ولادة 'جمهورية' القبائل خطوة رمزية تُؤرق الجزائر قبل انتخابات الرئاسة

إعلان زعيم الماك عن ولادة جمهورية القبائل من نيويورك خطوة تشكل في توقيتها صداعا متجددا للنواة الصلبة للنظام الجزائري.

نيويورك - أعلن زعيم الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل بالجزائر (الماك) فرحات مهني من أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس السبت ولادة دولة القبائل، في خطوة تبدو رمزية ومحدودة في تأثيرها، لكنها قد تشكل ضغطا على النظام الجزائري الذي يواجه ملفات داخلية مؤرقة قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية التي لم تتضح معالمها بعد.

و'الماك' وهو الاسم المختصر للحركة التي يقودها مهني مصنفة من قبل السلطات الجزائرية "جماعة إرهابية".

وأسس مهني في عام 2002 حركة تقرير مصير منطقة القبائل في باريس من أجل انفصال منطقة القبائل عن الدولة الجزائرية، ثم شكل لاحقا حكومة منفى مؤقتة بفرنسا ونصب نفسه رئيس دولة وقال مرارا إنه لا يعتبر نفسه جزائريا، مما دفع الجزائر لسحب الجنسية منه. وملف 'الماك' واحد من الملفات الخلافية التي ترخي بظلالها على العلاقات بين المستعمرة الفرنسية السابقة وباريس.

وتقاوم الجزائر النزعة الانفصالية التي برزت خاصة في العام 2011 مع ما موجة الثورات التي شهدتها دول عربية وكانت بدايتها في الجارة تونس  الجزائريون بالربيع الأسود ويطلق عليه عموما في العالم "الربيع العربي"، لكن الحركة متأصلة في الوجود حركيا وتنظيميا وتعمل منذ عقود على تقرير المصير.

وتقول إنها تُمثل أقلية الأمازيغ في الجزائر وتتهم النظام الجزائري بتهميش هذه الأقلية وانتهاك حقوقها وترى الخلاص من هذا الوضع في الانفصال وتأسيس كيان مستقل في منطقة القبائل.

وفي مفارقة لافتة تدعم الجزائر جبهة بوليساريو الانفصالية التي تطالب بتقرير المصير في الصحراء المغربية، بينما ترفض الطرح الانفصالي في منطقة القبائل الذي تقوده حركة 'الماك'.

ويعتبر النظام الجزائري بوليساريو حركة نضال وطني بينما يصنف حركة 'الماك' تنظيما إرهابيا مع أنه لا فرق بين الحركتين فكلاهما ترفعان شعار الانفصال وتقرير المصير، وهو ما يبرز الأجندة السياسية الجزائرية المعادية لوحدة المغرب الترابية.

وبالمنطق السياسي والأخلاقي يفترض أن رفض الجزائر للنزعة الانفصالية التي تهدد وحدتها الترابية وسيادتها، ينطبق أيضا على رفض بوليساريو كجبهة انفصالية والتوقف عن دعمها، لكن السلطة الجزائرية تعتمد خطابا مزدوجا في هذه القضية: تدعم بوليساريو وتقاوم 'الماك'، تؤيد انفصال الصحراء عن المغرب وترفض انفصال منطقة القبائل عن الجزائر.

والإعلان عن ولادة دولة القبائل قد يشكل في توقيته، خطوة مقلقة بالنسبة للجزائر وصداعا يؤرق النواة الصلبة للنظام (النظام الذي يديره الجنرالات) قبل الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل فيه الأمازيغ خزانا انتخابيا مهما.

واختار مهني تاريخ 20 أبريل/نيسان ونيويورك حيث مقر الأمم المتحدة، للاعلان عن ولادة دولة القبائل في محاولة للفت الانتباه من جهة للحراك الذي يقوده منذ عقود وأيضا لإبراز قضية الأمازيغ في الجزائر من جهة أخرى.

ولم تظهر حتى الآن في منطقة القبائل مؤشرات على مقاطعة الانتخابات الرئاسية، لكن الوضع متوتر منذ سنوات في هذه المنطقة التي تحاول السلطة احتواءها.

وعلى اثر إعلان مهني ولادة الدولة القبائلية أمس السبت، فرضت السلطات الجزائرية إجراءات أمنية وقيودا في منطقة القبائل خاصة في شوارع مدن بجاية و تيزي وزو، تحسبا لأي تفاعل مع إعلان ولادة دولة القبائل، بينما ترددت معلومات غير مؤكدة عن انتشار صور لفرحات مهني وأعلام لجمهورية القبائل المفترضة.  

وتتهم الجزائر حركة الماك بالوقوف وراء حرائق تيزي وزو التي أتت في العام الماضي على عشرات آلاف الهكتارات من الغابات والمناطق الزراعية.

كما أصدرت السلطات أحكاما مغلظة على العشرات ممن اتهمتهم بالتورط في إشعال تلك الحرائق وقتل مواطن يدعى جمال بن إسماعيل والتنكيل بجثته جاء من بجاية تطوعا للمساعدة في إخماد الحرائق.

وأشارت حينها إلى أن عملية قتله وإضرام النار في جسده وهو حي والتنكيل بجثته كان بغاية إشعال الفتنة وتأجيج التوترات المرافقة للحرائق، مؤكدة اعتراف موقوفين بعملهم لصالح حركة الماك وبإقرار آخرين بأنهم ينتمون لها.