واشنطن تصادر في ضربة مزدوجة نفطا إيرانيا في طريقه لفنزويلا

إجمالي حمولة النفط الإيراني المصادرة تفوق مليون برميل
لطالما تباهي مادورو بتحدي الضغوط الأميركية
واشنطن تسدّ المنافذ الملتوية لشحنات النفط الإيراني
ايرادات الشحنة المصادرة ستخصص لصندوق ضحايا الإرهاب

واشنطن - صادرت الولايات المتحدة شحنات نفط إيرانية كانت في طريقها لفنزويلا في أول تحرك عملي منذ بدأت إيران في إرسال شحنات وقود لكاراكاس وهي الشحنات التي أكدت المعارضة أنها لنظام الرئيس نيكولاس مادورو ولقوات الجيش والشرطة.

ووصلت في الأشهر الماضية خمس ناقلات نفط إيرانية تباعا لموانئ فنزويلا وخصتها طهران وكاراكاس بهالة إعلامية في سياق تحديهما لواشنطن التي تفرض عليهما عقوبات اقتصادية قاسية.

وأكدت وزارة العدل الأميركية الجمعة أنها ضبطت شحنات نفطية كانت على متن أربع سفن أرسلتها إيران إلى فنزويلا التي تشهد أزمة اقتصادية خانقة، معلنة أن الشحنات على صلة بالحرس الثوري الإيراني.

وأعلنت أنه "بمساعدة شركاء أجانب، باتت هذه الممتلكات المصادرة محجوزة لدى الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن إجمالي حمولة الشحنات يفوق مليون برميل من النفط، واصفة الأمر بأنه أكبر عملية ضبط للشحنات النفطية المنطلقة من إيران.

وأكدت الوزارة أنها تقدمت في 2 يوليو/تموز بشكوى أمام محكمة فدرالية في واشنطن وحصلت منها على مذكرة ضبط لحمولات السفن بيلا وبيرينغ وباندي ولونا.

وأشارت واشنطن إلى وجود رابط بين هذه العملية وحادثة سجّلت في بحر عمان أدانها الجيش الأميركي الأربعاء، اعترضت خلالها قوات إيرانية ناقلة نفط ترفع علم ليبيريا في المياه الدولية واستعملت مروحية وسفينتين للسيطرة عليها.

وأورد البيان الأميركي أنه "بعد تنفيذ أمر المصادرة الأميركي صعدت البحرية الإيرانية على متن سفينة لا علاقة لها بالقضية، في محاولة واضحة لاستعادة النفط المحتجز، لكنها لم تنجح"، مذكرا بأن القيادة الوسطى للجيش الأميركي نشرت فيديو للحادثة.

وساعدت وزارة الخارجية الأميركية في ضبط السفن، وفق ما أفادت المتحدثة باسمها مورغان أورتاغوس في بيان.

وأضافت أن الأرباح التي تنوي الحكومة الأميركية جنيها من بيع شحنات البترول الإيراني ستوجه إلى صندوق لدعم ضحايا الإرهاب "عوض أن تذهب إلى أولئك الذين يرتكبون أعمالا إرهابية، على غرار الحرس الثوري".

وتابعت أن "الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بمواصلة حملة ممارسة أقصى درجات الضغط على النظام الإيراني ونظام مادورو". وتملك فنزويلا أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، لكن الإنتاج تدهور وباتت البلاد تعاني نقصا في الوقود.

والعقوبات التي تفرضها واشنطن على نظام الرئيس نيكولاس مادورو أجبرت فنزويلا التي كانت تعتمد على التكرير لسد احتياجاتها من النفط، على طلب الإمداد من حلفاء مثل إيران، العدو اللدود للولايات المتحدة، لسد النقص.

مصادرة شحنات النفط الايراني لفنزويلا تعتبر ضربة قاصمة لطهران وكاراكاس بعد تحديهما العقوبات الأميركية
مصادرة شحنات النفط الايراني لفنزويلا تعتبر ضربة قاصمة لطهران وكاراكاس بعد تحديهما العقوبات الأميركية

وقال السفير الإيراني لدى فنزويلا حجت سلطاني إن التقارير عن مصادرة ناقلات نفط إيرانية "هي بمثابة كذبة أخرى وحرب نفسية" من جانب الولايات المتحدة، مضيفا في تغريدة بالإسبانية أن "السفن ليست إيرانية وليس لمالكها أو العلم الذي ترفعه أي علاقة بإيران".

وبهذا الإعلان تكون واشنطن قد وجهت ضربة قاسية مزدوجة لإيران وفنزويلا الواقعتان تحت ضغوط شديدة وتواجهان أزمات مالية واقتصادية بسبب العقوبات الأميركية.

وكانت وزارة العدل الأميركية قد أعلنت في بدايات يوليو/تموز أن قاضي المحكمة الجزئية جيمس بوسبرغ أصدر أمرا بمصادرة أكثر من 1.1 مليون برميل من البنزين محملة في أربع ناقلات إيرانية متجهة إلى فنزويلا.

ويسمح هذا الأمر القضائي للسلطات الأميركية وهي خفر السواحل على الأرجح، بمصادرة الوقود، بينما تسعى الولايات المتحدة لتضييق الخناق أكثر على إيران وقطع الطريق على محاولات طهران الالتفاف على العقوبات وسدّ كل المنافذ التي تستخدمها الحكومة الإيرانية لتصدير النفط.

ويأتي القرار القضائي بعد أن رفع مدعون أميركيون دعوى لمصادرة بنزين مشحون في أربع ناقلات نفط إيرانية متجهة إلى فنزويلا وذلك في أحدث محاولة من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب لزيادة الضغوط الاقتصادية على خصمي الولايات المتحدة.

وتتباهى حكومة الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو بأن الناقلات التي غادرت الشهر الماضي، تُظهر أن الضغوط الأميركية لم تُخضعها بعد، فيما تضغط واشنطن من أجل الإطاحة بمادورو من خلال حملة تشمل إجراءات دبلوماسية وتدابير عقابية منها عقوبات على شركة النفط الفنزويلية الحكومية.

فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني ينقل النفط عبر شبكة شحن خاضعة للعقوبات تشمل عشرات من مديري السفن والناقلات والوسطاء

وتسببت العقوبات الأميركية في نقص حاد في البنزين بفنزويلا وهي عضو بمنظمة أوبك مثل إيران. وتتعرض البلاد لانهيار اقتصادي، لكن مادورو لا يزال متشبثا بالسلطة. وقال بعض المسؤولين الأميركيين في أحاديث خاصة إن فشل ترامب في الإطاحة به يصيبه بالإحباط.

وجاء في الدعوى التي كانت صحيفة 'وول ستريت جورنال' أول من أورد نبأ بشأنها أن المدعين الاتحاديين يستهدفون من رفعها منع تسليم البنزين الإيراني على متن الناقلات بيلا وبيرينج وباندي ولونا التي ترفع علم ليبيريا. وتسعى كذلك لمنع شحنات كهذه مستقبلا.

وكذلك فإن الدعوى التي رُفعت أمام المحكمة الجزائية الأميركية بمقاطعة كولومبيا، تستهدف منع تدفق الإيرادات من مبيعات البترول إلى إيران التي تفرض عليها واشنطن عقوبات بسبب برنامجها النووي وصواريخها الباليستية ونفوذها في أنحاء الشرق الأوسط. وتقول طهران إن برنامجها النووي للأغراض المدنية.

ويقول رافعو الدعوى إن رجل الأعمال الإيراني محمود مدني بور ساعد في الترتيب للشحنات بتغيير الوثائق الخاصة بالناقلات لتفادي العقوبات الأميركية. وتقول الدعوى إنه منذ سبتمبر/أيلول 2018 وفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني ينقل النفط عبر شبكة شحن خاضعة للعقوبات تشمل عشرات من مديري السفن والناقلات والوسطاء.

وتشير الدعوى كذلك إلى أن أرباح الشحنات تدعم "مجموعة كاملة من الأنشطة الشائنة، منها نشر أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب ومجموعة أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل والخارج".

ويقول المدعون الأميركيون إن الناقلات التي تحمل البنزين الإيراني تعمد إلى نقله من سفينة إلى أخرى لتفادي العقوبات وإن الناقلة باندي على سبيل المثال قامت بعملية نقل من هذا القبيل لتحميل البنزين الإيراني خلسة.