واشنطن تقرر الرد عسكريا في العراق وسوريا انتقاما لمقتل 3 من جنودها

قرار سحب ضباط كبار من الحرس الثوري يأتي مدفوعا جزئيا بحرص إيران على ألا تنجر إلى صراع يحتدم في أنحاء الشرق الأوسط خاصة بعد تحذيرات أميركية.
الحرس الثوري سيدير العمليات السورية عن بعد بمساعدة حليفته جماعة حزب الله

طهران/بغداد - اتخذت واشنطن قرارها بشنّ هجمات على مدى عدة أيام في العراق وسوريا على العديد من الأهداف تشمل عسكريين إيرانيين ومنشآت إيرانية، وفق ما أكده مسؤولون أميركيون، ردّا على الهجوم الذي استهدف قاعدة أميركية في الأردن مطلع الأسبوع وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة أكثر من 40 آخرين، فيما يضاعف هذا التطوّر المخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقا في المنطقة.

ونقل تقرير لشبكة ''سي.بي.إس نيوز'' عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الطقس عامل مؤثر في توقيت الضربات المزمعة لأن واشنطن تفضل تنفيذها حين تكون الرؤية واضحة تفاديا لإصابة مدنيين.

وقال أربعة مسؤولين أميركيين إن تقديرات الولايات المتحدة تشير إلى أن إيران هي التي صنعت الطائرة المسيرة التي استهدفت القاعدة الأميركية في الأردن.

وحمَلت واشنطن فصائل متحالفة مع إيران مسؤولية الهجوم لكنها قالت أيضا إن إيران تتحمل المسؤولية في نهاية المطاف نظرا لدعمها هذه الفصائل. وهذا هو الهجوم الأول الذي يسفر عن مقتل جنود أميركيين في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر/تشرين الأول.

وحذر خبراء من أن أي ضربات ضد قوات إيرانية داخل إيران قد تجبر طهران على الرد، مما يؤدي إلى تصعيد الوضع على نحو قد يستدرج الولايات المتحدة إلى حرب كبرى في الشرق الأوسط.

وقلص الحرس الثوري الإيراني نشر كبار ضباطه في سوريا بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية المميتة، وسيعتمد أكثر على فصائل شيعية متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك وفق ما قالت خمسة مصادر مطلعة في خضم تصاعد القصف الإسرائيلي على مواقعه في دمشق وسقوط قيادات إيرانية بارزة.
ويتعرض الحرس الثوري لواحدة من أكثر الفترات صعوبة في سوريا منذ وصوله قبل عقد من الزمن لمساعدة الرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية. فمنذ ديسمبر/كانون الأول قتلت الضربات الإسرائيلية أكثر من ستة من أعضائه بينهم أحد كبار قادة المخابرات في الحرس الثوري.
وقالت ثلاثة من المصادر إنه بينما يطالب غلاة المحافظين في طهران بالثأر، فإن قرار إيران سحب كبار الضباط مدفوع جزئيا بحرصها على ألا تنجر إلى صراع يحتدم في أنحاء الشرق الأوسط خاصة بعد تحذيرات أميركية.
وبينما قالت المصادر إن إيران ليست لديها نية للانسحاب من سوريا، وهي جزء أساسي من دائرة نفوذ طهران، فإن إعادة التفكير تسلط الضوء على كيف تتكشف العواقب الإقليمية للحرب التي أشعلها هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وسعت إيران الداعمة لحماس إلى أن تنأى بنفسها عن الصراع حتى في وقت تدعم فيه جماعات دخلت المعركة من لبنان واليمن والعراق وسوريا، في إطار ما يسمى "محور المقاومة" المناهض لإسرائيل والمصالح الأميركية.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني إقليمي كبير على إطلاع من جانب طهران، إن قادة إيرانيين كبارا غادروا سوريا مع عشرات الضباط ذوي الرتب المتوسطة، واصفا ذلك بأنه تقليص لحجم التواجد.
وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الحرب السورية. وبينما كان بين هؤلاء أعضاء من الحرس الثوري، يعملون رسميا في دور مستشارين، كان الجزء الأكبر من الفصائل المسلحة الشيعية من أنحاء المنطقة.

الإيرانيون لن يتخلوا عن سوريا

وقالت ثلاثة من المصادر إن الحرس الثوري سيدير العمليات السورية عن بعد بمساعدة حليفته جماعة حزب الله. ولم ترد الجماعة اللبنانية على الفور على طلب للتعليق.
وقال مصدر آخر، وهو مسؤول إقليمي مقرب من إيران، إن من لا يزالون في سوريا غادروا مكاتبهم وأماكن إقامتهم وابتعدوا عن الأنظار. وأضاف "الإيرانيون لن يتخلوا عن سوريا لكنهم قللوا وجودهم وتحركاتهم إلى أقصى حد".
وذكرت المصادر أن التغييرات لم يكن لها تأثير على العمليات حتى الآن. وقال أحد المصادر، وهو إيراني، إن تقليص الحجم "سيساعد طهران على تجنب الانجرار إلى الحرب بين إسرائيل وغزة".
ومنذ اندلاع حرب غزة، صعدت إسرائيل حملة الضربات الجوية المستمرة منذ سنوات بهدف تحجيم الوجود الإيراني في سوريا ومهاجمة كل من الحرس الثوري وحزب الله، الذي يتبادل بدوره إطلاق النار مع إسرائيل عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول.
ونادرا ما تعلق إسرائيل على هجماتها في سوريا ولم تعلن مسؤوليتها عن أحدث الضربات هناك. وقال الجيش الإسرائيلي، ردا على أسئلة إنه لا يعلق على تقارير إعلامية أجنبية.