"يوم لم ينته" يستحضر صدى انفجار بيروت رسما وعزفا ارتجاليين

عرض أدائي يشخّص، بالتزامن مع الذكرى الأولى لحادث انفجار مرفأ بيروت، "الصدمة الجماعية التي تفوق الخيال" جرّاء هذه التجربة التي لم يستفق منها بعد الكثير من اللبنانيين.
تجارب لحظوية موسيقية ترافقها رسوم تترجم مشاعر لبنانيين عاشوا تجربة الانفجار

بيروت - برسوم لوجوه حزينة ومشوهة وظلال أشخاص يرفعون أيديهم أو يمدونها، يترجم  أحمد عامر ارتجاليا على وقع عزف حيّ، مشاعر لبنانيين عاشوا تجربة انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، في عرض أدائي بعنوان "يوم لم ينته"، قبل أقل من أسبوعين على الذكرى الأولى لهذا الحدث المروّع.

يتناول العرض، الذي انطلق الخميس في بيروت ويستمر ثلاثة أيام، وفق الملف التعريفي عنه، "الصدمة الجماعية التي تفوق الخيال" جرّاء هذه التجربة.  وأودى الانفجار الذي عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا اجراءات وقاية، بحياة أكثر من 200 شخص وتسبب بجرح نحو 6500 ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة.

ويشير المخرج علاء ميناوي إلى أن العرض يرتبط "بالتداعيات النفسية للانفجار على كل من عاشه وكل من هو مرتبط بلبنان بطريقة ما".

وشرح الملف التعريفي  أن بيروت "علّقت  أنفاسها" لحظة الانفجار "وكثر ما زالوا غير قادرين على إخراج ذاكَ النفس" إلى اليوم. وقال ميناوي "هذا النفس علق في مكان ما داخلنا ولم نستطع إخراجه بل لا يزال عالقا بفعل الصدمة". 

وأضاف أن العرض الذي يقام على مسرح مونو الواقع في منطقة قريبة من المرفأ وتضرر من الانفجار "يطرح سؤالا واحدا: هل يمكن أن نتنفس مجددا وكيف".

يتميز هذا العرض بطابعه التفاعلي.  وطلب الفنانون من أفراد الجمهور الذين أتيح لهم حضور العرض مجانا، مشاركتهم "حكاياتهم الشخصية مع التفجير" بالبريد الإلكتروني، لكي يسعى  فلاديمير كورومليان على البيانو وأحمد عامر على منصة الرسم إلى تحويلها ارتجاليا "تجارب لحظوية موسيقية ترافقها رسوم".

صدمة جماعية تفوق الخيال غبارها بعد لم ينجل بعد
صدمة جماعية تفوق الخيال غبارها بعد لم ينجل بعد

بدا المسرح بأكمله أشبه بلوح رسم أبيض اللون، بشاشته العملاقة وأرضيته والبيانو، وحتى بثياب الراوي وعازف البيانو.

وعلى الخشبة، يقرأ  الراوي (ميناوي) الشهادات التي تلقاها بالبريد الإلكتروني. وينفذ عامر رسومه بواسطة الكمبيوتر من غرفة التحكم فيما يعزف كورومليان على الخشبة. وفي الرسوم التي تظهر على كل مساحة العرض، خطوط متوترة ودوامات حائرة ووجوه وعيون دامعة وأياد مرفوعة في حركة استغاثة أو ممدودة كما لو كانت تحاول الإنقاذ، ويصل التعبير عن المأساة إلى ذروته حين تتحول الخطوط السوداء إلى حمراء.

وحرص أصحاب العمل الذي يقدم بالتعاون مع مؤسسة هينرش بُل الألمانية التي تعنى "بالبيئة والتنمية المستدامة والديمقراطية وحقوق الإنسان وتقرير المصير والعدالة" على أن يوضحوا أنهم لا يدعون من خلال العرض توفير "أي قدرات شفائية".وشرح ميناوي أن العرض "يتمحور على التحويل". ورأى أن "الكلمات قد لا تكون كافية إلا في وصف التجربة، أما الموسيقى والرسم فيساهمان في تحويلها أعمالا فنية".

وأضافوا "لا يندرج عملنا في خانة الدعم النفسي الاجتماعي. كما أننا ما زلنا نحاول مثل الجمهور التعامل مع تداعيات الفاجعة. والأهم أننا نؤمن بشكل قاطع لا لبس فيه أن الشفاء يمكن فقط بلوغه عندما تتحقق العدالة".

العرض، الذي يقام على مسرح مونو الواقع في منطقة قريبة من مرفأ بيروت وتضرر من الانفجار، "يطرح سؤالا واحدا: هل يمكن أن نتنفس مجددا وكيف".