ولي العهد السعودي والرئيس المصري يبحثان جهود إنهاء أزمات المنطقة

الزعيمان اتفقا على مواصلة تدعيم العمل العربي المشترك وتسوية أزمات المنطقة كما بحثا كيفية تعزيز آليات التعاون المشترك ودفعها إلى آفاق أرحب خلال لقاء ودي على هامش قمة باريس المالية.

باريس - توافق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الجمعة، على تعزيز الجهود المشتركة لإنهاء الأزمات بالمنطقة، وذلك في لقاء ودي جمعهما بالعاصمة الفرنسية باريس، على هامش قمة باريس المالية التي دارت أعمالها الخميس والجمعة.

وتضطلع الرياض والقاهرة بدور قيادي ومسؤول حيال قضايا العالم العربي، بدءا من القضية الفلسطينية مرورا بملف الحرب على الإرهاب والتطرف وتجفيف منابعه وحماية الشعوب العربية.

وقال بيان نشره متحدث الرئاسة المصرية أحمد فهمي، عبر حسابه الرسمي على فيسبوك عقد السيسي "لقاء وديا" مع الأمير محمد بن سلمان، في باريس.

وأضاف "أكد الزعيمان قوة ورسوخ العلاقات المصرية السعودية، والاعتزاز بما يربط الشعبين الشقيقين من أواصر المودة والتقارب".

ولفت المتحدث المصري إلى أن الجانبين "بحثا كيفية تعزيز آليات التعاون المشترك ودفعها إلى آفاق أرحب، وناقشا العديد من الملفات العربية والإقليمية والدولية".

كما "توافقا حول مواصلة جهودهما المكثفة لتدعيم العمل العربي المشترك والمساهمة في تسوية الأزمات وتوطيد أركان الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة بما يحقق مصالح شعوبها ويصون مقدراتها"، وفق المصدر ذاته.

وتدعم القاهرة جهود الرياض لإحلال السلام في اليمن وترفض الانتهاكات والهجمات التي ينفذها الحوثيون على أراضي المملكة عبر الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.

وفي المقابل تدعم الرياض القاهرة في عدد من الملفات خاصة أزمة سد النهضة الاثيوبي وتعمل على تطوير التعاون الاقتصادي مع الحكومة المصرية.

كما يتوافق الجانبان على ضرورة مكافحة الإرهاب ومناهضة تنظيم الإخوان الذي يتحمل جزء كبيرا من الفوضى والانقسامات التي مرت بها المنطقة.

ولعبت كل من مصر والسعودية دورا هاما في ترميم البيت الخليجي والعربي عبر تكريس المصالحة مع قطر ومحاولة قطع الطريق امام عدد من القوى الاقليمية لاستغلال الملف لتكريس الانقسامات العربية.

ونشرت مواقع سعودية صورة تجمع الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي، دون صدور بيان رسمي سعودي بشأن اللقاء.

قال الإعلامي عمرو أديب، إنّ لقاء الرئيس السيسي، وولي العهد السعودي في باريس، يبعث برسالة طمأنة كبيرة في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة.

وأضاف خلال برنامجه "الحكاية" عبر شاشة "أم بي سي مصر"، مساء الجمعة، أن العلاقة التاريخية التي تجمع بين السعودية مهمة للغاية للبلدين، مشددًا أن العلاقات المصرية السعودية في الوقت الراهن تمر بأقوى مراحلها، إذ تبنى على مصالح واضحة ومشتركة في المنطقة.

وعبر "أديب" عن شعوره بالاطمئنان بعدما رأى صورة الرئيس السيسي مع ولي العهد السعودي، مشيرا إلى أنّ القوى الإقليمية في المنطقة تحاول جذب أي نفوذ.

وأوضح أن هذه المنطقة تحتاج إلى علاقات وتفاهمات، مشيرا إلى أن المملكة تعرف قيمة الاستقرار في مصر، ومصر تعرف قيمة السعودية إقليميا وعالميًا.

وشارك ولي العهد السعودي والرئيس المصري في قمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" التي عقدت في باريس، على مدى يومي الخميس والجمعة.

وناقشت القمة التي شارك فيها أكثر من 300 رئيس دولة وحكومة، وممثلو منظمات دولية، "وضع أسس لنظام مالي جديد بغية التصدي لتحديات القرن الـ21 الجديدة المتمثلة في مكافحة عدم المساواة وتغيّر المناخ".

وفي بريل الماضي، زار الرئيس المصري المملكة العربية السعودية، بينما تواصل القاهرة سعيها للحصول على مساعدات لتخفيف الضغط على الجنيه ودعم الاقتصاد المتعثر.

وأتت هذه الزيارة أيضا وسط إعادة ترتيب كبير للعلاقات الدبلوماسية بين دول المنطقة، مع تحركات من السعودية ومصر لتخفيف حدة التوتر مع سوريا وإيران وتركيا.

ودأبت السعودية على دعم مصر ماليا، لكنها أشارت في الآونة الأخيرة إلى أنها لن تقدم مثل هذا الدعم دون قيود، وهو ما يعتقد مراقبون أنه ربما أثار صداما إعلاميا نادرا بين البلدين.

وهبّت السعودية وحلفاؤها الخليجيون مرارا لمساعدة لمصر منذ أن قاد السيسي الإطاحة بمحمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين قبل عشر سنوات.

وأودعت السعودية والإمارات وقطر ودائع في البنك المركزي المصري وتعهدت بضخ استثمارات كبيرة بعد أن كشفت الحرب في أوكرانيا المصاعب المالية التي تواجهها مصر وزادتها حدة.

لكن هذه الاستثمارات شهدت تباطؤا، مما زاد من الضغوط على الجنيه في الأشهر القليلة الماضية رغم أنه فقد ما يقرب من نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس 2022.

وأودعت الرياض في العام 2021 وديعة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في البنك المركزي المصري، كما وقع الجانبان السعودي والمصري اتفاقية تهدف إلى جذب استثمارات سعودية بمصر بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار.

ووقعت مصر خطة إنقاذ حجمها ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر استهدفت ضخ استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها 9.7 مليار دولار في السنة المالية التي ستنتهي في يونيو المقبل.

وأعلنت السعودية في نوفمبر عن تمديد أجل وديعة مالية لها لدى البنك المركزي المصري بقيمة إجمالية تبلغ 5 مليارات دولار أميركي في محاولة لدعم الاستقرار المالي وفي إطار مساع مصرية لتعزيز النقد الأجنبي في السوق.

وقالت وزارة المالية السعودية في وقت سابق "هناك تواصل مستمر بين الجهات المعنية في البلدين من أجل تعزيز التنسيق وفق آليات متنوعة، خصوصا فيما يتعلق بضخ استثمارات عديدة في السوق المصرية بالعملات الأجنبية إضافة إلى الودائع السعودية".

وتعوّل القاهرة على الدعم الخليجي لإنعاش اقتصادها المتعثر ويعتزم الخليجيون الاعتماد على الاستثمارات كسبيل وحيد للدعم عوضا عن المساعدات، ما سيمنحهم الأولوية في عملية الاستحواذ.

ويأتى على رأس المستحوذين صندوق الثروة السيادية في أبوظبي (القابضة أيه دي كيو) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي اللذان أبرما 40 صفقة تقدّر بنحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص في عدد من أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية، بحسب تقرير لـ"أنتربرايز".