واشنطن تعتبر انخراط حزب الله في الحرب خطا أحمر
واشنطن - يحمل تحذير السفير الأميركي إلى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك من بيروت اليوم الخميس حزب الله، المدعوم من إيران، من مغبة الانخراط في الصراع بين إيران وإسرائيل، رسالة تكشف نوايا واشنطن في ردع الجماعة في حال انضمامها إلى الحرب.
ويشير هذا الموقف إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى منع تمدد الصراع والحيلولة دون تحوله إلى حرب إقليمية شاملة، لا سيما وأنها تدرك أن دخول حزب الله في أي المواجهة بين إيران وإسرائيل سيؤدي حتما إلى تصعيد كبير، رغم الضربة القاصمة التي تلقاها في حربه الأخيرة ضد الدولة العبرية.
وتحرص واشنطن على حماية مصالحها وحلفائها في المنطقة، وفي مقدمتهم إسرائيل، خاصة وأن أي تدخل لحزب الله سيهدد أمن الدولة العبرية بشكل مباشر، وقد يؤدي إلى رد إسرائيلي قوي يستهدف لبنان، ما يزعزع الاستقرار الإقليمي.
وتُدرك واشنطن أن دخول الحزب في الحرب قد يجبرها على التدخل العسكري المباشر، وهو أمر لا ترغب فيه الإدارة الأميركية حالياً، بالنظر إلى التداعيات الاقتصادية والسياسية لمثل هذا القرار.
ويمكن اعتبار هذا التحذير بمثابة "خط أحمر" أميركي لحزب الله، مفاده أن تجاوز هذا الخط سيستدعي رداً قوياً ومباشراً من الولايات المتحدة لدعم إسرائيل.
ويجري باراك زيارة لبيروت هي الأولى له إلى هذا البلد، في وقت دخلت الحرب غير المسبوقة بين إيران واسرائيل يومها السابع.
وفي حين ندّد حزب الله بالضربات الإسرائيلية على طهران غداة اندلاع النزاع بين الطرفين الأسبوع الماضي، لم يعلن استعداده للدخول فيه بعد حرب دامية خاضها مع اسرائيل انتهت بوقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
وردا على سؤال حول احتمال تدخّل الحزب في الحرب، قال باراك لصحافيين بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري "يمكنني أن أتحدث باسم الرئيس دونالد ترامب، الذي كان واضحا جدا، وكذلك المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بأن هذا سيكون قرارا سيئا جدا جدا جدا".
وشكّل حزب الله عنصرا أساسيا في ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، لكنه خرج من حربه الأخيرة مع إسرائيل ضعيفا على المستوى العسكري والسياسي بعد ضربات قاسية قتلت أبرز قادته ودمرت جزءا كبيرا من ترسانته العسكرية.
وقال الحزب في بيان الجمعة إن الغارات تشكّل "تصعيدا خطيرا في مسار التفلّت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ورعاية أميركيتين كاملتين".
وأعلنت الخارجية اللبنانية من جهتها أنها "تتابع اتصالاتها لتجنيب لبنان أي تداعيات سلبية لهذا العدوان". والتقى باراك بالإضافة إلى بري، رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أكد بحسب بيان صادر عن مكتب الرئاسة أن "الاتصالات قائمة لتحقيق مبدأ حصرية السلاح على الصعيدين اللبناني والفلسطيني وستتكثف بعد استقرار الوضع المضطرب في المنطقة نتيجة احتدام الصراع الاسرائيلي - الايراني".
وقال في حديثه لصحافيين "نحن ملتزمون بتقديم المساعدة...ما نملكه جميعا هو الأمل بأن تهدأ حالة الفوضى قريبا وأن تنبثق من هذه المرحلة بوادر السلام والازدهار".
من جهته، أعلن رئيس الوزراء نواف سلام عقب لقائه باراك أنه أكد خلال اللقاء على "تمسّك لبنان بخيار الأمن والاستقرار ورفض الانجرار إلى الحرب الدائرة في الإقليم"، بحسب منشور على منصة "إكس"، قائلا إنه طلب من باراك "مساعدة بلاده في الضغط على إسرائيل من أجل انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة".
وبعد أشهر على وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق لبنانية عدّة من بينها الضاحية الجنوبية لبيروت، وتشدد على أنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته بعد الحرب التي تكبد فيها خسائر كبيرة على صعيد بنيته العسكرية والقيادية.
وقتل شخص الخميس في غارة إسرائيلية على بلدة حولا في جنوب لبنان، غداة مقتل شخصين وإصابة آخر في غارتين اسرائيليتين، بحسب وزارة الصحة، في حيان قالت اسرائيل إنها استهدفت عنصرين في حزب الله.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل، وسحب الأخيرة قواتها من الأراضي التي توغلت فيها خلال النزاع.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات لا تزال متمركزة فيها داخل أراضيه.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة قلقة بشأن تأثير أي تصعيد عسكري على لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، فيما ينذر انخراط حزب الله في حرب شاملة بعواقب وخيمة على البلد الذي يتلمس طريقه إلى التعافي.