واشنطن تستهدف عزل النظام لا الشعب الإيراني

الخارجية الأميركية تؤكد أنها ماضية في حملة الضغوط الدولية على إيران ووقف صادراتها النفطية بهدف دفع القيادة الإيرانية إلى تغيير سياساتها العدائية في المنطقة.

العقوبات الأميركية تستثني الأغذية والأدوية
إيران لا تملك خيارات واسعة في مواجهة الضغوط الأميركية
واشنطن تستهدف كبح تمويلات إيران لأذرعها في المنطقة
رهان طهران على دعم أوروبي يتفكك على صخرة الإصرار الأميركي
الاتحاد الأوروبي يجازف بمصالحه في مواجه الضغط الأميركي على إيران
واشنطن تنسق مع حلفائها لمحاصرة أنشطة إيران العدائية

واشنطن - قال مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية برايان هوك اليوم الاثنين، إن "العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران لا تستهدف المجالات الإنسانية من قبيل الغذاء والأدوية، وإنما تستهدف النظام وتصرفاته".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الوزارة، خصص للحديث عن آخر التطورات بشأن الموقف الأميركي من الملف الإيراني.

وأضاف هوك، أن الإدارة الأميركية وضعت 12 شرطا للاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا أن "الهدف ليس هو تغيير النظام وإنما تغيير تصرفاته".

وتابع المسؤول الأميركي "لن نتردد في فرض المزيد من العقوبات على إيران وعزلها دوليا".

وأشار إلى عدد من العقوبات التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي والتي استهدفت عددا من الشخصيات والشركات الإيرانية.

ولفت أن جزءا من هذه العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في شهر يوليو/تموز الجاري والجزء الثاني في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتابع "قمنا بتشكيل لجنة من أجل متابعة ما تقوم به إيران ونحذر من التعامل مع هذا النظام وسنواصل فرض عقوبات قاسية على إيران".

وكشف أن "بعثة تضم عددا من المسؤولين الأميركيين (لم يحدد عددهم أو هوياتهم) ستحل في الخليج خلال الأيام المقبلة في إطار الاستمرار في حملة الضغط على النظام الإيراني".

وشدد المسؤول الأميركي على أن "العقوبات لا تستهدف الغذاء والأدوية في إيران وإنما النظام الإيراني، فنحن نقف إلى جانب الشعب الإيراني الذي يعاني من سياسات هذا النظام".

وأوضح أن "الاقتصاد الإيراني يسير بشكل سيء، نتيجة سياسات النظام، كما أنه يعاني من الفساد في جميع المجالات".

وقال "النظام البنكي الإيراني هو الآخر لا يستجيب للمعايير الدولية والبنك المركزي الإيراني يقوم بتبييض الأموال".

وأكد أن هدف الولايات المتحدة هو"زيادة الضغط على إيران وألا تكسب المزيد من مداخيل البترول والحد من قدراتها".

وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الدبلوماسية الأميركية، تعمل على التنسيق مع الحلفاء من أجل وضع حد لتصرفات إيران".

وقال "لا أحد يدعم إرهاب الإيراني في العالم عدا نظام (بشار) الأسد، ونحن نريد وضع حد للعنف الإيراني ويجب على الدول الأوروبية أن تعرف طبيعة النظام التي تتعامل معه".

وختم بالقول "إيران تدعم الأشخاص السيئين في سوريا واليمن وتدعم وحشية نظام الأسد، فهذا منهج إيران بعد الأموال التي تلقتها بعد الاتفاق النووي (الذي انسحبت منه واشنطن)".

وتواجه إيران تحديات ومشكلات اقتصادية كبيرة، تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وسعر الصرف جراء العقوبات الاقتصادية الأميركية على خلفية برنامجها النووي والصاروخي.

قال إن حملة الضغط التي تشنها الولايات المتحدة على إيران تهدف إلى خفض إيرادات طهران من النفط إلى الصفر، في مسعى لدفع القيادة الإيرانية إلى تغيير سلوكها في المنطقة.

وأوضح أن بلاده تهدف إلى دفع أكبر عدد ممكن من الدول المستوردة للنفط الإيراني إلى خفض وارداتها إلى صفر.

وتابع "يتمثل هدفنا في زيادة الضغط على النظام الإيراني من خلال خفض إيراداته من مبيعات النفط الخام إلى صفر. نعمل على تقليل الانقطاعات في السوق العالمية، لكننا على ثقة بأن هناك طاقة إضافية عالمية كافية من النفط".

وكان وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين، قال في وقت سابق، إن العقوبات على طهران ستُطبق مجددا خلال فترة زمنية تتراوح بين 90 و180 يوما.

وستواجه إيران بالفعل وضعا صعبا في حال نجحت جهود واشنطن في وقف أو خفض إيرادات طهران النفطية التي تشكل عصب الاقتصاد الإيراني.

ولا تملك الحكومة الإيرانية خيارات كثيرة في مواجهة الضغوط الأميركية، لكنها قالت الأحد إنها أعدت خطة للتعامل مع وقف أو خفض صادراتها النفطية.

إلا أنها لم توضح كيف يمكن أن تعوض إيرادات بمليارات الدولارات ولا بأي طريقة ستواجه الإرباك المالي الذي من المتوقع أن ينجم عن قطع إيراداتها النفطية.

وتراهن إيران على انتزاع ضمانات أوروبية لبيع نفطها، إلا أن رهانها حتى لو نجح سيواجه صعوبات كبيرة في ظل تهديد الولايات المتحدة بعدم استثناء أي شريك من العقوبات اذا تعامل مع إيران.

والعلاقات الأوروبية الأميركية في الوقت الراهن في أسوأ مراحلها وتشهد توترات غير مسبوقة على خلفية عدة ملفات يتصدرها ملف إيران النووي.

ورفضت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق الانسحاب من الاتفاق النووي وتعمل على منع انهياره وأمرت كبرى شركاتها بعدم الخضوع للعقوبات الأميركية.

لكن عددا من تلك الشركات أعلن بالفعل حتى قبل بدء سريان العقوبات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني تجميد أنشطته في إيران.

بقايا صاروخ حوثي إيراني الصنع دمرته الدفاعات السعودية
الضغوط الأميركية تكبح تسليح إيران لميليشياتها في المنطقة

 وتعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحزم مع إيران على خلاف سلفه الديمقراطي باراك أوباما الذي تساهل كثيرا مع أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وتعمل واشنطن حاليا على تكثيف الضغوط على إيران لدفعها لتغيير سياساتها العدائية في المنطقة.

ويتوقع أن تضع العقوبات الأميركية إلى جانب دفع إيرادات إيران النفطية إلى الصفر، طهران على حافة الإفلاس، ما قد ينجم عنه حركة احتجاجية شعبية واسعة.

وتواجه إيران احتقانا اجتماعيا كبيرا على خلفية انهيار قيمة الريال (العملة الوطنية) بنحو 40 بالمئة.

ويرى محللون أن الضغوط الأميركية ستدفع إيران حتما لمراجعة تمويلاتها السخية لأذرعها في المنطقة وتحديدا لحزب الله في لبنان والحوثيين في إيران وجماعاتها المسلحة التي تقاتل في سوريا دعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وميليشياتها الشيعية المسلحة في العراق.

وتثير سياسة إيران الخارجية سخطا شعبيا، حيث طالب محتجون مؤخرا الحكومة بالتوقف عن إهدار مال الشعب ومقدراته على دعم النظام السوري.

وكانت الاحتجاجات التي انطلقت من أمام ومحيط بازار طهران قد امتدت لعدد من المدن الإيرانية، فيما ارتفع سقفها من المطالبة بتغيير الطاقم الاقتصادي إلى رحيل النظام و"الدكتاتور" خامنئي (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية).

ووصف المحتجون خامنئي والمسؤولين الإيرانيين باللصوص.

وكان تجار بازار طهران من أشد داعمي وممولي المؤسسة الدينية والسياسية التي يهيمن عليها تيار المحافظين بزعامة خامنئي وبدعم من الحرس الثوري، لكن تضرر أنشطتهم مع انهيار الريال وشح في السيولة وفي العملات الأجنبية التي يحتاجونها بشدة لتمويل وارداتهم، دفعهم لمهاجمة النظام وانتقاد سياساتها الخارجية.