واشنطن تستعد لسيناريو انهيار مفاوضات فيينا النووية

حالة الغموض التي تكتنف عودة إيران لمفاوضات فيينا النووية تجبر الولايات المتحدة على بحث احتمالات ردّ جديدة وقاسية رغم قول مسؤولين أميركيين وأوروبيين بعدم وجود خيارات جيدة لإحياء الاتفاق النووي.
شركات التكرير الصينية هي أكبر مستورد للنفط الإيراني
رئيسي وفريقه النووي يصرون على بدء المحادثات النووية من الصفر
واشنطن تلوح بتشديد العقوبات على مبيعات النفط الإيراني للصين

واشنطن - تستعد الولايات المتحدة لسيناريو فشل مفاوضات فيينا النووية وتدرس في حال انهارت تلك المحادثات لتشديد انفاذ العقوبات التي اتخذتها في السابق على مبيعات النفط الإيراني إلى الصين في تحرك يستهدف الصين وإيران في نفس الوقت، بينما تتهيأ واشنطن لسيناريو تخلي طهران عن العودة للاتفاق النووي للعام 2015 في ظل جمود محادثات فيينا النووية غير المباشرة والتي تأجلت جولتها السابعة إلى أجل غير معلوم.

وأرخى فوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة بظلاله على جهود احياء اتفاق العام 2015 الذي بات بالفعل على حافة الانهيار بعدما تحلل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منه وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية التي ردّت لاحقا بالتخلي عن حزمة من التزاماتها النووية ومنها الحد الأدنى لتخصيب اليورانيوم المنصوص عليه في الاتفاق الذي يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن للعودة اليه.

والمفاوضات النووية في فيينا عالقة في اشتراطات من الجانبين وتعثر مباشرة بعد اعلان فوز رئيسي.

وقال مسؤول أميركي، إن واشنطن أبلغت بكين هذا العام بأن هدفها الأساسي هو معاودة الامتثال للاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، وبأنه لا حاجة لمعاقبة الشركات الصينية التي تنتهك العقوبات الأميركية بشراء الخام الإيراني في حال العودة إلى الاتفاق في الوقت المناسب.

ويأتي هذا الموقف في ظل حالة عدم اليقين التي تكتنف موعد عودة طهران للمحادثات غير المباشرة في فيينا وما إذا كان الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يرغب في استئناف المحادثات من حيث انتهت يوم 20 يونيو/حزيران أو المطالبة ببداية جديدة.

وأفاد المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بأن "الغموض الشديد" يلف نوايا إيران التي قالت إنها لن تستأنف المحادثات إلى أن يتولى رئيسي السلطة.

وقال لرويترز "إذا عدنا إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، فلن يكون حينها سبب لمعاقبة الشركات التي تستورد النفط الإيراني". وحد الاتفاق النووي من برنامج إيران النووي مقابل إعفائها من العقوبات الاقتصادية.

وأضاف "إذا كنا في أجواء يتلاشى فيها على ما يبدو احتمال العودة الوشيكة لخطة العمل الشاملة المشتركة، فعندئذ سيتعين تعديل هذا الوضع".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من ذكر أن واشنطن تدرس تشديد إنفاذ عقوباتها المتعلقة بإيران، خاصة على الصين التي حصلت على متوسط يومي قدره 557 ألف برميل من الخام الإيراني بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار وفقا لريفينيتيف أويل ريسيرش.

وشركات التكرير الصينية هي أكبر مستورد للنفط الإيراني. وبرزت شركة تشاينا كونكورد بتروليم الصينية للخدمات اللوجستية كطرف رئيسي في توريد النفط الخاضع للعقوبات من إيران وفنزويلا.

وقال روبرت أينهورن المحلل بمعهد بروكينجز، إن تلميح المسؤولين الأميركيين إلى اتخاذ إجراءات صارمة محتملة قد يكون تهديدا مستترا بأن لدى واشنطن طرقا لجعل طهران تدفع ثمن أفعالها.

وأضاف "ربما يستهدف التلميح أن يبعث برسالة إلى رئيسي مفادها أنه إذا لم يكن الإيرانيون جادين بشأن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فلدى الولايات المتحدة خيارات وسيكون هناك ثمن".

وتابع إن رد فعل الصين سيعتمد على ما إذا كانت تلقي باللوم على إيران أو الولايات المتحدة في الجمود الذي يعتري المحادثات. وعلاقات بكين وواشنطن متوترة بشأن قضايا تتراوح من حقوق الإنسان إلى بحر الصين الجنوبي.

وقال مسؤول إيراني إن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامني هو من بيده تحديد موعد استئناف المحادثات، مشيرا إلى أن ذلك قد يحدث عندما يتولى رئيسي السلطة في الخامس من أغسطس/آب أو بعد ذلك ببضعة أسابيع، مضيفا أيضا أنه لم يتضح بعد ما إذا كان كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين عباس عراقجي سيظل في منصبه.

وقال "ما علينا إلا الانتظار إلى أن يتولى الرئيس الجديد السلطة ويقرر ما إذا كان يود تغيير الفريق النووي أم لا. لن يتغير الدكتور عراقجي فيما يبدو، على الأقل خلال فترة التسليم".

وذكر مسؤول إيراني ثان أن رئيسي وفريقه النووي يصرون على البدء من الصفر ويرفضون استئناف المحادثات من حيث انتهت في يونيو/حزيران.

وقال "يريدون وضع شروطهم ولديهم مطالب أكثر مثل الاحتفاظ بتخصيب نسبته 60 بالمئة أو بسلسلة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة وعدم تفكيكها مثلما تطالب واشنطن".

وتجبر حالة الغموض هذه الولايات المتحدة على بحث احتمالات جديدة، حتى على الرغم من قول مسؤولين أميركيين وأوروبيين بعدم وجود خيارات جيدة لإحياء الاتفاق النووي.

وقال المسؤول الأميركي "إذا خلصنا إلى أن المحادثات ستسير ببطء لفترة أطول مما ينبغي ولم يتولد لدينا إحساس بأنهم بصدد التوصل إلى نتيجة إيجابية، فسيتعين علينا ساعتها بالطبع أن نعاود النظر في إنفاذ عقوباتنا، على الكيانات الصينية التي تشتري النفط الإيراني، ضمن جهات أخرى".

وأضاف "الأمر ليس أبيض وأسود... سنتخذ القرار بناء على الوقت الذي ستستغرقه إيران في العودة والموقف الذي ستتخذه إذا عادت ومتى عادت".