صفقة تسلح تفتح الباب لشراكة أوسع بين واشنطن والإمارات
واشنطن/أبوظبي - في خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، وافقت وزارة الخارجية الأميركية على صفقة عسكرية محتملة بقيمة 1.457 مليار دولار تشمل بيع طائرات هليكوبتر من طراز "CH-47F" شينوك، بالإضافة إلى مكونات ومعدات دعم لطائرات "اف 16" حيث يأتي ذلك قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة بما في ذلك أبوظبي، ما يعزز من رمزية التوقيت السياسي والدبلوماسي.
وتعكس الموافقة التوجه الأميركي الواضح في دعم حلفائه الاستراتيجيين في منطقة الخليج، لا سيما في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها المنطقة، وأبرزها التهديدات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة من خلال أذرعها ووكلائها في المنطقة. وتعتبر الإمارات أحد أبرز الشركاء الأمنيين والعسكريين لواشنطن في الشرق الأوسط، حيث يشمل التعاون بين الجانبين مجالات عدة من بينها مكافحة الإرهاب، الأمن البحري، والتنسيق في العمليات الإقليمية.
وخلال السنوات الماضية، شهد التعاون العسكري بين أبوظبي وواشنطن تصاعداً ملحوظاً، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. فقد شاركت إلى جانب الولايات المتحدة في عدة مهام عسكرية ضمن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، كما أنها تستضيف جنودا أميركيين ومرافق عسكرية استراتيجية تسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وتأتي هذه الموافقة قبيل زيارة ترامب، الذي يُعرف بعلاقاته الوثيقة مع قادة دول الخليج، لا سيما القيادة الإماراتية وخاصة رئيس الامارات الشيخ محمد بن زايد وكان الرئيس الجمهوري خلال ولايته الأولى قد وصف أبوظبي بأنها "لاعب رئيسي" في صياغة ملامح الأمن والسياسة في المنطقة، وقد لعب دوراً أساسياً في دعم الاتفاق الإبراهيمي الذي أدى إلى تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل في عام 2020، وهو الاتفاق الذي أعاد رسم المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وتحمل زيارة ترامب المرتقبة بعداً رمزياً، حيث يُتوقع أن يعيد التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع الإمارات، وقد تأتي هذه الصفقة العسكرية كتمهيد لتفاهمات أوسع في مجالات التعاون الأمني والسياسي، وربما الاقتصادي أيضاً.
ووفقاً لبيان وزارة الدفاع الأميركية، فإن المبيعات تشمل شراء طائرات هليكوبتر من طراز "CH-47F" شينوك، وهي طائرات نقل عسكرية ثقيلة تتمتع بقدرات عالية في دعم العمليات اللوجستية ونقل القوات والمعدات. وتعتبر هذه الطائرات من أحدث الطرازات في سلاح الجو الأميركي، ما يعكس الثقة الأميركية في الشريك الإماراتي، ورغبتها في تزويده بأحدث المعدات العسكرية.
كما تشمل دعم ومكونات لطائرات "اف 16" التي تشكل عنصراً أساسياً في سلاح الجو الإماراتي، وتستخدم في مهام متنوعة تشمل الدفاع الجوي والهجوم الأرضي. وأكد البنتاغون أن شركتي بوينغ هليكوبتر إيركرافت وهنيويل إنجين هما المتعاقدتان الرئيسيتان في صفقة طائرات الشينوك، فيما لا توجد شركات متعاقدة محددة بعد لدعم طائرات "اف 16".
وتحمل هذه الصفقة في حال ايرامها رسميا رسالة واضحة إلى الأطراف الإقليمية والدولية مفادها أن التحالف الأميركي-الإماراتي لا يزال راسخاً، وأن واشنطن ترى في أبوظبي شريكاً أساسياً في تأمين المصالح المشتركة في المنطقة. كما أن استمرار صفقات التسلح بين الجانبين، حتى في ظل التحولات السياسية داخل الولايات المتحدة، يعكس عمق العلاقات المؤسسية والاستراتيجية بين البلدين.
من جانب آخر، تتيح هذه الصفقة للإمارات تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، سواء من التهديدات البحرية في الخليج العربي أو من محاولات زعزعة الاستقرار عبر دعم جماعات مسلحة تعمل ضد مصالح الدول الخليجية.
وتشير هذه التطورات إلى أن العلاقات العسكرية بين أبوظبي وواشنطن مرشحة لمزيد من التوسع والتعمق. كما يُتوقع أن تُترجم زيارة ترامب المحتملة إلى تفاهمات جديدة قد تشمل ملفات إقليمية مهمة مثل أمن الطاقة، استقرار البحر الأحمر، ومواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في اليمن والعراق وسوريا.
وفي المحصلة، فإن الصفقة العسكرية الحالية لا تمثل مجرد عملية شراء سلاح، بل هي جزء من استراتيجية أشمل تعكس الثقة المتبادلة بين البلدين، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي والدبلوماسي، في ظل عالم يشهد تحولات عميقة في موازين القوى.