وزير الخارجية الإيراني ظريف يستقيل قبل أن "يبصقوا عليه"

استقالة مفاجئة للوزير محمد جواد ظريف مهندس الاتفاق النووي.
أعضاء من البرلمان وقعوا خطابا موجها للرئيس روحاني للمطالبة ببقاء ظريف في منصبه
الخارجية الاميركية تؤكد انها تتابع عن كثب استقالة وزير الخارجية الايراني
باريسا حافظي
دبي

أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في 2015 والذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، استقالته من منصبه فجأة يوم الاثنين على صفحته على موقع إنستغرام.

وكتب على الصفحة "أوجه جزيل شكري للشعب الإيراني الأبي الباسل والمسؤولين المحترمين لفضلهم خلال الأشهر السبعة والستين الماضية، وأعتذر من صميم القلب لعجزي عن مواصلة الخدمة ولجميع النقائص وكل أوجه القصور خلال فترة الخدمة. أتمنى لكم السعادة والشموخ".

وقال وزير الخارجية الإيراني في مقابلة نشرتها صحيفة الجمهورية الإسلامية الثلاثاء إن الصراع بين الأحزاب والفصائل في إيران له تأثير "السم القاتل" على السياسة الخارجية.

وتشير تصريحات ظريف إلى أنه ربما استقال بسبب ضغوط من عناصر محافظة عارضت دوره في التفاوض على الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى عام 2015.

وقال ظريف في المقابلة "يتعين علينا أولا أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل... السم القاتل بالنسبة للسياسة الخارجية هو أن تصبح قضية صراع أحزاب وفصائل".

وقالت وسائل إعلام إيرانية، أن الزيارة التي أجراها رئيس النظام السوري، بشار الأسد لطهران، الإثنين، كانت السبب في تقدم وزير الخارجية، محمد جواد ظريف باستقالته من منصبه.
جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإخباري الإيراني "انتخاب"، مساء الإثنين، نقلًا عن تصريحات أدلى بها ظريف لمراسل الموقع.
وقال ظريف لمراسل الموقع المذكور ردًا على زيارة الأسد لطهران "بعد الصور التي التقطت خلال مباحثات اليوم لم يعد لجواد ظريف اعتبار في العالم كوزير للخارجية".
بدورها ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية(إيسنا)، إن المباحثات التي قصدها ظريف في تصريحاته، هي اللقاء الذي جمع الإثنين، بشار الأسد بالرئيس الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي.
ووصل الأسد، طهران، الإثنين، في أول زيارة معلنة منذ اندلاع الأزمة ببلاده قبل نحو 8 سنوات، والتقى كلا من روحاني، وخامنئي.
وعبر الجانبان خلال المباحثات عن ارتياحهما "للمستوى الاستراتيجي الذي وصلت إليه العلاقات".

الاسد يلتقي خامنئي في طهران
تجاهل ظريف اثر لقاء الاسد بمسؤولين ايرانيين وراء قرار استقالته

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن عضو في البرلمان قوله إن عددا كبيرا من أعضاء البرلمان وقعوا خطابا موجها للرئيس حسن روحاني الثلاثاء للمطالبة ببقاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف في منصبه.

ولم يقبل الرئيس حسن روحاني رسميا الاستقالة التي أعلنها ظريف على إنستجرام الاثنين.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة "تتابع عن كثب" تقارير استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015.

وقالت المتحدثة "نتابع عن كثب تقارير استقالة وزير الخارجية الإيراني... ليس لدينا مزيد من التعليقات في الوقت الراهن".

ولعب ظريف دور الريادة في الاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المالية الدولية عنها.

وقد تعرض لهجوم من المحافظين المناهضين للغرب في إيران بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في مايو/أيار الماضي وأعادت فرض العقوبات على اقتصاد إيران وصناعة النفط التي تعد شريان الحياة لاقتصادها والتي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق.

ووصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تغريدة على تويتر ظريف والرئيس الإيراني حسن روحاني بأنهما "واجهتان لمافيا دينية فاسدة".

وقال "لا تغيير في سياستنا.. على النظام أن يتصرف كبلد طبيعي ويحترم شعبه".

وأكد علي رضا مير يوسفي المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة إعلان الاستقالة. وعلى الرغم من ذلك لم يُعرف بعد ما إذا كان روحاني قد قبلها.

وذكرت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية شبه الرسمية أن "بعض المصادر أكدت استقالة ظريف". وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن المتحدث باسم وزارة الخارجية أكد الاستقالة.

وفي حالة قبول الاستقالة، فإنها ستزيد من ضعف روحاني البراغماتي الذي يواجه ضغطا متصاعدا من منافسيه المحافظين بشأن أسلوب التعامل مع مشاكل إيران الاقتصادية.

ولد ظريف في 1960 وعاش في الولايات المتحدة منذ أن كان عمره 17 عاما حيث كان يدرس في سان فرانسيسكو ودنفر، ثم عمل في بعثة الأمم المتحدة بنيويورك حيث تولى منصب سفير إيران في الفترة من 2002 إلى 2007.

شغل ظريف منصب وزير الخارجية في أغسطس/آب 2013 بعدما حقق روحاني فوزا كاسحا في انتخابات الرئاسة بناء على وعود بانفتاح إيران على العالم الخارجي.

وعلى الرغم من أن روحاني هو المسؤول عن اختيار الوزراء، فإن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي له القول الفصل فيما يتعلق بتعيين كبار الوزراء بمن فيهم وزير الخارجية.

ومنذ توليه مسؤولية محادثات إيران النووية مع القوى الكبرى في أواخر 2013، استدعاه مشرعون محافظون في البرلمان عدة مرات لتقديم تفسيرات بشأن المفاوضات.

وفي فبراير/شباط 2014 أثار ضجة بتعليقات علنية أدان فيها محارق النازي واستدعي في البرلمان. وكان إنكار محارق النازي أمرا لا حياد عنه في الخطابات العامة في إيران على مدى عقود.

وبلغ الأمر ببعض المتشددين أن هددوا بإيذاء ظريف بعد توقيع الاتفاق النووي. ودعم خامنئي بحذر الاتفاق الذي وافقت فيه إيران على كبح عملها النووي الحساس.

وقال حسن عباسي، القائد السابق في الحرس الثوري، في كلمة ألقاها هذا الشهر إنه يعتقد أن الشعب الإيراني سيبصق على ظريف والمسؤولين الذين دعموا الاتفاق النووي.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عباسي قوله في مدينة كرج بوسط البلاد "فليذهب روحاني وظريف و(رئيس البرلمان علي) لاريجاني إلى الجحيم".