يوم الطالب.. الحركة الطلابية الإيرانية

من أجل الوصول للديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية لا يمكن إيجاد فرق بين أهداف طلاب ستينات القرن الماضي مع طلاب العقد الثاني من القرن الحالي فالطالب والجامعة في حالة فقدان الحرية والعدالة الاجتماعية في صراع مستمر مع السلطة السياسية.

بقلم: عبد المجيد محمد

يتم الاحتفاء بيوم 7 ديسمبر كيوم للطالب في إيران كل عام. والجامعة في إيران منذ بداية عمرها البالغ 84 عامًا وتأسيس جامعة طهران وحتى الآن لعبت بشكل مستمر دورا سياسيا واجتماعيا فريدا في تاريخ إيران المعاصر.

هناك عدد هائل من الملفات والكتب في المكاتب والصحف ووسائل الإعلام الإيرانية تشير إلى ذلك. ولكن السؤال هو ماهي الرسالة السياسية والتاريخية للطلاب والجامعات في إيران؟ وخاصة بعد مضي أربعة عقود من حكم سلطة النظام الرجعي الاستبدادي المتخلف المغطى بالدين فيتوجب علينا التطرق لمسألة الطلاب والجامعة في إيران بشكل عميق وأكبر.

بالطبع في مجتمع متحضر ومتقدم يحتوي على بنية ديمقراطية فإن عمل الطلاب وتركيز تفكيرهم لا يجب أن يكون المراقب للبنية السياسية وكيفية قيادتها. ولكن في إيران فالوضع مختلف تماما فالإيرانيون هم في قلب واقع سياسي قاس، ولا سيما في الأربعين سنة الماضية. الظاهرة المسماة (السلطة الرجعية والاستبدادية) واستمرار ديكتاتوريتين متتاليتين كأمر واقع قد تم فرضه على الإيرانيين.

وفي تاريخ إيران لطالما ارتبطت كلمة الطالب بمترادفات مثل «حراس الحرية والعدالة الاجتماعية» والنضال من أجل تحقيقها. لأن المجتمع الإيراني كان يعاني من نظم مستبدة ومهيمنة فرضت نفسها على روح ثقافة وحياة وكيان الشعب.

لهذا السبب صرف الطلاب في إيران جل همهم للتصدي لهذا الوحش وعدم الاستسلام للسلطة والقمع بدلا من كسب العلم والتعلم وبذلك يكونون قد حددوا رسالتهم الأساسية وتعهدوا بها ألا وهي الانتفاضة من أجل الحرية وهكذا تحولت الجامعة في إيران إلى مكان يتمركز فيه التاريخ والحقوق والسياسة والمجمع المضطهد داخل محور اهتمامه. ومنذ زمان تأسيس الجامعة في إيران لطالما كانت هيمنة التخلف والاستبداد هو محور اهتمام الطلاب والأساتذة التقدميين.

حيث كان هناك دائما صراع وتعارض شديد بين الطالب والحكم السياسي. وهذا الصراع استمر من جيل إلى جيل بين طلاب إيران ضد الدكتاتورية الحاكمة. بحيث أنه من أجل الوصول للديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية لا يمكنك أن تجد فرقا بين أهداف طلاب ستينات القرن الماضي مع طلاب العقد الثاني من القرن الحالي. فالطالب والجامعة في حالة فقدان الحرية والعدالة الاجتماعية كانت في صراع مستمر مع السلطة السياسية. وبعد الثورة التي قامت ضد الملكية في فبراير 1979 تم خلق مناخ جديد تمكنت فيه القوى الجامعية المتشكلة والمنظمة والتي تلقت في السبعينيات من القرن الميلادي ضربات قاسية من قبل دكتاتورية النظام البهلوي من التطرق للنشاطات بشكل علني. وهذه القوات التي كانت تعيش في ظروف الكبت التي خلقها النظام البهلوي استطاعت رغم جميع الضغوط المطبقة عليها أن تبقى ذات ديناميكية وعند الكشف العلني عنها خلقت انفجارًا اجتماعيًا ضخمًا.

وخاصة منظمة مجاهدي خلق التي تحولت خلال مدة قصيرة جدا إلى أكبر تيار سياسي غير حكومي في البلاد وخلال فترة قصيرة أيضا أرعبت خميني وعصابته أيضا.

الجامعة في تلك الأثناء كان لها دور مفتاحي وأساسي. بحيث أنها كانت المكان الأساسي للاجتماعات والتجمعات السياسية. وبالطبع كان لمجاهدي خلق العدد الأكبر من المناصرين والمؤيدين بين الطلاب والجامعيين.

في تلك الظروف تم سحب كل الجامعات بشكل كامل خارج سيطرة خميني وهذا الديكتاتور كان يفهم جيدا معنى هذه المواجهة ونتائجها. وكان يعلم في قرارة نفسه بأن ايدولوجيته الرجعية لا يمكن لأحد أن يشتريها في الجامعة. لقد كان شيئًا ملموسًا جدًا أن تجد الجامعة في خدمة منظمة مجاهدي خلق والقوى السياسية التقدمية الأخرى. لذلك أحس خميني بأن الجامعة ليست ورقته الرابحة واعتبر أن السبيل الوحيد لإغلاق الجامعات بحجة «الثورة الثقافية» هو من خلال إبعاد مجاهدي خلق القوى التقدمية الأخرى عن الجامعة.

خميني قالها صراحة وكررها عدة مرات: "نحن كل مصائبنا تأتي من الجامعة" لذلك، من أجل جعل هذه المؤسسة التقدمية تحت مظلة أفكاره القمعية والرجعية شكل مؤسسات تبدو أنها طلابية ظاهريا ولكنها مرتبطة أساسا به وعندما لم تنجح مؤامراته ومخططاته قام بإغلاق الجامعة علنيا وأقدم على تصفيتها تحت ما سماه بتنقية صورة المشكلة.

مشروع خميني المعروف بـ الثورة الثقافية تم تنفيذه وإدارته من قبل المرتزقة والانتهازيين حيث بعد تصفية الجامعة بفترة وجيزة تم تمهيد الأرضية المناسبة للإعدام وإطلاق النار على آلاف الطلاب والطالبات الأحرار والتقدميين وبعد أن نظف ومسح أيديه الملطخة بالدم لبس ثياب الإصلاحي ليصنف أعمال الطلاب التقدميين الذين تم إعدامهم تحت بند " العنف". إن إعدام أكثر من ١٢٠ ألف فتاة وشاب مجاهد في الثمانينيات يظهر بوضوح كيف تم خلع الجامعات الإيرانية من ثوبها الثوري والتقدمي من قبل خميني وعملائه المتمثلين في أتباع حزب الله في ذاك الوقت والإصلاحيين الخلبيين اليوم.

ولكن على الرغم من جميع المؤامرات والدسائس القمعية لعصابة خميني وخامنئي للهيمنة على الجامعة فإن الشعب الإيراني لن ينسى أبدا انتفاضة ٩ يوليو ١٩䀣. تلك الانتفاضة الطلابية التي هزت أركان الفاشية الدينية بشكل حقيقي وقدمت حينها ٣ شهداء ومئات الجرحى والمعتقلين فداءا لصرح الحرية وبذلك أفشل الطلاب الإيرانيون المخطط الخبيث للهيمنة على الجامعة من قبل عصابات الفاشية الدينية الحكومية.

ومنذ ذلك الحين، كانت الجامعة تعاني من عدم الاستقرار وكانت في طليعة الاحتجاجات والثورات المناهضة للحكومة.

سعت إلى العثور على مسار بعيد عن عناوين عصابات الحكومة القمعية من خلال ارتباطها وانضمامها للثورات الاجتماعية والسياسية. وهذه المساعي والجهود ظهرت نتائجها في ٣٠ ديسمبر 2017 والطلاب والجامعة من خلال الشعار الاستراتيجي (ايها الإصلاحي وأيها الأصولي لقد انتهى الأمر) نفوا نظام ولاية الفقيه بشكل تام ووضع أنفسهم في موقف المبادرة السياسية. وها هي الحركة الطلابية الآن تتمتع بامتيازات كبيرة جدا.

هناك بديل ديمقراطي قوي يتمتع بخبرة وتجرية طويلة في النضال والتنظيم ضد الدكتاتورية وجميع مسؤولي هذا النظام اعترفوا بذلك عدة مرات. هذا البديل هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مع قوته المحورية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي ولدت من رحم الحركة الطلابية الإيرانية بقيادة جامعيي الستينيات أي محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلي اصغر بديع زادغان. إن وجود هذا البديل الديمقراطي قد هيأ إمكانية تنظيم القوات ومراكز التمرد بهدف إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الرجعية والمتخلفة ووضع موضوع إحلال الديمقراطية والسلام في المنظور القريب جدا.