجيش اللبناني التي تدعمه واشنطن ببرنامج مساعدات سنوي تتراوح قيمته بين 70 و150 مليون دولار أميركي، بهدف دعم المؤسسات الشرعية للدولة اللبنانية وسيطرة الجيش على كامل الأراضي والحدود.

وتطالب قوى سياسية وقوى دولية بحصر السلاح في لبنان بيد الدولة اللبنانية دون غيرها مشددة على ضرورة نزع سلاح حزب الله.

ومنذ أسابيع أعلنت السفارة الأمريكية في بيروت أن الولايات المتحدة سلمت الجيش اللبناني 150 آلية مدرعة جديدة وأسلحة وأجهزة اتصالات وقطع غيار ومعدات، وذلك ضمن برنامج المساعدات الأميركية للجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية.

وقالت إن قيمة الشحنتين المسلمتين للجيش اللبناني بلغت نحو 60 مليون دولار، مشيرة إلى أنها جزء من التزام واشنطن المستمر بأمن لبنان. كما نشرت مقطع فيديو وثق عملية التسليم.

ولحزب الله المُمثل في البرلمان والحكومة، مكانة مهمّة على الساحة السياسية اللبنانية. ويقاتل الحزب المدعوم من طهران إلى جانب قوات النظام في سوريا منذ العام 2013، وساهم تدخله في حسم معارك عدة لصالح دمشق.

وفي تموز/يوليو، فرضت الإدارة الأميركية للمرة الأولى عقوبات على نواب من حزب الله في لبنان. وفي أواخر آب/أغسطس، فرضت أيضاً عقوبات على مصرف لبناني هو "جمال ترست بنك" الذي تتهمه بتقديم خدمات مصرفية لحزب الله.

ويأتي توقف السفينة الأميركية في إطار توترات متزايدة بين حزب الله وإسرائيل في تصعيد أدى إلى تبادل إطلاق نار محدود على الحدود في الأول من أيلول/سبتمبر.

كما  كشف الجيش الإسرائيلي أواخر الشهر الماضي تفاصيل "مشروع لتصنيع الصواريخ الدقيقة في لبنان لصالح حزب الله وبدعم من فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني".

وقال الجيش الإسرائيلي إن "إيران، وبعد فشلها في نقل الصواريخ الدقيقة إلى لبنان، لجأت إلى محاولة تصنيعها هناك".

وأضاف “في الفترة ما بين السنوات 2013-2015 وفي ظل الحرب الأهلية في سوريا، بدأت إيران بمحاولات لنقل صواريخ دقيقة جاهزة للاستخدام إلى منظمة حزب الله في لبنان عبر الأراضي السورية”.

وأكمل “تم إحباط معظم هذه المحاولات في ضربات تم إسنادها إلى إسرائيل، حيث لم يتمكن حزب الله من الحصول على هذه الصواريخ”.

ويبدو وصول المدمرة الأميركية إلى لبنان رسالة مضمونة الوصول إلى إيران التي تستخدم واشنطن معها حاليا سياسة فرض أقصى الضغوط ليس فقط لإضعاف اقتصادها بل أيضاً إلى تكسير أجنحتها بإضعاف ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان.

ويقول مراقبون للشأن اللبناني إن توقيت مرور السفينة الحربية الأميركية جاء قبل يومين من الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في 17 أيلول/سبتمبر، حيث يزداد خطر الحرب بين الطرفين اللذين يتبادلان الضربات وكسر الخطوط الحمر.

ويتخوف اللبنانيون من زج حزب الله الذي تثير ترسانته من الأسلحة والصواريخ ومشاركته في الحرب السورية دعما للرئيس السوري بشار الأسد، بلبنان إلى حرب مدمرة ومجازفة باستقراره في ظل الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي تمر بها البلاد.