وساطة عمانية لإحتواء التوتر في الخليج

وزير الخارجية العماني ينقل رسالة أميركية للقيادة الإيرانية خلال زيارة غير معلنة لطهران مفادها أن واشنطن مستعدة للحرب وللحوار، بينما دعا سناتور جمهوري بارز لردّ عسكري ساحق على أي تهديد إيراني للمصالح الأميركية.
سلطنة عمان لعبت في السابق عدة أدوار وساطة شملت الأزمة اليمنية والاتفاق النووي الإيراني
سلطنة عمان احتفظت بعلاقات جيّدة مع إيران
مسقط تدخل على خط الوساطة بين طهران وواشنطن
طهران لجأت مجددا للوساطة العمانية لتجنب حرب أميركية تبدو وشيكة
ليندسي غراهام يدعو إلى ردّ عسكري ساحق على أي تهديد إيراني
الاتحاد الأوروبي يحذّر من أن الشرق الأوسط لا يتحمل المزيد من عدم الاستقرار

طهران/بروكسل - يجري وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في إيران التي وصلها في وقت سابق اليوم الاثنين في زيارة غير معلنة مباحثات مع القيادة الإيرانية تستهدف خفض التوتر المتصاعد بين طهران وواشنطن وإبلاغ الطرف الإيراني أن التهديدات الأميركية تبدو جدية.

وبحث الوزير العماني مع نظيره الإيراني جواد ظريف المستجدات الإقليمية في زيارة مفاجئة إلى طهران لم يعلن عنها مسبقا.

وأفادت الخارجية الإيرانية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، بأن الجانبين بحثا "العلاقات الثنائية وأهم مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية".

وتأتي الزيارة غير المعلنة بالتزامن مع تصاعد لهجة الخطاب الأميركي الإيراني وإعلان واشنطن إرسال حاملة الطائرات أبراهام لنكولن وقاذفات بي 52 إلى الشرق الأوسط، لوجود معلومات استخباراتية بشأن استعدادات إيرانية محتملة لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأميركية.

ولعبت سلطنة عمان في السابق دور الوسيط في أكثر من ملف من ضمنها ملف الأزمة اليمنية وقبلها الملف النووي الإيراني الذي وقعته طهران مع القوى الست الكبرى في العام 2015. كما استضافت العديد من المحادثات السرية والعلنية. وسلطنة عمان إحدى دول الخليج التي تجمعها علاقات جيّدة مع طهران رغم التوتر الخليجي الإيراني.

ويبدو أن زيارة بن علوي لطهران لا تخرج عن سياق الأدوار التي لعبتها مسقط سابقا لتهدئة التوتر ونقل رسالة أميركية لطهران مفادها بأن التهديدات الأميركية جدّية في حال تصرفت إيران بشكل يهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين.

ويرجح أيضا أن يكون الوزير العماني قد أبلغ المسؤولين الإيرانيين بأن واشنطن ماضية في تحركها العسكري إلى أبعد ما تعتقده القيادة الإيرانية، لكنها في نفس الوقت مستعدة للتفاوض وهو ما سبق أن أعلنه الرئيس الأميركي ذاته الذي راوح في تعامله مع أنشطة إيران التخريبية والمزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط بين الوعيد والاستعداد للحوار، إلا أنه ذكر أن طهران لم تتصل به وأن وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري الذي خاض مفاوضات الاتفاق النووي للعام 2015 هو من يعرقل الرغبة الإيرانية في التفاوض.

لكنه عاد اليوم الاثنين ونفى أن تكون ادارته سعت للتفاوض مع إيران، لكن ترامب دأب على اطلاق التصريح ونقيضه في استراتيجية راوح فيها بين التهديد وترك الباب مواربا للحوار.

وتذهب بعض التحليلات إلى أن طهران ربما هي من طلبت من مسقط لعب دور الوسيط في الأزمة الحالية لإخماد التوتر حيث أن لا مصلحة لأي طرف في اندلاع حرب مدمرة في المنطقة.

وأشارت فضائية العالم الإيراني إلى أن بن علوي وصل البلاد عصر الاثنين لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين في زيارة لم يعلن عنها مسبقا.

ووفق وكالة الأنباء العمانية، فإن بن علوي أجرى مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني "تركزت حول العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة وآخر المستجدات على الساحة الدولية". 

وعلى وقع زيارة بن علوي لطهران، أعلن السناتور الأميركي ليندسي غراهام المقرب من ترامب اليوم الاثنين، أن إيران مسؤولة عن الاعتداءات التي حصلت خلال الفترة الأخيرة في منطقة الخليج، دعيا إلى "رد عسكري ساحق" في حال تعرضت المصالح الأميركية للخطر.

وقال السناتور الجمهوري إنه تبلغ هذه المعلومات من مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون بولتون المعروف بمواقفه المتشددة ونزعته نحو الحلول العسكرية.

وكتب غراهام في تغريدة على تويتر "من الواضح أن إيران هاجمت أنابيب نفط وسفنا لدول أخرى، وهي المسؤولة عن هذا الكم من التهديدات ضد مصالح أميركية في العراق".

وتابع "في حال تحولت التهديدات الإيرانية ضد أشخاص أميركيين أو ضد مصالح أميركية إلى أفعال، لا بد من أن يكون لنا رد عسكري ساحق".

وكانت السعودية اتهمت إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف محطتي ضخ للنفط في شرق المملكة بواسطة طائرات مسيرة وجهها الحوثيون.

كما جاء هذا الهجوم في أعقاب "أعمال تخريب" أخرى لم يتبن مسؤوليتها أي طرف استهدفت ناقلات نفط في مياه الخليج.

ولم توجه الولايات المتحدة رسميا أصابع الاتهام إلى إيران لكنها سبق وأن اتهمت طهران مرارا بالعمل على تدبير اعتداءات خاصة عبر التنظيمات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط.

والأحد، قال وزير الدولة لشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، إن بلاده لا تريد حربا مع إيران، ولكنها سترد بقوة وحزم على أي تهديد.

كما أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده للحوار مع إيران، لكنه أبقى الضغوط على أشدها ما يظهر أنه مستعد للذهاب إلى أقصى ما هو ممكن لكبح أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وأكد الاتحاد الأوروبي الاثنين كذلك أن منطقة الشرق الأوسط "لا تتحمل المزيد من عدم الاستقرار".

وجاء ذلك على لسان المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مايا كوسيانسيتش تعليقا على تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

وقالت كوسيانسيتش في مؤتمر صحفي "ينبغي الابتعاد عن أي شيء يبعث على تصاعد حدة التوتر ويجب بذل المزيد من الجهود لتجنب أي نوع من الاستفزاز".

والأحد قال ترامب في تغريدة على تويتر "إذا أرادت إيران الحرب فستكون تلك نهايتها رسميا.. لا تهددوا أميركا مجددا".

وتصاعد التوتر بين البلدين منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم في 2015، قبل فرضها عقوبات مشددة على طهران.

قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي إن الولايات المتحدة في انتظار تواصل إيران، لكنها لم تصلها منها أي رسائل بعد تشير لاستعدادها قبول مقترحات ترامب بعقد محادثات مباشرة، مضيفا لمجموعة صغيرة من الصحفيين "نعتقد أن علينا أن نخفض التصعيد والدخول في مفاوضات".

وتفسر هذه التصريحات سبب تهدئة واشنطن للهجة التصعيد العسكري تجاه إيران مع إبقاء الضغوط على أشدها لكبح أنشطة طهران التي تستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة.

واشنطن دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة للخليج كأنها في حالة حرب معلنة
واشنطن دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة للخليج كأنها في حالة حرب معلنة

وأعطت التحركات العسكرية الأميركية الأخيرة الانطباع بأن الولايات المتحدة تعد بالفعل لمواجهة عسكرية مع إيران أقلها  قصفا جراحيا لمنشآت إيرانية.

لكن اللهجة الأميركية الحادة التي ترافقت مع إرسال تعزيزات عسكرية لمنطقة الخليج بينها حاملة طائرات وقاذفات بي 52 وصواريخ باتريوت، خفتت قليلا مع إشارات أطلقها ترامب ومسؤولون في إدارته حول حوار ممكن مع طهران.

وأبقى الرئيس الأميركي الباب مواربا للتفاوض مع إيران حول اتفاق جديد بعد أن انسحب في مايو/ايار من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015.

واعتمد ترامب هذا التكتيك مع كوريا الشمالية حيث صعّد ضدّها إلى درجة التهديد بمحو بيونغيانغ من الخارطة ثم خفف تدريجيا من تهديداته وصولا إلى فتح باب الحوار مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون وهو ما تم بالفعل وان تعثرت المفاوضات وسط خلافات بين الطرفين حول نزع الأسلحة النووية.

ويبدو أن الرئيس الأميركي يسعى لاستنساخ تجربة التفاوض مع كوريا الشمالية لتطبيقها مع إيران رغم الاختلافات بين الملفين.

والخميس، قال ترامب ردا على سؤال ما إذا كانت الحرب ستندلع مع إيران "لا آمل في ذلك"، بينما قال شركاء الولايات المتحدة في العراق الأسبوع الماضي، إنّ مستوى التهديد لم يرتفع بشكل كبير أخيرا، فيما طالب نواب في الكونغرس بالاطلاع على المعلومات التي تستند إليها إدارة ترامب ودفعتها إلى تصعيد التوتر مع طهران.