وقف المشروع النووي الإيراني ضمن أولويات زيارة نتنياهو الى واشنطن
القدس – أفادت وسائل إعلام عبرية أن الملف النووي الإيراني سيكون على قائمة أولويات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقد يطلب الحصول على ضمانات تمهد الطريق أمام تنفيذ هجوم إسرائيلي محتمل ضد إيران، في حال رصدت تل أبيب تصعيدا في الملف النووي الإيراني أو في أنشطة تطوير الصواريخ.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه من المتوقع أن يطلب نتنياهو هذه الضمانات بصيغة رسمية، قد تكون في شكل رسالة مكتوبة من الجانب الأميركي، تتيح لإسرائيل هامش تحرك أوسع في مواجهة ما تعتبره تهديدا من جانب طهران.
وكان نتنياهو قد أكد قبيل مغادرته إلى العاصمة الأميركية واشنطن للقاء ترامب أن بلاده ستواجه محاولات إيران للحصول على سلاح نووي.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت المرافق النووية الإيرانية، والهدنة التي أعقبتها، ما يجعل منها فرصة حاسمة للزعيمين من أجل الانتقال من العمل العسكري إلى بلورة نتائج سياسية ملموسة، والاستفادة من حالة الضعف غير المسبوقة التي تمر بها إيران لتعزيز المصالح الأميركية.
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط أعه الباحثان دانا سترول وروبرت ساتلوف فإن البند الأكثر إلحاحاً على جدول أعمال اللقاء هو استكمال التعامل مع الملف الإيراني. فالهدنة التي فرضها ترامب بين إيران وإسرائيل لا تزال هشّة ومهددة بالانهيار، في ظل غياب الوضوح بشأن تعريف الانتهاكات وآليات تنفيذ الاتفاق.
والأهم من ذلك بحسب التقرير، أن الهدنة لم تقدّم حلاً دائماً للمشكلات المستمرة التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني، رغم ما لحق به من أضرار جسيمة، ولا لطموح طهران المتجدد نحو امتلاك قدرة نووية عسكرية، ولا لقرارها تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وحتى الآن، تردّد ترامب في تبنّي مسار دبلوماسي مكمّل للعمل العسكري، يؤكد من خلاله أن إيران لن تعيد بناء منشآتها النووية "المدمّرة". كما أرسل إشارات متضاربة حول ما إذا كانت سياسة "الضغط الأقصى" ستُطبّق على صادرات النفط الإيراني، ما زاد من الغموض.
في المقابل، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، نهج بلاده تجاه إيران بـ"الاحتواء العدواني"، مشيراً إلى احتمال تطبيق نفس النموذج الذي اتبعته إسرائيل مع حزب الله، أي استخدام القوة العسكرية فور رصد أي نشاط مشبوه أو تهديد. لكن في غياب "قواعد واضحة للاشتباك"، فإن هذا النهج قد يصطدم مع أولويات ترامب التي تركز على خفض التصعيد.
أما البند الثاني على جدول الأعمال، فهو النزاع المتفاقم في غزة. الإنجازات العسكرية ضد شبكة وكلاء إيران ، وبرنامج الصواريخ، والمرافق النووية، فبدون تقدم حقيقي على مسار غزة، سيصعب تعزيز اندماج إسرائيل في المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بخطوات التطبيع مع السعودية.
ولم يُمارس ترامب ضغوطاً علنية على نتنياهو لإنهاء العمليات في غزة أو لتغيير النهج القائم هناك. بل على العكس، قدم له دعماً سياسياً وعملياً واسعاً منذ بداية ولايته الثانية، إذ تجنّب انتقاد قرار إسرائيل تعليق المساعدات الغذائية والطبية لأشهر، وموّل مؤسسة غزة الإنسانية بمبلغ 30 مليون دولار كقناة بديلة لتوصيل المساعدات، وسرّع من عمليات بيع وتسليم المعدات العسكرية. كما امتنع عن الضغط على إسرائيل في ما يتعلق بسياساتها في الضفة الغربية، والتي يمكن أن تعرقل جهود التطبيع، مثل التهديدات بضم أجزاء من الإقليم علناً.
وستكون العلاقة الأميركية– الإسرائيلية ذاتها بنداً رئيسياً آخر في اللقاء. فقرار ترامب الانضمام إلى الحملة الإسرائيلية وقصف المواقع النووية الإيرانية – وهو الخيار الذي فضّلته إسرائيل على خططها لمعالجة الأهداف الأكثر تحصيناً – شكّل نقطة تحول تاريخية في العلاقة الثنائية، التي تشهد تغيراً سريعاً منذ أن أُلحقت إسرائيل بمنطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية عام 2021، وخاصة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وخلال العامين الماضيين، طرأ تحوّل دراماتيكي على العقيدة الأمنية طويلة الأمد لإسرائيل، التي كانت سابقاً تقبل بالدعم الأميركي لكنها تُصرّ على مبدأ "الدفاع عن النفس بالنفس". أما اليوم، فقد أصبحت إسرائيل تعتمد على تحالف تقوده الولايات المتحدة، سواء لصد هجمات إيران بالصواريخ والطائرات المسيّرة في أبريل/نيسان/ 2024، أو عبر العمل المشترك في تحالف هجومي لتحقيق الهدف المشترك: إلحاق ضرر بالغ بالبرنامج النووي الإيراني.
ومع تسارع التغيّرات في العلاقة الثنائية، وتطور قدرات الشركاء الإقليميين، والانهيار الواسع الذي لحق بالخصم المشترك (إيران) سيكون من الضروري أن يبدأ الزعيمان نقاشاً جاداً حول كيفية تطوّر الدعم الأميركي لإسرائيل بما يعكس هذا الواقع الجديد، بما في ذلك نقاشات ذات أولوية عالية حول تجديد مخزون اعتراضات الصواريخ الإسرائيلية المضادة وأنظمة الدفاع الجوي.
ونظراً لأن إيران وشبكة وكلائها الإقليمية وصلت إلى لحظة من أقصى درجات الضعف، فقد حان الوقت الآن للولايات المتحدة للضغط على ميزتها وتأمين إنجازات دبلوماسية تعكس هذا الخلل في القوة. ويمكن للرئيس ترامب أن يبدأ هذه العملية بالحصول على موافقة نتنياهو على مسار مشترك إلى الأمام بشأن الأولويات الإقليمية العليا. وتشمل صياغة الرؤية الأميركية لاتفاق دبلوماسي مع إيران.
وفي إطار مثل هذا الاتفاق، يجب أن تطلب من طهران تأكيد أن أي برنامج نووي متبقٍ هو لأغراض سلمية فقط من خلال التخلي عن التخصيب، وإرسال أي يورانيوم مخصب متبقٍ خارج البلاد، والموافقة على عمليات تفتيش دولية تدخلية. ويجب على الولايات المتحدة أيضاً أن تضغط من أجل قيود على إنتاج وتصدير إيران للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والمكونات ذات الصلة، من بين قيود أخرى.