وكالة الطاقة الذرية تفتح صفحة جديدة من التعاون مع دمشق

هدف الوكالة في سوريا هو توضيح بعض الأنشطة التي جرت في الماضي، والتي تعتقد الوكالة أنها ربما كانت مرتبطة بالأسلحة النووية.

دمشق - أعلن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي، عن انفراجة في التعاون مع سوريا، وذلك عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع الأسبوع الماضي والمضي بخطوات تمثل انطلاقة جديدة في مسار التعاون النووي السلمي بين الوكالة وسوريا، وتفتح الباب أمام مرحلة أكثر انفتاحاً وتقدماً في العلاقة بين الجانبين.

وأوضح غروسي، خلال مؤتمر صحفي الإثنين، أن الوكالة حصلت على وصول فوري وغير مقيّد إلى المواقع المرتبطة بتوضيح الأنشطة النووية السابقة في سوريا، وهو ما اعتبره خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية وبناء الثقة المتبادلة.

ويعتزم المفتشون العودة إلى مفاعل الكُبر في دير الزور، بالإضافة إلى ثلاثة مواقع أخرى ذات صلة، وتشمل مواقع خاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي: مفاعل نيوتروني مصغر في العاصمة دمشق، ومنشأة لمعالجة اليورانيوم الأصفر في حمص.

وتحاول الوكالة تضييق نطاق التركيز على تلك الأمور أو تلك التي قد تكون موضع اهتمام حقيقي، بحسب غروسي الذي أضاف أنه "على الرغم من عدم وجود مؤشرات على وجود انبعاثات إشعاعية من المواقع، فإن الوكالة تشعر بالقلق من أن اليورانيوم المخصب قد يكون موجوداً في مكان ما ويمكن إعادة استخدامه أو تهريبه أو الاتجار به.

وبيّن مدير الوكالة أن اللقاء مع الشرع أثمر عن توقيع اتفاقيات جديدة ضمن مبادرتي "الذرة من أجل الغذاء" و"أشعة الأمل"، مضيفاً أن هذه الاتفاقيات ستُسهم في تعزيز التعاون التقني والإنساني بين الطرفين.

وكان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد التقى الرئيس السوري في العاصمة دمشق، ووقّع مع وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، مذكرة تفاهم في مجالي أمن الغذاء ومكافحة السرطان، من خلال مبادرتي "الذرة من أجل الغذاء" و"أشعة الأمل" التابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ولم تتطرق الوزارة ولا الوكالة إلى فحوى اللقاء بين الشرع وغروسي، لكنه جاء ضمن انفتاح الإدارة السورية الجديدة على مختلف أطياف المجتمع الدولي، وتعزيز حضور دمشق.

وقال غروسي الاثنين إن الرئيس السوري "أبدى اهتمامه بالحصول على الطاقة النووية لسوريا في المستقبل"، متسائلاً "لماذا لا؟"، مضيفاً أن الرئيس السوري "أظهر ميلاً إيجابياً للغاية للتحدث معنا والسماح لنا بتنفيذ الأنشطة التي نحتاج إليها".

وفي تصريحات لوكالة "أسوشيتد برس" من دمشق، قال غروسي إن هدف الوكالة في سوريا هو "توضيح بعض الأنشطة التي جرت في الماضي، والتي تعتقد الوكالة أنها ربما كانت مرتبطة بالأسلحة النووية"، واصفاً الحكومة السورية.

وزار غروسي دمشق في مارس/آذار 2024 للقاء الأسد، تلبية لدعوة من السلطات السورية "للتحقق من المواد والمنشآت النووية" والتأكد من تنفيذ الأنشطة النووية المشروعة بطريقة سلمية، لكن يبدو أن الخطوة لم تتبع بخطوات عملية قبل سقوط النظام.

وأعرب مدير وكالة الطاقة الذرية عن أمله في الانتهاء من عملية التفتيش في المواقع النووية السابقة المشتبه بها في سوريا خلال أشهر.

ويُعتقد أن سوريا، في عهد نظام الرئيس السابق بشار الأسد، كانت تدير برنامجًا نوويًا سريًا واسع النطاق، بما في ذلك مفاعل نووي غير معلن تبنته كوريا الشمالية في محافظة دير الزور. ووصفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المفاعل بأنه "غير مصمم لإنتاج الكهرباء"، ما أثار المخاوف من أن دمشق تسعى للحصول على سلاح نووي هناك، عبر إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة.

تم الكشف عن موقع المفاعل بعد غارات جوية إسرائيلية عام 2007 أدت إلى تدمير المنشأة، ليعود النظام السابق بتسوية الموقع بالأرض، بحسب الوكالة.

وكانت آخر زيارة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى سوريا في العام 2011، حيث كانت الوكالة تسعى إلى إحياء تحقيق متوقف بشأن نشاط في موقع الكبر النووي في دير الزور شرقي سوريا.