واشنطن تسعى لمواصلة هجماتها في المنطقة دون الانخراط في حرب مفتوحة

جيك سوليفان يؤكد أن الهجمات الأميركية ضد حلفاء إيران تعتبر دفاعا عن النفس وذلك تزامنا مع جولة بلينكن في الشرق الأوسط.

واشنطن - قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان أمس الأحد إن الولايات المتحدة تعتزم شن مزيد من الضربات على جماعات تدعمها إيران في الشرق الأوسط بعد توجيهها بالفعل ضربات لفصائل متحالفة مع طهران في العراق وسوريا واليمن خلال اليومين الماضيين وذلك بعد تأكيد الرئيس جو بايدن بأن الهجمات ستستمر.
وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على 36 هدفا للحوثيين في اليمن في ثاني يوم من العمليات الأميركية الكبرى ضد جماعات على صلة بإيران بعد هجوم مميت على جنود أميركيين الأسبوع الماضي.
وقال سوليفان في تصريحات لشبكة (إن.بي.سي) "نعتزم شن مزيد من الضربات واتخاذ إجراءات إضافية لمواصلة إرسال رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة سترد عندما تتعرض قواتنا لهجوم وعندما يتعرض أفراد من شعبنا للقتل".
وهذه أحدث ضربات في صراع تتسع رقعته في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول حين شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما على إسرائيل من قطاع غزة مما أشعل فتيل حرب اجتذبت عددا من الجماعات المسلحة المتحالفة مع طهران لشن هجمات على عدة جبهات.
وتتواصل جهود إدارة بايدن للحيلولة دون اتساع نطاق الحرب، إذ غادر وزير الخارجية أنتوني بلينكن في زيارة للمنطقة مساء أمس الأحد.
وأطلقت جماعة حزب الله اللبنانية النار على أهداف إسرائيلية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في حين استهدفت فصائل عراقية القوات الأميركية في العراق وسوريا بينما تهاجم حركة الحوثي اليمنية السفن في البحر الأحمر وإسرائيل ذاتها.
وتتجنب إيران حتى الآن الضلوع بأي دور مباشر في هذا الصراع رغم دعمها لتلك الجماعات. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها لا ترغب في خوض حرب مع إيران ولا يعتقد أن طهران تريد الحرب أيضا.
وأحجم سوليفان عن التعليق على ما إن كانت الولايات المتحدة ستهاجم مواقع داخل إيران، وهو الأمر الذي يحرص الجيش الأميركي بشدة على تجنبه قائلا في وقت سابق الاحد "ما حدث يوم الجمعة كان بداية ردنا وليس نهايته، وسيكون هناك مزيد من الخطوات بعضها مرئي وبعضها ربما غير مرئي". وأضاف "لن أصفها بأنها حملة عسكرية مفتوحة".
وقال البنتاغون إن الضربات شُنت في وقت متأخر مساء أمس السبت على مخازن أسلحة وأنظمة ومنصات إطلاق صواريخ وغيرها من المعدات التي يستخدمها الحوثيون لمهاجمة السفن في البحر الأحمر. وأَضافت أنها استهدفت 13 موقعا في أنحاء البلاد.
وقال يحيى سريع المتحدث باسم حركة الحوثي إن الضربات الأميركية "لن تمر دون رد وعواقب".

الحوثيون يرفضون التوقف عن شن هجمات في البحر الأحمر
الحوثيون يرفضون التوقف عن شن هجمات في البحر الأحمر

بدوره أفاد محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحركة في بيان اليوم "استمرار العدوان الأميركي البريطاني على بلدنا لن يحقق للمعتدين أي هدف، بل يزيد من مآزقهم ومشاكلهم على مستوى المنطقة، وقرار اليمن بمساندة غزة ثابت ومبدئي ولن يتأثر بأي اعتداء" مضيفا "بشأن القدرات اليمنية العسكرية، نحب أن نؤكد أنها ليس من السهل تدميرها وقد أعيد بناؤها في ظل سنوات حرب قاسية".
وقالت فاطمة، وهي من سكان صنعاء التي تخضع لسيطرة الحوثيين، إن المبنى الذي تقطنه اهتز، موضحة أنها لم تشعر بمثل قوة هذه التفجيرات منذ سنوات في بلدها المبتلى بحرب منذ سنوات.
وسيزور بلينكن السعودية مصر وقطر وإسرائيل في الأيام المقبلة في خامس جولة له بالمنطقة منذ أكتوبر/تشرين الأول والتي ستركز على دفع المحادثات بشأن عودة الرهائن الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.
كما سيسعى لدفع إبرام اتفاق ضخم بين السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات، والذي يتوقف على إنهاء الحرب في غزة واتخاذ خطوات من أجل إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.

وتتزامن الضربات في اليمن مع حملة انتقامية أميركية تتكشف بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة شنه مسلحون مدعومون من إيران على موقع في الأردن قبل أسبوع. ونفذت الولايات المتحدة يوم الجمعة الموجة الأولى من هذا الانتقام، إذ استهدفت أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا على صلة بالحرس الثوري الإيراني والفصائل التي يدعمها، مما أسفر عن مقتل نحو 40 شخصا.

وواصلت الميليشيات حملة الاستهدافات رغم التحذير الاميركي حيث قتل سبعة مقاتلين من قوات المهام الخاصة التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في قصف بمسيّرة استهدف حقل العمر النفطي، أكبر القواعد الأميركية في سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الإثنين.

وتبنّت "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي ائتلاف من فصائل موالية لإيران، قصف القاعدة الواقعة في محافظة دير الزور (شرق). وقالت في بيان نُشر على تطبيق تلغرام إن مقاتليها هاجموا "بواسطة الطيران المسيّر، قاعدة الإحتلال الأميركي في حقل العمر النفطي في العمق السوري".

واستهدف القصف وفق المرصد، قسماً تابعاً لقوات المهام الخاصة التي يقودها الأكراد داخل حقل العمر، ما أوقع سبعة قتلى ونحو 18 جريحاً في صفوفها، في حصيلة جديدة. وكان المرصد أشار في حصيلة أولية إلى مقتل خمسة عناصر وإصابة نحو عشرين بجروح.

وفي وقت لاحق، أفادت قوات سوريا الديمقراطية من جهتها في بيان عن "هجوم إرهابي بطائرة انتحارية" استهدف "أكاديمية للتدريب" في حقل العمر"، مؤكدة "حقنا في الردّ العسكري المناسب على مصدر الهجوم". وأوردت حصيلة أدنى مع إعلانها مقتل ستة من عناصرها.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن القصف "يعد الأول من مجموعات موالية لإيران ضد القواعد الأميركية بعد القصف الأميركي على سوريا والعراق" قبل أيام.

ميليشيات تدعمها إيران تستهدف قاعدة أميركية بدير الزور
ميليشيات تدعمها إيران تستهدف قاعدة أميركية بدير الزور

واستبعد محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، أي تغيير في النهج الإيراني حتى بعد أحدث ضربات أميركية قائلا "إنهم يبقون العدو خلف الحدود بعيدا. لا يرغبون في أي مواجهة عسكرية مباشرة قد تؤدي إلى هجمات على مدنهم أو وطنهم. سيحافظون على هذا الوضع الراهن".
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات الأحدث على اليمن هي "انتهاك صارخ للقانون الدولي من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا"، محذرة من أن استمرار مثل هذه الهجمات يشكل "تهديدا مقلقا للسلم والأمن الدوليين".
وأشار أندرياس كريج، الأستاذ المشارك في كلية كينجز كوليدج بلندن، إلى أنه في حين أن الضربات الأميركية في العراق وسوريا مثلت تصعيدا من حيث اتساعها وكمية العتاد الذي تم إسقاطه، إلا أنها لم تضرب أهدافا في إيران أو الإيرانيين. مضيفا "الولايات المتحدة تراجعت عن ذلك لأنه كان سيؤدي إلى مزيد من التصعيد... أعتقد أننا سنرى ردا من هذه الميليشيات أو من إيران على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، لكن هذا الرد سيكون محسوبا أيضا".
ويمارس الجمهوريون الأميركيون ضغوطا على الرئيس الديمقراطي جو بايدن لتوجيه ضربة مباشرة لإيران.
ويقول الحوثيون، الذين يسيطرون على مناطق كبيرة من اليمن، إن هجماتهم تأتي تضامنا مع الفلسطينيين في وقت تقصف فيه إسرائيل قطاع غزة. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يصفونها بأنها عشوائية وتشكل تهديدا للتجارة العالمية.
وهجرت شركات شحن رئيسية ممرات الشحن في البحر الأحمر بشكل كبير واتجهت إلى طرق أطول حول أفريقيا مما أدى إلى زيادة التكاليف وأجج المخاوف بشأن التضخم العالمي مع حرمان مصر في الوقت نفسه من عائدات قناة السويس بالعملة الأجنبية التي تشتد الحاجة لها. والهجمات الأميركية في العراق هي الأكثر فتكا منذ سنوات.
وشارك المئات في مراسم جنازة ببغداد لنحو 17 من أفراد الحشد الشعبي الذين قتلوا في الضربات. وتنضوي تحت لواء قوات الحشد الشعبي العديد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وقال هادي العامري، وهو سياسي عراقي كبير مقرب من إيران، إن الوقت حان لإخراج القوات الأميركية، وهناك 2500 جندي أميركي في العراق في مهمة للمساعدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية. وعبر العامري عن اعتقاده أن وجودهم الآن شر محض بالنسبة للشعب العراقي. وبدأ العراق والولايات المتحدة الشهر الماضي محادثات بخصوص إنهاء وجود التحالف بقيادة الولايات المتحدة في البلاد.