واشنطن تعتقل قياديا بارزا في داعش خلال حملات في سوريا والعراق

العمليات نفذت بالتنسيق مع شركاء الولايات المتحدة المحليين في المنطقة، وتحديداً قسد بالإضافة إلى قوات الجيش العراقي.

واشنطن - أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، الأربعاء، عن اعتقال "قيادي" بارز في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال سلسلة من العمليات الأمنية التي نُفّذت في نهاية مايو/أيار في كل من العراق وسوريا، ضمن إطار جهود التحالف الدولي المتواصلة للقضاء على ما تبقى من فلول التنظيم الإرهابي.
وأوضحت القيادة الأميركية، في بيان نُشر على منصة "إكس"، أن الجيش الأميركي شارك في ست عمليات أمنية خلال تلك الفترة، خمس منها جرت في العراق وواحدة في سوريا. وأسفرت هذه العمليات عن مقتل عنصرين من التنظيم واعتقال شخصين، أحدهما وصفته القيادة بـ"القيادي في تنظيم الدولة الإسلامية" دون الكشف عن هويته لأسباب أمنية.

ونُفذت العمليات بالتنسيق مع شركاء الولايات المتحدة المحليين في المنطقة، وتحديداً قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، والتي تعد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى قوات الجيش العراقي.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهده المنطقة، حيث بدأت الولايات المتحدة بالفعل خطوات نحو تقليص عدد جنودها المنتشرين في شمال وشرق سوريا، وهو ما أثار مخاوف لدى مراقبين وخبراء من احتمال أن يؤدي هذا الانسحاب التدريجي إلى فراغ أمني قد تستغله خلايا داعش لإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات جديدة.
ورغم أن التنظيم الجهادي قد خسر الأراضي التي كان يسيطر عليها بعد هزيمته في العراق عام 2017 وسوريا عام 2019، لا تزال خلاياه النشطة تشن هجمات متفرقة تستهدف القوات الأمنية والمدنيين في المناطق الريفية والنائية، خصوصاً في العراق. وغالباً ما تتسم هذه الهجمات بالطابع المفاجئ والسريع، حيث يعتمد التنظيم على أسلوب حرب العصابات والكمائن المزروعة في المناطق غير المأهولة.
وفي سوريا، ما زالت بعض خلايا داعش نشطة خصوصاً في مناطق البادية ومحيط دير الزور والحسكة، وتستهدف في معظم الأحيان القوات التابعة لقسد، إضافة إلى المدنيين الذين يُتهمون بالتعاون مع السلطات المحلية. وتُعد هذه المناطق بيئة خصبة لعودة نشاط التنظيم بسبب ضعف البنية التحتية الأمنية وصعوبة السيطرة على التضاريس الجغرافية المعقدة.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقاء جمعه مؤخراً بالرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية إلى "مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة صعود تنظيم الدولة الإسلامية"، مشدداً على ضرورة "التنسيق الإقليمي والدولي لضمان عدم عودة الإرهاب إلى المنطقة".
ورغم عدم وضوح تفاصيل اللقاء، إلا أن تصريحات ترامب تسلط الضوء على القلق الأميركي من احتمالية عودة نشاط داعش في ظل تغيرات سياسية وأمنية متسارعة في المنطقة، لا سيما مع انخفاض التواجد العسكري الأميركي الذي كان يلعب دوراً محورياً في تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للقوات المحلية في سوريا والعراق.
من جهة أخرى، يشير بعض المحللين إلى أن الانسحاب الأميركي من بعض النقاط الاستراتيجية في سوريا قد يترك فراغاً تتسابق لملئه أطراف إقليمية ودولية أخرى، مثل روسيا وإيران، مما قد يعقد المشهد الأمني ويؤثر على جهود مكافحة الإرهاب في المدى الطويل.
وتؤكد واشنطن في أكثر من مناسبة أنها لا تزال ملتزمة بمحاربة تنظيم داعش، ولكن بشكل "متكيف مع الواقع الميداني الجديد"، حيث تعتمد بشكل أكبر على الشراكة مع القوات المحلية والدعم الجوي المحدود، بدلاً من الانتشار الواسع على الأرض. وتؤكد القيادة المركزية الأميركية أن هذه الاستراتيجية أثبتت فاعليتها في المدى القصير، إلا أن الخبراء يحذرون من أن القضاء التام على التنظيم يتطلب جهوداً متواصلة على المدى الطويل تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي ختام بيانها، شددت سنتكوم على أن "التحالف الدولي سيواصل ملاحقة فلول تنظيم الدولة الإسلامية في كل مكان، بهدف منع التنظيم من إعادة بناء قدراته وتهديد أمن واستقرار المنطقة مجدداً"، مؤكدة أن التنسيق مع القوات العراقية وقسد سيبقى ركيزة أساسية في هذه المعركة.
ورغم النجاحات الأمنية الأخيرة، تظل التحديات حاضرة، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة، ما يضع مستقبل الحرب على داعش في مفترق طرق، ويتطلب يقظة دولية مستمرة لضمان عدم عودة التنظيم إلى الواجهة من جديد.