وضع الاقتصاد يفقد التونسيين نكهة العيد

المواطن التونسي يحاول إيجاد ضالته بين المحلات والأسواق عله يجد ملابس أو أحذية لأبنائه تتناسب مع مقدرته الشرائية.

تونس - لم تكن الحركة كالمعتاد قبيل أيام من حلول عيد الفطر في تونس، أسواق تعج بالزبائن توفرت فيها كل السلع من ملابس وأحذية وألعاب، وكل ما يحلو للأطفال ويزيد فرحتهم بالعيد، إلا أن الإقبال بدا "باهتا".

يخرج غالبية من يدخلون المحال التجارية وأيديهم فارغة، أي لا عمليات شراء، وسط ارتفاع في التضخم منذ العام الماضي الذي استنزف جيوب المواطنين.

وألقت الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم التي بلغت في آذار/مارس الماضي 10.3 في المئة بظلالها على وضع الأسواق المحلية مما انعكس على جيوب المستهلكين.

ويحاول المواطن التونسي إيجاد ضالته بين المحلات والأسواق، عله يجد ملابس أو أحذية لابنه أو ابنته تتناسب مع مقدرته الشرائية، إلا أن الوضع الاقتصادي أرهق الكثيرين.

وأكدت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك (مستقلة)، الأسبوع الماضي، أن معدل تكلفة ملابس عيد الفطر لطفل يبلغ 6 سنوات تتراوح بين 300 و350 دينارا (98.7 و115 دولار)، علما أن الحد الأدنى للأجور في تونس لا يتجاوز 133 دولارا.

وبذلك، تكون أسعار الملابس قد شهدت قفزة كبرى مقارنة بالسنوات الماضية، مسجلة ارتفاعا بحوالي 20 أو 25 في المئة رغم أن جودتها متوسطة وليست عالية.

وتعتبر المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك أنه لم يعد ممكنا تحديد المعايير بدقة لضبط متوسط الدخل للمواطن التونسي في ظل انفلات الأسعار الذي اجتاح أيضا قطاعات أخرى بخلاف المواد الاستهلاكية، مثل النقل والمحروقات والإنترنت والإيجار والطاقة.

زهور بن سعيد أم لثلاثة أطفال قامت بجولة في عدد من محلات الملابس، إلا أنها لم تقتن شيئا.

وتقول بشيء من الحسرة والتذمر "لم تعد هناك نكهة للعيد هذه السنة، قمت بجولة إلا أنني عجزت أمام الارتفاع الكبير للأسعار، ولم أتمكن من شراء ولو قطعة واحدة لأبنائي"، مضيفة "القميص الأقل سعرا يصل إلى 80 و90 دينارا (25.52 و28.71 دولارا أميركيا) والحذاء يتجاوز 70 (22.33 دولارا) رغم الجودة المتوسطة، وأنا لدي 3 أبناء، إلى جانب متطلبات الحياة وتكاليف العيش وغيرها، لذلك سأعود إلى المنزل اليوم دون شراء شيء".

ويشاطر سامي الخذيري، زهور، الرأي مؤكدا "حركة الأسواق هذه الأيام ليست كالعادة، الإقبال باهت نتيجة ارتفاع أسعار الملابس وكل مستلزمات العيد مقابل ظروف صعبة للتونسيين".

ويتابع "أنا عامل بسيط أجمع قوت يومي بصعوبة، تجولت قليلا وسط الأسواق لكنني لم أقتن شيئا فالأسعار باهظة للغاية.. سأنتظر قليلا لعلي أجد ما يتناسب وقدرتي الشرائية مع اقتراب العيد".

ويرى منير بن عزالدين أن "التونسي لا يتخلى عن فرحة العيد مهما صعبت ظروفه المادية، وأنه يقدس هذه المناسبات الدينية ويخصص لها ميزانية رغم كل شيء"، ناصحا الكثيرين "بارتداء ملابس العيد الماضي في حال عدم القدرة على اقتناء ملابس جديدة"، وهو ما سيقوم به وأبناؤه، قائلا "يجب على التونسي أن يقتصد قليلا ويرشد استهلاكه كل وفق وضعه المادي".

ولفت إلى "وجود عدد من التجار ممن يستغلون مثل هذه المناسبات للترفيع في الأسعار"، داعيا إلى "مراقبتهم"، مضيفا "ما نعيشه اليوم هو ظرف عالمي لا يقتصر على تونس فقط ويجب أن نتأقلم معه في انتظار حلول".

ولا يقتصر غلاء الأسعار على الملابس والأحذية، و"إنما يطال الحلويات أيضا التي أصبحت أثمانها شبه خيالية"، وفقا لمنير بن عزالدين، معتبرا أن "أحد أسباب ذلك يعود بالأساس إلى فقدان بعض المواد الأساسية من السوق".

ووفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في مارس /آذار 15.7 في المئة وذلك بسبب ارتفاع أسعار لحم الضأن 34.2 في المئة والبيض 31.3 في المئة والدواجن 23.8 في المئة والزيوت الغذائية 23.7 في المئة ولحم البقر 21.8 في المئة.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية الأوكرانية.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قال محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إن تقديرات البنك تؤشر لارتفاع التضخم في 2023 إلى 11 في المئة صعودا من 8.3 في المئة في 2022.