واشنطن تقر قانونا مناهضا للتطبيع مع الأسد

استمرار العقوبات على النظام السوري ينعكس عمليا على الشعب حيث فاقمت علل الاقتصاد معاناة المواطن وارتفع معدل السوريين تحت خط الفقر.

واشنطن - أقرّ مجلس النواب الأميركي، فجر الخميس مشروع "قانون مناهضة التطبيع مع نظام بشار الأسد" بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ما يعني استمرار العقوبات على النظام السوري والشركات المتعاونة معه وتجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري، في ظل أزمة اقتصادية قاسية يعيشها المواطنون.

وأفاد “التحالف الأميركي من أجل سوريا” في بيان عبر موقعه الرسمي، أن 389 عضوًا (الغالبية الساحقة) في مجلس النواب، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، صوتوا لصالح القانون، مقابل 32 آخرين عارضوا مشروع القانون.

وينص مشروع القانون على أن الولايات المتحدة لن تعترف أو تطبع العلاقات مع أي حكومة سورية تحت قيادة بشار الأسد، إلى جانب تعزيز العقوبات المنصوص عليها بموجب قانون “قيصر” لعام 2019، من خلال تمديد أحكامه، التي كان مقررًا أن تنتهي في 2024، قبل التمديد إلى 2032، كما يتطلب تطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات، وتقريرًا سنويًا لمواجهة التطبيع مع الأسد.

كذلك يقضي بأن تعارض واشنطن اعتراف أي حكومة أخرى أو تطبيع العلاقات مع النظام السوري من خلال التطبيق الكامل للعقوبات المنصوص عليها في "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019" والأمر التنفيذي رقم 13894، والذي يتضمن حجب ممتلكات ودخول بعض الأفراد المتورطين في سوريا.

وقال مسؤول السياسيات في "التحالف الأميركي لأجل سوريا" محمد علاء غانم في منشور له على منصة "إكس"، أن "المنظمة بدأت العمل على مشروع القانون في الشهر الأول من العام 2023 واستمر الدفع يومياً بشكل حثيث حتى ساعة الإعلان عن نتيجة التصويت، جرى خلال هذه الفترة إجراء ما لا يقلّ عن 327 اجتماعاً وزيارة مختلفة لمكاتب الكونغرس، وأرسلنا فيها آلاف الرسائل، وأجرينا مئات الاتصالات، بما يشمل تجهيز المسوّدة الأصلية، وحشد التأييد من الحزبين، وإجراء مفاوضات كثيرة حول بنود القانون المختلفة، والحيلولة دون شطب بعضها، مروراً بإقراره في لجنة العلاقات الخارجية، ثم التصدّي لحملات مضادّة فعلتها بعض الجهات لتشويه صورة القانون وحثّ أعضاء الكونغرس على رفضه".

واعتبر أن إقرار مشروع القانون يعدّ "رسالة حازمة للإدارة الأميركية الحالية وجميع الإدارات المستقبلية وللعالم بأسره، بأن الحزبين مُصرّان على تطبيق جميع القوانين النافذة بحقّ نظام الأسد، وأنّهما لن يسمحا بفرضه أمراً واقعاً، وأن الحل الوحيد للخروج بسوريا من أزمتها إلى مستقبل أفضل، هو التقاء السوريين على مشروع مشترك بعيداً عن شخص الأسد وإرثه الدموي الذي لا يمكن نسيانه أو غفرانه".

ويسعى مشروع القانون إلى الاستفادة من جميع السلطات المتاحة لردع جهود إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ويحظر على أي مسؤول أو موظف فيدرالي اتخاذ إجراءات أو تخصيص أموال تشير ضمناً إلى اعتراف الولايات المتحدة ببشار الأسد أو حكومته.

ولكي يصبح مشروع القرار نافذاً، يجب أن يقره الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ثم يحول لمكتب الرئيس الأميركي جو بايدن ليوقعه كمرحلة نهائية.

كذلك أكّد معاذ مصطفى -المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ- على أهمية مشروع هذا القانون، قائلاً "باعتبارنا منظمة إنسانية عملت على مشروع القانون هذا منذ بداية فكرته، فإننا فخورون برؤية تشريع يحاسب نظام الأسد والمتطبيعين مع مجرمي الحرب، هذا العمل لا يعيق أي جهود إنسانية، بل يضمن وصول المساعدات إلى المدنيين بدلاً من حصار نظام الأسد وقصفه للأبرياء".

في المقابل يرى محللون أن استمرار العقوبات على النظام السوري ينعكس عمليا على المواطن حيث فاقمت "علل" الاقتصاد معاناته وارتفع معدل السوريين تحت خط الفقر.

ويعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، وتشهد البلاد ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الضرورية، مع تآكل في قدراتهم الشرائية وتراجع في فرص العمل خصوصا أن القدرة على استيراد السلع، وبينها المواد الغذائية والوقود، أصبحت أكثر تعقيدا. وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساسا منذ نحو أعوام أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.

كما تستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار. إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن نظرا لخبرة موسكو وطهران في الالتفاف على عقوبات اعتادتا عليها.

ولا يستبعد متابعون أن يكون "للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساسا".