وزير التربية السوري كبش فداء نظام يبحث عن درء شلل الاقتصاد

دوائر مقربة من نظام الأسد روجت لحملة ضد الفساد بدأت بالحجز على أموال وزير التربية وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال في سوريا.

سوريا - شكك نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا ما تداولته شبكات ومواقع موالية لنظام الأسد حول الحملة التي تخوضها الحكومة السورية ضد الفساد بعد كشف "فضيحة مالية كبيرة" داخل وزارة التربية.

وأمس الاثنين نقل موقع "روسيا اليوم" عن مصدر في وزارة المالية السورية صحة قرار الحجز الاحتياطي الذي تم تداوله، على الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير التربية السابق هزوان الوز وعدد من المسؤولين السوريين.

وتداولت مواقع ووسائل إعلام موالية للنظام في سوريا منذ نهاية الأسبوع الماضي اسم الوز في رأس قائمة تتضمن أسماء 87 آخرين ممن شملهم قرار الحجز إضافة إلى زوجاتهم في حملة قيل إنها تهدف إلى محاسبة الفاسدين في الحكومة.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن قرار الحجز جاء بناء على قضايا فساد قدرت قيمتها بـ 350 مليار ليرة سورية (حوالى 800 مليون دولار أميركي)، إضافة إلى معلومات حول تورط أحد كبار رجال الأعمال السوريين فيها.

ورغم الصدى الذي وجده القرار ورحب به البعض شكك البعض الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي في مصدره وتوقيته، حيث لا يرى عدد كبير من السوريين محاولات نظام الأسد تسويق جهوده لمحاربة الفساد في البلاد، إلا ذر رماد على أزمة اقتصادية خانقة تمر بها البلاد التي قضت الحرب معظم القطاعات فيها.

وروجت بعض الدوائر المقربة من نظام الأسد في الفترة الأخيرة إلى قرب البدء بحملة لمكافحة الفساد في البلاد ستطول شخصيات مهمة.

وتحدثت وسائل إعلام سورية عن مداخلة لرئيس مجلس الوزراء عماد خميس أثناء مداولاته مع أعضاء مجلس الشعب السوري الأحد، قال خلالها إن عددا من ملفات الفساد الكبيرة يتم تدقيها، مشيرا إلى "مفاجئة في الأسماء التي ستتم محاسبتها خلال الأيام القادمة".

وقالت مصادر سورية إن ملفات فساد كبيرة تنخر وزارة التربية السورية تتعلق بالأساس بمناقصات وتعهدات بمئات الملايين وعمليات شراء وهمية لأجهزة وترميمات مشبوهة لمراكز تطوير التعليم ولمدارس وترميم لمديريات التربية في المحافظات خلال سنوات الحرب.

وعمقت الحرب المدمرة التي شنها نظام الأسد على المدن الصناعية السورية والقوى العاملة حالة الفقر والحرمان في سوريا أدى إلى تقويض الانتصار العسكري الذي يدعيه النظام، حيث يبدو ذلك واضحاً من حالة الاستياء الظاهرة على السوريين المقيمين في الداخل، الذي يعانون من نقص الغاز والبطالة والمواد الأساسية.

نسبة الفقراء وصلت إلى 69 بالمئة منذ اندلاع الحرب في سوريا
نسبة الفقراء وصلت إلى 69 بالمئة منذ اندلاع الحرب في سوريا

وأدت الحرب إلى تضاعف نسبة السوريين الذين يعيشوا في فقر مدقع بملغ أقل من 1.90 دولار في اليوم، ازدادت نسبتهم إلى 69 بالمئة منذ اندلاع الحرب في 2011 وذلك بحسب دراسة دعمتها الأمم المتحدة.

وتخضع سوريا لضغوطات مالية هائلة، حيث أدت العقوبات الأميركية المتجددة على إيران إلى زيادة الضغط على النظام المالي الذي كان يمد نظام الأسد بالنفط عبر خط الائتمان الذي أنشأته طهران.

ونقصت ميزانية الحكومة السورية إلى النصف منذ بداية الحرب من 18 مليار دولار عام 2011 إلى 9 مليارات عام 2018.

واعتمدت عائلة الأسد تقليديا على دعم الطائفة العلوية والتي ينتمون إليها، إلا أن بشار الذي خلف والده حافظ عام 2000 حاول زيادة جاذبيته بين الصناعيين ورجال الأعمال السنة من خلال فتح الاقتصاد للاستثمار الخارجي.

واعتمد الأسد طوال سنوات الحرب على الأثرياء الموالين له لدعم الاقتصاد، خاصة شركات الحديد ورجال الأعمال، إلا أن عددا منهم وضعوا على قوائم العقوبات للإتحاد الأوروبي والأميركية.

ومع تدهور الاقتصاد استشرى الفساد بين موظفي الدولة الذين يحاولون زيادة رواتبهم القليلة.

واتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي محاولات تبييض نظام الأسد لنفسه عن طريق التضحية ببعض الأسماء المعروفة بهدف جر الموالين من الأثرياء لتمويل ودعم جهوده في مواصلة السيطرة على ما تبقى من المدن وإعادة هيكلة النظام، بما في ذلك رجال الأعمال الذين يسهلون عليه تجارة النفط والغاز.

وفي تقرير سابق لها كشفت صحيفة "فايننشال تايمز أن الطبقة المتوسطة من سوريا اختفت، حيث تعيش النخب المعزولة في دمشق بعيداً عن المناطق الفقيرة التي تنتظر طوابير الخبز المدعوم وتصارع للحصول على أسطوانة غاز.

ولفت التقرير إلى أن نظام الأسد الذي استعاد مناطق واسعة من البلاد يعمد إلى تزويد خزانته الفارغة بأموال جديدة، في وقت يقول فيه الصناعيين السوريين إنهم تحولوا لفريسة للدولة ومؤسساتها التي تحاول الحصول على أموال.
وتقول الصحيفة في تقريرها إنه مع تراجع قطاع التجارة في سوريا بسبب الحرب ظهرت أنواع جديدة من التجارة المربحة لرجال الأعمال وهي تجارة الأسلحة والمخدرات ناهيك عن الميليشيات الموالية لإيران التي أصبحت ذات نفوذ في المدن السورية.

وتواجه الشركات صعوبة في العمل في سوريا حتى بدون فرض عقوبات، بسبب البيئة التجارية الغامضة والتحديات التي لا تنتهي مثل فقدان العمالة الماهرة، والفساد المستشري في البنى التحتية، وانتشار العنف، وتوحش الهيئات الحكومية.

وتشكو الشركات من الضرائب المرتفعة على الرغم من العائد الاقتصادي الضعيف أو المعدوم. ماعدا التبرعات الإجبارية التي يجب دفعها لمنظمات غير حكومية تمارس عملها كأجهزة رسمية.