واشنطن تستثني ظريف من العقوبات لترك مجال للدبلوماسية

مصادر تؤكد ان مايك بومبيو عارض إدراج وزير الخارجية الإيراني على قائمة سوداء للشخصيات المعرضة للعقوبات في الوقت الحالي.

واشنطن - ذكر مصدران مطلعان الخميس أن الولايات المتحدة قررت ألا تفرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الوقت الحالي، وذلك في علامة على أن واشنطن ربما تترك الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية.

وكان وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قال في 24 يونيو/حزيران أن ظريف سيوضع على قائمة سوداء في ذلك الأسبوع، وهو موقف علني غير مألوف لأن الولايات المتحدة عادة لا تكشف مسبقا عن تلك القرارات لمنع أهدافها من نقل أصول خارج الاختصاص القضائي الأميركي.

ومن شأن إدراج كبير المفاوضين الإيرانيين على القائمة السوداء أن يعرقل أي مسعى أميركي لاستخدام الدبلوماسية لحل خلافاتها مع طهران بشأن برنامج إيران النووي واختباراتها الصاروخية وأنشطتها في المنطقة.

ولم يعط المصدران أسبابا معينة للقرار الذي جاء بعد شهرين من زيادة التوتر بين البلدين بسبب هجمات على ناقلات نفط في الخليج تنحي واشنطن باللائمة فيها على طهران، وإسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة مما دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إصدار أوامر بتوجيه ضربات جوية انتقامية قبل أن يتراجع عنها في اللحظات الأخيرة.

وقال أحد المصدرين المطلعين شريطة عدم الكشف عن هويته "الحكمة سادت. نرى.. الأمر ليس مفيدا بالضرورة"، مضيفا أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان قد عارض إدراج ظريف على القائمة "في الوقت الحالي".

نرى الأمر ليس مفيدا بالضرورة

وفي مؤشر على مدى اقتراب واشنطن من اتخاذ إجراء ضد ظريف، وزعت وزارة الخزانة الأميركية في أروقتها مسودة بيان صحفي يعلن العقوبات على الوزير الإيراني.

ومن المتوقع أن يحضر ظريف اجتماعا وزاريا في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل بشأن أهداف التنمية المستدامة، والذي يهدف للتصدي لقضايا منها الصراع والجوع والمساواة بين الجنسين والتغير المناخي بحلول 2030.

ولكي يفعل ذلك سيتعين على الولايات المتحدة منحه تأشيرة دخول، وهي علامة أخرى على أن واشنطن ترجئ العقوبات في الوقت الحالي.

ظريف يقول لا أصول له في أميركا

وتدهورت العلاقات الأميركية الإيرانية منذ انسحاب ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الكبرى في 2015، وقراره في مطلع مايو أيار استخدام العقوبات لمحاولة وقف صادرات إيران النفطية تماما.

ودفع تحرك ترامب بشأن مبيعات النفط الإيرانية طهران إلى البدء في انتهاك أجزاء من الاتفاق النووي الذي يستهدف حد قدرتها على تطوير أسلحة مقابل إعفاء من العقوبات الاقتصادية التي شلت اقتصادها.

وسئل متحدث باسم وزارة الخزانة عن سبب عدم فرض عقوبات على ظريف حتى الآن فأشار إلى قول مسؤول كبير بإدارة ترامب للصحفيين الثلاثاء "نبحث قطعا سبلا مختلفة لفرض عقوبات إضافية على طهران. وزير الخارجية ظريف شخصية مهمة بالتأكيد وسنطلعكم على المستجدات... عندما تتوفر لدينا معلومات أخرى".

ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية بعد على طلب للتعليق على القرار.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة مورغان أورتاغوس الخميس إن واشنطن تريد حلا دبلوماسيا وكررت تعليق ترامب بأنه مستعد للقاء إيران "دون شروط مسبقة".

وأضافت للصحفيين "نسعى لحل دبلوماسي... طلبنا من حلفائنا أن يطلبوا من إيران تهدئة الوضع لا أن تتحرش بحلفاء أميركا أو بمصالحهم ولا أن ترهب المنطقة."

ولم يفصح منوتشين عن العقوبات التي ستفرض على ظريف. وكان في اليوم الذي تحدث فيه يدلي بإفادة للصحفيين بشأن العقوبات الأميركية التي استهدفت منع الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي من الوصول إلى النظام المالي الأميركي أو الأصول الخاضعة لاختصاص الولايات المتحدة القضائي.

الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي
واشنطن فرضت عقوبات على خامنئي

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نقلت في الرابع من يوليو/تموز عن ظريف قوله في رسالة بالبريد الإلكتروني إنه ليس لديه أي ممتلكات أو حسابات مصرفية خارج إيران. وقال "لذلك ليس لدي مشكلة شخصية مع العقوبات المحتملة".

"نسعى لحل دبلوماسي"

وقال ترامب إنه منفتح على التفاوض مع إيران. بيد أن مسؤولين أميركيين سابقين قالوا إنه لا يوجد مؤشر على اهتمام إدارته بالمحادثات إلا بعد قبول إيران بالشروط الأميركية.

وتشمل تلك الشروط مثلما أوضح بومبيو العام الماضي إنهاء طهران تخصيب اليورانيوم، وهو عملية يمكن من خلالها إنتاج مادة انشطارية لصنع قنابل نووية، وتمكين مفتشي الأمم المتحدة من الوصول الكامل إلى مواقع في أنحاء البلاد وإطلاق سراح مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران وانسحاب القوات الإيرانية من سوريا.

وقال المسؤولون السابقون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، إن قرارا بعدم معاقبة ظريف قد يلمح إلى رغبة واشنطن في الحفاظ على خيار الدبلوماسية وإن كان بعيد الاحتمال في الوقت الحالي.

ويضمر مسؤولو إدارة ترامب فيما يبدو عداء شديدا لظريف، ربما لاستخدامه تويتر لوصفهم "بالفريق-باء" الذي "يحتقر الدبلوماسية ومتعطش للحرب". وإذا أرادت واشنطن الدخول في مفاوضات مع إيران فيمكنها إرسال مزيد من الإشارات التصالحية.

ومن تلك الإشارات أن تسمح بإعادة الاستقرار التام لصادرات النفط الإيرانية التي كانت تبلغ 2.5 مليون برميل يوميا قبل أن ينسحب ترامب من الاتفاق لكنها انخفضت إلى نحو 300 ألف برميل يوميا منذ قراره في مايو/أيار محاولة خفضها إلى الصفر.

وقال المسؤولون الأميركيون السابقون إنه بدلا من استئناف الإعفاء من العقوبات للسماح لدول مثل الصين والهند بمواصلة شراء النفط الإيراني كان بمقدور واشنطن أن تغض الطرف عن مواصلة شراء الخام من طهران.

وهذا غير مرجح فيما يبدو بعد احتجاز مشاة البحرية الملكية البريطانية الناقلة العملاقة (غريس 1) قبالة ساحل جبل طارق الأسبوع الماضي وسط اتهامات بانتهاكها العقوبات بنقل النفط الإيراني إلى سوريا.

وبادرة أخرى محتملة هي أن تستأنف واشنطن الإعفاءات التي تنتهي في مطلع أغسطس/آب.