واشنطن ولندن تتحسبان للمزيد من الهجمات الإرهابية في تونس

رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في تونس يقلل من أهمية تحذير بريطانيا لرعاياها من زيارة مناطق تونسية حدودية.

السفارة الأميركية في تونس تؤجل الاحتفال بعيد الاستقلال "لدواع أمنية"
تونس أحبطت العديد من العمليات الإرهابية
خلايا نائمة أو ذئاب منفردة تهدد أمن تونس
الإرهاب يستهدف زعزعة استقرار تونس

تونس - قررت سفارة الولايات المتحدة بتونس اليوم الأربعاء تأجيل احتفالية بمناسبة 4 يوليو/تموز "لدواع أمنية" إلى شهر سبتمبر/أيلول القادم، وفق مكتب الإعلام بالسفارة، بينما توقعت بريطانيا تعرض تونس للمزيد من الاعتداءات الإرهابية داعية رعاياها إلى تجنب السفر إلى مناطق حدودية.

ولم تحدد السفارة تفسيرا لـ"دواع أمنية"، لكن يبدو أن واشنطن ولندن تتحسبان بالفعل لوقوع اعتداءات إرهابية جديدة في تونس وان لم تعلن السفارة الأميركية ذلك صراحة على خلاف بريطانيا.

واتخذت السفارة الأميركية يوم الثلاثاء وفق المصدر قرارها بتأجيل احتفالية عيد الاستقلال إثر الهجومين اللذين نفذهما انتحاريان الخميس الماضي وقتل فيهما أمني وأصيب ثمانية أشخاص بجروح.

كما جاء القرار قبل فترة من إعلان الداخلية التونسية ليلة الثلاثاء-الأربعاء اطلاق النار على "العقل المدبر" للعمليتين الذي أقدم على تفجير نفسه بحزام ناسف في حي الانطلاقة بالعاصمة.

وكانت السفارة قد أعلنت على موقعها الالكتروني الرسمي الأحد الماضي غلق أبوابها يوم الاثنين "لدواع أمنية باستثناء الخدمات المستعجلة".

وهزّ تفجيران انتحاريان العاصمة تونس الخميس الماضي أسفرا عن مقتل عنصر أمن وإصابة ثمانية أشخاص بجروح.

ووقعت العملية الأولى في 27 يونيو/حزيران حين فجّر انتحاري نفسه قرب دورية أمنية في شارع شارل ديغول بوسط العاصمة، ما أدى إلى سقوط خمسة جرحى هم ثلاثة مدنيين وعنصرا أمن توفي أحدهما لاحقا متأثرا بجراحه، كما أعلنت وزارة الداخلية.

استنفار أمني في تونس بعد تفجيرات انتحارية
استنفار أمني في تونس بعد تفجيرات انتحارية

وبعد وقت قصير في اليوم نفسه، استهدف تفجير انتحاري ثان مركزا أمنيا في العاصمة ما أسفر عن إصابة أربعة شرطيين بجروح. وتبنّى تنظيم الدولة الإسلامية التفجيرين الانتحاريين.

وهاجم مئات من المحسوبين على التيار السلفي السفارة والمدرسة الأميركيتين في 14 سبتمبر/ايلول 2012، احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة.

وأحرق المهاجمون وخربوا بشكل جزئي مبنى السفارة والسيارات التي كانت في مرآبها، كما احرقوا ونهبوا المدرسة الأميركية. وقتلت الشرطة أربعة من المهاجمين وأصابت العشرات خلال تصديها لهم.

وتوقعت بريطانيا اليوم الأربعاء قبل إعلان السفارة الأميركية بتونس تأجيل الاحتفالات بعيد الاستقلال، تعرض تونس للمزيد من الهجمات الإرهابية بعد عمليات انتحارية متقاربة من حيث توقيتها كان آخرها يوم الثلاثاء حين فجّر انتحاري مطلوب وملاحق من السلطات الأمنية نفسه بضاحية حي الانطلاقة دون أن يسفر الهجوم عن خسائر بشرية.

وحذرت السفارة البريطانية بتونس الرعايا البريطانيين من التنقل إلي عدد المناطق الحدودية. وقالت إن هذا التحذير يأتي لأسباب أمنية.

وجاء في بيان نشر على موقعها الرسمي أنها تدعو رعاياها إلى عدم التنقل إلى عدد من المناطق الحدودية التونسية، على غرار جبل الشعانبي غربي البلاد والمنطقة العسكرية بالسلوم وسمامة والمغيلة (غرب) والمنطقة العسكرية جنوبي البلاد إضافة لإلى مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا والمناطق المجاورة لها.

وعلى الرّغم من إقرار بريطانيا بـ"بتحسن الوضع الأمني في تونس في المدن الكبرى والمنتجعات السياحيّة"، إلا أنّ السفارة توقعت احتمال حدوث هجمات إرهابية أخرى تستهدف مصالحها أو مصالح غربية أخرى.

وقوع تفجيرات انتحارية في تونس يأتي في توقيت حساس حيث أن تونس مقبلة على استحقاق انتخابي رئاسي وتشريعي، ما يفتح المشد التونسي على المزيد من الغموض

كما دعت رعاياها إلى ضرورة تجنب جميع مناطق المظاهرات وتوخي الحذر في محيط أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة.

وقال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب (حكومية) مختار بن نصر إن " أي دوْلة ترصد الوضع الأمني في تونس ومن حق أي بلد أن يحذر رعاياه خاصة وأنهم يعرفون جيدا صعوبة الوضع على الحدود."

إلا أنه استدرك مشددا على أنّ "الأمن في تونس مستتب وأن الوضع فيها ليس أخطر من آي بلد آخر".

وبشأن التحذيرات حول إمكانية وقوع هجمات أخرى أكد بن نصر أنّ "الاحتمالات تبقى قائمة ولكن التطرق إليها يتزايد بالتزامن مع الأحداث الإرهابية التي شهدتها تونس مؤخّرا، وإن ذلك لا يعني بالضرورة وقوعها فعلا".

وتابع "لو كانت لدى بريطانيا معلومات لكانت مدت الجهات المعنية بتونس بها في إطار التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب".

وسبق لبريطانيا أن أصدرت في يوليو/تموز 2015 تحذيرا لمواطنيها بعدم السفر إلى تونس وذلك عقب مقتل 30 بريطانيا في هجوم إرهابي على منتجع سياحي في محافظة سوسة يوم 26 يونيو/حزيران 2015، لتقوم يوم 26 يوليو/تموز 2017 برفع الحظر.

ومطلع السّنة الحالية، توقعت سفيرة بريطانيا في تونس لويز دي سوزا أن يتضاعف عدد السياح البريطانيين الوافدين على تونس ليصل إلى 250 ألف سائح.

ونجحت تونس في إحباط العديد من الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة وتفكيك العديد من الخلايا النائمة، ما أعاد الاستقرار للبلاد التي عانت من اعتداءات  سابقة منها تفجير انتحاري استهدف حافلة للأمن الرئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 والهجوم على مدينة بن قردان في فجر السابع من مارس اذار 2016 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 إرهابيا و13 من قوات الأمن والجيش وسبعة مدنيين.

ولايزال خطر الإرهاب يتربص بالتونسيين رغم النجاحات الأمنية ويعتقد أنه لاتزال هناك خلايا متطرفة نائمة أو ذئاب منفردة تبنت الفكر الداعشي.

وأكدت الداخلية التونسية عقب البيانين الأميركي والبريطاني، تحمّلها "المسؤولية الكاملة" في تأمين سلامة التونسيين والسياح الوافدين.

ودعا وزير الداخلية هشام الفوراتي التونسيين على هامش زيارة أجراها رفقة رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى مقر الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بمنطقة القرجاني، إلى "مزيد من الثقة في المؤسستين الأمنية والعسكريّة والمحافظة على سلوكهم اليومي".

 ولفت إلى أن "نتائج العمليات الأمنية في مكافحة الإرهاب مطمئنة وأنّه لا يوجد بلد في العالم بمنأى عن مثل هذه العمليات."

كما وصف تفجير إرهابي لنفسه مساء الثلاثاء إثر محاصرته من قبل قوات الأمن بـ"العملية اليائسة التي تدل على يأس المجموعات" الإرهابية.

وأوضح أن القضاء على العنصر الثالث التابع للمجموعة الإرهابية التي نفذت تفجيري الخميس الماضي، تم بناء على "عدّة معطيات حوله وبفضل مجهودات الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بالقرجاني مع مختلف الوحدات الأمنية".

وتابع "هذا العنصر الإرهابي كان منذ مدّة تحت الرقابة الأمنية والملاحقة وبتضييق الخناق عليه والتعاطي معه بالأسلحة، خيّر تفجير نفسه، ليكون بذلك آخر حلقة في المجموعة الإرهابية التي كانت تخطط منذ فترة لاستهداف المصالح الوطنيّة."

وفي ما يتعلق بالوضع على الحدود، أكّد الفوراتي أنّ "الوضع الإقليمي دقيق سواء على الحدود الغربية (مع الجزائر) أو الشرقية (مع ليبيا)"، مضيفا "لكن التنسيق المحكم بين المؤسستين الأمنية والعسكريّة وخاصّة على الحدود مع ليبيا وأهبة الوحدات الأمنية واستعداداتها، يقلل من إمكانية الخطر رغم الوضع الخطير."